-->

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

تحميل كتاب ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها PDF برابط ميديا فير مباشر



مقدمة عن الأسماء الحسنى

1- أسماء الله تعالى توقيفية
مذهب جمهور العلماء أن أسماءَ الله تعالى توقيفية؛ أي لا يجوز الاجتهاد فيها أو القياس أو التشبيه أو التعطيل أو التأويل أو التحريف؛ لأنها من الأمور الغيبية التي لا تُعلم إلا بما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فهذا الباب ليس من  أبواب الاجتهاد.
والإلحاد في أسماء الله سبحانه هو العدول بها وبحقائقها ومعانيها عن الحق الثابت لها.
من أنواع الإلحاد:
1- أن يُسَمَّى الأصنامُ والأوثانُ بها؛ كتسمية المشركين اللات من الإله، والعزَّى من العزيز، ومنَاةَ من المنَّان، وتسميتهم الصَّنَم إلهًا.
2- تسمية الله بما لا يليق بجلاله؛ ومن ذلك تسميةُ النَّصارى له (الأب)، وتسمية الفلاسفة إياه (العلة الفاعلة)، وتسمية بعض أهل الضلال له بـ (مهندس الكون)، أو ما جرى على ألسنة بعض العوام من أسماء ليست لله؛ كقولهم في كُرَبهم (يفرجها أبو غيمة الذي لا تنام عينه) ونحو ذلك؛ فكلُّ ذلك من الإلحاد في أسماء الله.
3- تعطيلُ الأسماء عن معانيها وجَحدُ حقائقها؛ كما قال ابنُ عباس رضي الله عنه: "الإلحاد التكذيب"؛ ومن ذلك قولُ المعَطِّلة: إنها ألفاظٌ مجرَّدةٌ لا تَدُلُّ على معان، ولا تتضمن صفات؛ تعالى الله عما يقولون.
4- تَشْبيهُ ما  تضمَّنَتْه أسماءُ الله الحسنى من صفات عظيمة بصفات المخلوقين، والله يقول: }لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ{.

2- أهميتها
أهميتها عظيمة ومنزلتها في الدين عالية:
1- أنها أصلُ الإيمان وأصلُ العلم.
2- أنها قسم من أقسام التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.
3- عبادة الله على بصيرة وعلى الوجه الأكمل، ولا يتم ذلك إلا بمعرفة أسمائه الحسنى، والتَّفَقُّه في معانيها.
4-  الدُّعاء بها قبل معرفتها مُحال.


3- فَضْلها:
لمعرفتها والعمل بها فضائلُ لا تُحْصَرُ:
1- دخول الجنة؛ وهو وعدٌ إلهيٌّ، والله حَقٌّ، ووعدُه حَقٌّ.
2- كَسْبُ البركة؛ }تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ{.
تبارك: تفاعل من البركة، والمعنى أن البركة تُكْتَسَبُ وتُنال بذكر اسمه.
3- التَّقرُّبُ لله ونَيْلُ معيَّته الخاصَّة.
4- من أسباب إجابة الدعاء }فَادْعُوهُ بِهَا{.
5- معرفة مدلولاتها والعمل بمقتضاها أهمُّ مصادر السَّعادة الحقيقية؛ فمن  عظم عنده أمرُ الله صغر عنده كلُّ أمور الدنيا.
6- كلما حَسُنَت معرفة العبد بأسماء الله حَسنَ ظَنُّه بالله.
7- كلما ازداد العبدُ معرفة بأسماء الله وصفاته ازداد إيمانُه وقَويَ يقينُه.
8- من كان بالله أعرف كان له أخوف ([1]) .

4- معاني (الحسنى):
أسماءُ الله تعالى وصفاته كلُّها حسنى؛ أي بالغة في الحسن غايته، والحسنى تأنيثُ الأحسن؛ كالكبرى والصغرى تأنيث الأكبر والأصغر، ووَرَدَ وَصْفُها بالحسنى في أربعة مواضع من القرآن الكريم، ولوصفها بالحسنى عدة وجوه:
1- أنَّها دالَّةٌ على صفات كمال عظيمة.
2- شرف العلم بها؛ فالعلم بأسمائه أشرفُ العلوم.
3- ما وعد عليها من الثواب بدخول الجنة لمن أحصاها، والثواب عند الذكر للعبد، وجزيل العطاء عند التَّوَسُّل بالدُّعاء.
4- لكونها حسنةً في الأسماع والقلوب.
5- من تمام كونها حسنى أنه لا يُدعى إلا بها.

5- كيف ندعوه بها؟
تشمل }فَادْعُوهُ بِهَا{ دعاءَ المسألة والطَّلَب ودعاءَ العبادة والثناء؛ فلا ندعوه ولا نسأله ولا نُثْني عليه إلا بأسمائه الحُسنى وصفاته العلى:
1- دعاءُ المسألة والطَّلَب:
أن تبدأ دعاءك بتعظيم الله وتنزيهه، ثم تُقَدِّم بين يدي مطلوبك من أسماء الله - تعالى - ما يكون مناسبًا؛ مثل أن تقول: يا غفور اغفر لي. ويا رحيم ارحمني. ويا حفيظ احفظني. ونحو ذلك.
ومن يتدبَّرُ الأدعيةَ الواردةَ في القرآن أو في السُّنَّة يجد أنه ما من دعاء منها يختم بشيء من أسماء الله الحسنى إلا ويكون في ذلك الاسم ارتباطٌ وتناسُبٌ مع الدُّعاء المطلوب؛ كقوله تعالى: }رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{.
2- دعاءُ العبادة والثَّناء:
أن تتعبَّد لله تعالى بمقتضى هذه الأسماء؛ فتقوم بالتوبة إليه لأنه التواب، وتَذْكُرُه بلسانك لأنَّه السميع، وتتعبَّدُ له بجوارحك لأنَّه البصيرُ، وتخشاه في السِّرِّ لأنه اللطيف الخبير، وتتوكل عليه بهمومك لأنَّه الوكيلُ الكافي، وعلى هذا النَّحْو في كلِّ أسمائه.

6- هل هي 99 اسمًا فقط؟
اتَّفَقَ علماءُ المسلمين على أنَّ أسماءَ الله تعالى أكثرُ من تسعة وتسعين وغيرُ محصورة بعدد معيَّن؛ كما نقل النَّوَويُّ وابنُ تيمية وغيرُهم من أهل العلم؛ إذ لا يجوز أن تتناهى أسماؤه؛ لأنَّ مدائحَه وفواضلَه غيرُ متناهية؛ فكلُّ اسم متضمِّنٌ صفةً، ومن الصفات ما يتعلَّق بأفعال الله، وأفعاله لا مُنْتَهَى لها.
وأَيَّدَ ذلك ابنُ القَيِّم: «أن الأسماءَ الحسنى لا تَدْخُلُ تحت حَصْر ولا تُحَدُّ بعدد؛ فإن لله تعالى أسماءً وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده، لا يعلمها ملك مقرب، ولا نبيٌّ مُرْسَلٌ». ثم اسْتدلَّ بالحديث عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «أسألُكَ بكُلِّ اسم هُوَ لَكَ سَمَّيتَ به نَفْسَكَ أوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا منْ خَلْقِكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ في كِتَابِكَ أَوِ اسْتَأْثَرتَ به في عِلْمِ الغَيبِ عِنْدَكَ»([2]) .
وقال الخطابيُّ وغيرُه أنَّ معنى التِّسعة وتسعين إنَّما هو المُشرع بالدعاء بها، وغيرها من الأسماء لم يشرع لنا الدعاء بها.
وأشار البيهقيُّ بأنَّ تحديدَ تسعة وتسعين اسما لا يَنْفي غيرَها؛ وإنما وقع التَّخْصيصُ بذكرها لأنَّها أشهرُ الأسماء وأَبْيَنُها معاني، وفيها وَرَدَ الخبرُ أنَّ مَنْ أحصاها دخلَ الجنَّة.
إذن ما المقصود بـ99؟
المقصودُ كما ذَكَرَ جمهورُ العلماء هو الإخبارُ عن دخول الجنة بإحصاء 99 اسمًا من أسماء الله تعالى، و(إن) الواردةَ في الحديث خبرٌ لـ (من أحصاها) بمعنى (إنَّ مَنْ أحصاها)، وذَكَرَ النَّجْديُّ في قول (تسعة وتسعون مائة إلا واحد): "هو تكرار للتأكيد".

7- معنى (أحصاها):
تحتمل عدةَ وجوه حَصَرَها ابنُ القَيِّم والخَطَّابيُّ في مراتب ثلاثة متقاربة:
1- الحفظ: إحصاءُ ألفاظها وعددها؛ أن يعدَّها حتى يستوفيها حفظًا كما قال به البخاريُّ والنَّوَويُّ، واستدلَّ براوية مسلم الأخرى للحديث: «مَنْ حَفِظَهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ».
2- الفهم: فهم معانيها ومدلولها وحسن مراعاتها.
3- الدُّعاء: دعاؤه بها دعاءَ ثناء وعبادة، ودعاء طلب ومسألة.
قال القرطبيُّ عن مراتب إحصاء أسماء الله: «من كَرَم الله – تعالى - أنَّ مَنْ حَصَلَ له إحصاء هذه الأسماء على إحدى هذه المراتب مع صحَّة النِّيَّة أن يُدْخلَه اللهُ الجنةَ؛ وهذه المراتب الثلاثة للسابقين والصِّدِّيقين وأصحاب اليمين».

8- من أحصاها؟
لم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم حديث حصر فيه أسماء الله الحسنى؛ ومن قام بحصرها هم ثلاثة من رواة الحديث اجتهادًا منهم، ثم ألحقوها بالحديث الوارد عن الرَّسول بأنَّ لله تسعةً وتسعين اسمًا؛ فالْتَبَسَ على بعض العامَّة أنَّها واردةٌ عن الرَّسول؛ ولذا تَتَبَّعَ عددٌ من العلماء الطُّرُقَ التي وردت فيها الأسماء فوجدوها جاءت من ثلاثة طرق كلُّها ليست عن الرسول صلى الله عليه وسلم:
الطريق الأولى - وهي الأشهر بين الناس - عن الرَّاوي (الوليد بن مسلم)، أخرجها:
1- التِّرْمذيُّ في سُنَنه (3849)، كتاب الدَّعَوات.
2- ابنُ حبَّان في صحيحه، موارد الظمآن (2384).
3- الحاكم في المستدرك، (1/16).
4- ابن منده في كتاب التوحيد، (2/205).
5- البيهقيُّ في السُّنَن الكبرى، كتاب الإيمان (20312).
الطريق الثانية: عن الرَّاوي (عبد الملك بن محمد الصَّنعاني)، أخرجها: ابنُ ماجه في سننه، باب الدعاء (3994).
الطريق الثالثة: عن الرَّاوي (عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان)، أخرجها:
1- الحاكم في المستدرك (1/17).
2- البيهقي في الأسماء والصفات.
وهذه الرِّوايات الملحقة بالحديث هي اجتهادًا منهم وليست إلزامًا للأمة، ومن الخطأ التَّعْويلُ على هذا العَدِّ وقَصْرُ النَّاس عليه؛ فعلى سبيل المثال: في الكتاب والسُّنَّة أسماء ليست في رواية الوليد؛ مثل اسم "الرب" و"المنان" و"الوتر" و"الشافي"، وغيرها كثير.
وقال شيخ الإسلام ابنُ تيمية - رحمه الله - عن هذه الرِّوايات الثَّلاثة: "قد اتَّفَقَ أهلُ المعرفة بالحديث على أنَّ تلك الرِّوايات ليست من كلام النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ وإنَّما من كلام بعض السَّلَف، ونَقَلَ ابنُ حجر عن ابن عطيَّة - رحمهما الله - قوله: "حديثُ التِّرْمذيِّ ليس بالمتواتر، وبعضُ الأسماء التي فيه شذوذٌ".
لأجل ذلك اختلفت قائمةُ أسماء الله الحسنى باختلاف العلماء حولها؛ فظهرت أسماءُ كثير منهم أعادوا جمعَ وحصرَ الأسماء الحسنى؛ مثل الخطابي والقرطبي وابن القيم الذي ألف قصيدة (النُّونيَّة)؛ رَصَدَ وشرح فيها أسماءَ الله ومعانيها في ستة آلاف بيت.
والشيخ السعديّ وابن عثيمين، وأخيرًا الشيخ ابن باز الذي أشرف على قائمة أَعَدَّها الشيخُ سعيد بن وهف القَحْطانيّ؛ وهي التي أخذنا بها في الكتاب مع إسقاطنا لاسم (جامع الناس ) مستعيضين عنه باسم (الوتر) الذي أورده الشيخ القحطانيُّ ضمنَ أسماء تزيد على التسعة وتسعين؛ وذلك لاختلاف العلماء حول اسم (جامع الناس) أنه من الأسماء المشْتَقَّة من الأفعال المقيَّدة بزمن أو مكان مخصوص؛ أي أنه بيوم القيامة فقط؛ }رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ{ [آل عمران: 9]، وليست مطلقةً على كلِّ حال.


الاسمُ الأعظمُ
لله اسمٌ أعظم من كُلِّ أسمائه الحسنى تُلَبَّي به مطالبُنا ويُسْتجابُ دعاؤنا، وقد نَبَّهَ الشَّيخُ السَّعيدُ - رحمه الله - على خطأ؛ ظَنَّ الناسُ بأنَّ الاسم الأعظم لا يعرفه إلا مَنْ خَصَّه الله بكرامة خارقة للعادة؛ فإنَّ اللهَ حَثَّ على معرفة أسمائه وأثنى على مَنْ عرفها وتَفَقَّه فيها ودعا بها.
أَدلةُ ثبوت الاسم الأعظم
1- عن بُرَيْدة الأَسْلميِّ أَن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم سَمعَ رَجُلاً يَقُولُ: «اللهُمَّ إنِّي أَسألكَ أَني أَشهَدُ أَنكَ أنتَ اللهُ لاَ إله إلا أنتَ الأحَدُ الصَّمَدُ الذي لمْ يَلدْ وَلَمْ يُولد ولم يَكنْ لَهُ كُفوًا أحدٌ». فقال: «لَقدْ سَأَلتَ  اللهَ بالاسم الذي إذا سُئلَ به أعطى وَإذا دُعي به أجَابَ» ([3]) .
2- عن أنس أنهُ كَانَ مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم جَالسًا وَرَجُلٌ يُصَلِّي ثُمَّ دَعَا: «اللهُمَّ إنَّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ لَاَ إِلاَّ أَنْتِ المنَّانُ بَديعُ السَّموات وَالأَرْض يَا ذَا الجلال وَالإكْرَام يَا حَيُّ يَا قّيُّومُ». فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ دَعَا اللهَ بِاسْمِه الْعَظيم الذي إذا دُعي به أجَابَ وإذَا سُئل به أعطى»([4]) .
3- عَنْ أَبي أُمَامَةَ عَن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اسْمُ اللهِ الأَعظَمُ الذي إِذَا دُعي به أَجَابَ في سُوَر ثَلاثَ البَقَرة وآلِ عِمْرَانَ وَطَهَ»([5]) .
ما سببُ إخفاء الاسم الأعظم؟
قيل: إنه مخفيُّ التَّعْيين كليلة القدر وساعة الإجابة يوم الجمعة؛ لتحفيز المؤمن على طلب كلِّ الأسماء الحسنى بالثَّناء والدُّعاء.
ما هو اسمُ الله الأعظمُ؟
اختلف العلماء حولَ تحديد الاسم الأعظم؛ بعضُهم صَرَّحَ به، والبعض الآخر رَفَضَ تعيينَه للناس حثًّا لهم على إحصاء الأسماء الحسنى والأخذ بها جميعًا؛ لكن يلاحَظُ أنَّ الاسمَ المتكررَ في الأحاديث الثَّلاثة السابقة هو (الله)؛ وَرَدَ في الحديث الأول، وورد في الحديث الثاني بصيغة (اللهم) بزيادة ميم في آخره.
وقد اختلفت الأقوال في الحديث الثالث؛ قيل: إن الاسمَ في السور الثلاث هو (الحيُّ القيوم)؛ حيث لم يرد مقرونًا إلَّا في هذه السُّوَر الثَّلاث، وقيل: بل إنَّه تأكيدٌ على أنَّه (الله)؛ لورودها في هذه السُّوَر (الله لا إله إلا هو)، وزادوا على ذلك بسَرْد تَمَيُّز اسم الله عن غيره بخصائص سنوردها لاحقًا؛ قال بذلك ابنُ القَيِّم والخَطَّابيُّ والقُرْطبيُّ والطَّبَريُّ وغيرُهم.
ملاحظات على أسماء الله
- جاءت معظمُ الأسماء الحُسْنَى على صيغ مبالغة من "فعلان"؛ مثل (رحمان)، و"فعيل"؛ مثل (رحيم)، و"فعول" مثل (غفور)، و"فعال" مثل (غفار)؛ كدلالة على استمرارية معنى الاسم وكَثْرته.
والمبالغةُ أن يَذْكُرَ المتكلِّمُ وَصْفًا فيزيد فيه حتى يكون أبلغَ في المعنى الذي قَصَدَه.
- لله تعالى صفةٌ تَحْصُل من اقتران أحد الاسمين والوَصْفين بالآخر؛ وذلك قدرٌ زائدٌ على مُفْرَدَيْهما؛ نحو (الحميد المجيد).
- بعضُ الأسماء المزدَوَجة لا يَجوز أن تُطْلَقَ بشكل منفرد عن الآخر؛ مثل (المقدم والمؤخر)، و(القابض والباسط).
- لا يجوز أن يَتَّصفَ اللهُ بأضداد صفاته؛ فلا يُوصَفُ بضدِّ العُلُوِّ وهو السُّفول، ولا يوصَف بضدِّ العظيم وهو الحقير.
- بعضُ الأسماء لا يَصحُّ إطلاقُه على البَشَر؛ مثل: الله، الرحمن، الخالق، الخلاق، البارئ، ونحوها.
- يجوزُ إطلاقُ بعض الأسماء على البشر مضافة مثل: ربّ الدار.
- لا يُشرع ذكر اسم الله أو أي من أسمائه مفردًا كما يلجأ بعض الجهلة إلى ترديده مفردًا ألف مرة وأكثر في حلقات متمايلين؛ حيث لم يَرد في الأذكار الصَّحيحة إلا مقرونًا بتنزيهه والثَّناء عليه.
- الإيجازُ والإطناب في شرح الاسم حسب ما تَوَفَّر لنا من المراجع حولَه وحَسَب ما فَتَحَ اللهُ علينا من الفهم، وليس تقصيرًا في حقِّ أَيٍّ من أسماء الله الحسنى.
- تكرار سَرْد بعض الآيات والأحاديث أمرٌ يَقْتضيه شرحُ الاسم.
- مُيِّزت الأسماءُ الواردةُ في القرآن باللَّوْن الأَزْرق، وعددُها 86 اسما.
- ومُيِّزَت الأسماء الواردة في السُّنَّة باللَّون الأسود، وعددُها 13 اسما.
- جاء تقسيم أعمدة جدول الأسماء بحسب الاسم؛ ودليلُه وعددُ المرَّات التي ورد فيها في القرآن:


فادعــوه بهــا
1
الله
الرحمنُ
الرَّحيمُ
الرَّبُ
الإلهُ
2
الأولُ
الآخرُ
الظَاهِرُ
الباطنُ
العَلي
3
الأعلى
المتعال
العظيم
الكبيرُ
الحميدُ
4
المجيد
الواحدُ
الأحَدُ
الصَّمَدُ
الحي
5
القَيُّومُ
بديع السماوات والأرض
نور السماوات والأرض
ذو الجلال والإكرام
مالك الملك
6
المليكُ
الملكُ
القُدوسُ
السلامُ
المُؤمنُ
7
المُهيمنُ
العزيزُ
الجبارُ
المُتكَبُرَّ
الخلاق
8
الخالقُ
البارئُ
المصورٌ
القَادرُ
القدير
9
المقتدر
القاهرُ
القهارُ
القَويُّ
المتين
10
الحق
المُبينُ
السميعُ
البصيرُ
العليمُ
11
الخبير
الشَّهيدُ
الحَسيبُ
الرقيبُ
القريبُ
12
المجيبُ
العفُوُّ
الغفورُ
الغَفّارُ
الحليمُ
13
الرؤوفُ
التَّوَّابُ
البَرُّ
الودودُ
الشاكرُ
14
الشكور
اللطيفُ
المُحيطُ
الوَاسعُ
الوهابُ
15
الغني
الكريمُ
الأكرَمُ
الرازقُ
الرزاقُ
16
الفَتاح
المُقيتُ
الهَادي
الحكمُ
الحكيمُ
17
الوكيل
الحَفيظُ
الولي
المولى
النصيرُ
18
الكافي
الشافي
الرفيقُ
الجَميلُ
القابضُ
19
الباسط
المُعطي
المُقدمُ
المُؤَخرُ
المنّانُ
20
السيدُ
الحييُّ
السِّتِّيرُ
الوَتر

من حفظها دخل الجنة






شرح الأسماء الحسنى



الرقم
الاسم
الدليل من القرآن أو السنة
ورد ذكره في القرآن الكريم

1
الله
بسم الله الرحمن الرحيم
1750مرة
المألوهُ المعبودُ ذو الألوهيَّة والعبوديَّة على خلقه أجمعين، و(الله) أصلُه الإله، واسم الله هو الجامع لجميع الأسماء الحسنى والصفات العلى، وأعمها مدلولاً.
و(اللهم) هو اسم (الله) أضيف إليه حرف (م) لأسباب عدة؛ قيل: إنَّ "الميم" جاءت عوض حرف النداء؛ لذلك لا يجوز أن يقول: "يا اللهم"، ولا يجوز أن يوصَفَ به، وقيل: زيدت للتعظيم والتفخيم. و(الميم) في كلام العرب من علامات الجمع، وقال الحسن البصريُّ: (اللهم) مجمع الدعاء. وقال العطاردي: "إن (الميم) فيها تسع وتسعون اسما". وقال النَّضْرُ بنُ شميل: " من قال (اللهم) فقد دعاه بجميع أسمائه".
خصائصُ اسم الله بتصرف وزيادة عما أوردها النجديُّ عن فخر الدين الرازي في كتابه (شرح أسماء الله الحسنى):
1- أنَّه اسمٌ علمٌ، وليس مشتقًّا كسائر الأسماء المشتقَّة من الأفعال والصِّفات.
2- أنَّه اسمٌ لم يطلق على غير الله تعالى؛ إذ قبض الله الألسنةَ عن التَّسَمِّي به؛ }هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا{ [مريم: 65].
3- أنَّه الأصلُ في أسماء الله، وسائر الأسماء مضافة إليه؛ }وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا{، ولا ينسب هو إلى شيء منها؛ مثالُ ذلك يقال: العزيزُ من أسماء الله، ولا يقالُ: اللهُ من أسماء العزيز.
4- أنَّه دالٌّ على جميع الأسماء الحسنى.
5- من خاصية الاسم أنَّ الألفَ واللامَ من بنية هذا الاسم ولم تدخل عليه للتعريف عنه؛ والدليلُ أنَّها تبقى مع دخول حروف النداء (يا الله)، وحروفُ النداء لا تَجْتَمع مع ألف لام التعريف؛ فَتَسْقُط؛ كما في بقية الأسماء (يا رحمن)؛ حيث لا يُقال: (يا الرحمن). وقيل: بل إن عدمَ سقوط (أل) التعريف عنه دليلٌ على أنَّ هذه المعرفةَ أبديةٌ لا تَزول.
6- أنَّه أَوَّلُ اسم في أَوَّل آية في القرآن: }بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{ [الفاتحة: 1، 2]؛ كما أنه آخر ما ذكر من الأسماء }قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ{.
7- في قوله تعالى: }قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ{ [الإسراء: 110]: خَصَّ هذين الاسمين بالذِّكْر عن غَيْرهما لشرفهما، وإن كان اسم (الله) أشرفَ؛ لتَقَدُّمه في الذِّكر عن الرحمن، ولخصائصه هذه.
8- كلمة الشهادة التي تنقل من الكفر للإسلام لم يذكر فيها إلا هذا الاسم: (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله)، ولا تصحُّ الشَّهادةُ بقوله: "أشهد أن لا إله إلا القدوس" أو غيره؛ عدا اسم الله.
9- لعظم شَرَفه يَرْفَعُه اللهُ من الأرض في آخر الزمان إذا قبض روح المؤمنين؛ قال صلى الله عليه وسلم: «لا تَقُومُ الساعةُ عَلى أَحد يَقُولُ اللهُ الله»([6]) .
10- اختصَّ بالأذان والتَّكْبير في الصلاة.
11- اختص في القسم بحالة لا تكون لغيره من الأسماء: تالله، أيمن الله.
12- أنَّ أحبَّ الأسماء إلى الله "عبد الله" و"عبد الرحمن"؛ كما جاء في الحديث ([7]) .
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
إذا تَدَبَّرَ المؤمنُ اسمَ الله عَرَفَ أنَّ له جميعَ معاني الألوهيَّة؛ فإذا تقرَّر عندَه أنَّ اللهَ وحدَه المألوهُ خضع له وخشع وأَلْزَمَ قلبَه هَيْبَتَه وتعظيمه، وعَلَّقَ بربِّه حبَّه وخوفَه ورجاءَه وأنابَ إليه في كلِّ أموره وقَطَعَ الالتفاتَ إلى غَيْره من المخلوقين ممَّن ليس لهم حولٌ ولا قوة إلَّا بالله العليم العظيم.
2
الرحمن
}بسم الله الرحمن الرحيم{ [الفاتحة: 1]
57 مرة
مُتَضَمِّنٌ للرَّحْمة الكاملة التي قال عنها النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «للهُ أرحمُ بعباده من هذه بولدها». مشيرًا لأمٍّ في السَّبْي وجدت صَبيَّها فَأَلْصَقَتْه ببطنها وأَرْضَعَتْه([8])، ومتضمِّنٌ أيضًا للرَّحْمة الشَّاملة التي قال الله تعالى عنها: }وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ{. [الأعراف: 156].
وقال بعضُهم: إنَّه اسمُ الله الأعظم؛ لشرف ذكره مع اسم الله؛ }قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى{ [الإسراء: 10].
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
أَلْزَمَ اللهُ تعالى نفسَه الرحمةَ وهو الآمرُ النَّاهي، لا يُلْزمُه شيءٌ أمامَ عباده }كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ{ [الأنعام: 54]؛ اسْتَوَى اللهُ – تعالى - على العرش بهذا الاسم: }الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى{ [طه: 5]، وكَتَبَ على عَرْشه أنَّ رحمتَه سَبَقَتْ غَضَبَه ([9]) .
عرشُه الذي وسع المخلوقات بصفة رحمته التي خلق منها مائة رحمة؛ الواحدةُ منها طباقُ ما بين السَّماء والأرض؛ أنزل منها واحدةً للأرض يتراحم بها خَلْقُه؛ بها تَعْطف الوالدةُ على ولدها، والطيرُ والبهائمُ فيما بينها.
وفي سورة الرحمن المرتبطة بمعاني هذا الاسم ختمها – تعالى – بقوله: }تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ{ [الرحمن: 78]؛ فالاسمُ الذي تبارك قيل أنَّه الاسمُ الذي افْتَتَحَ به السورة (الرحمن) وسمَّاها به؛ إذ هو مصدرُ البركة؛ فكلُّ ما ذكر عليه هذا الاسم بورك فيه.
قَسَّمَ بعضُ أهل العلم رحمةَ الله إلى نَوْعَين؛ رحمة خاصَّة بالمؤمنين، ورحمةً عامَّةً للبَرِّ والفاجر؛ فمن رَحْمَته العامَّةَ إرسالُ الرُّسُل والكتب السَّماويَّة وآيات الكون ونظامه الدَّقيق؛ فالنِّعَمُ كلُّها من آثار رحمته التي وسعت كلَّ شيء وعَمَّتْ كلَّ مخلوق في أرزاقهم وأسباب معايشهم ومصالحهم، وبعضُ نعمه تَسَمَّتْ في القرآن بالرَّحْمة؛ كالمطر والرِّزق والجنَّة.
للمؤمنين رحمةٌ خاصَّةٌ يمكن اكتسابُها بأعمال جاء وَصْفُها بالتالي:
}وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ{ [الأعراف: 156]، }وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ{ [آل عمران: 132]، }لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ{ [النمل: 46].
وللمحسنين المتَّقين من رَحْمته النَّصيبُ الوافرُ والخيرُ المتكاثرُ؛ }إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ *{ [الأعراف: 56]، وإن حَصَلَ للمؤمن رحمةٌ في الدُّنْيا ورحمةٌ في الآخرة كانت هذه الرَّحمةُ الكاملةُ المطْلَقَةُ المتَّصلةُ بالسَّعادة الأَبديَّة، والمحرومُ منها هو مَنْ أَبَى وتَوَلَّى عن عبادة الله.




3
الرحيم
}لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحيم{
[البقرة: 163]
114 مرة
الرحيم والرَّحمن اسمان مشتقَّان من الرَّحمة؛ لكن "الرَّحمن" أشدُّ مبالغةً من الرحيم؛ حيث شمل "الرحمن" الخلقَ كُلَّهم، وَقيل: الرَّحيم خاصٌّ بالمؤمنين فقط؛ }وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا{ [الأحزاب: 43].
وَقيل: "الرَّحمن" صفةُ ذات، و"الرحيم" صفة فعل؛ لأجل ذلك يُقال: رجلٌ رحيم. ولا يُقال: رحمان.
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
يقتضي من العبد أن يَسْعَى للاتِّصاف بصفة الرَّحمة؛ رجاءً وطلبًا لنَيْل رحمة الله؛ فَحَظُّه من رحمة الله مشروطٌ برحمته لمَن حَولَه؛ كما اشترطها النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «لا يَرْحَمُ اللهُ مَنْ لاَ يَرْحَم النَّاس»([10]) .
واشتد صلى الله عليه وسلم في ذلك مُشْتملاً جميعَ الخلق: «مَن لا يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ»([11])، وقد دَخَلَتْ مومس الجنةَ برحمتها لكلب من العطش سقته بخُفِّها ([12]) .
دلَّ على ذلك وأَكَّد عليه مشاركتُه - عزَّ وجَلَّ - لعباده بهذه الصِّفة؛ }فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ{ [يوسف: 64]، وتأكيدًا على ذلك وصف النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالرَّحيم؛ }لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤوفٌ رَحِيمٌ{ [التوبة: 128].

4
الرب
}الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{ [الفاتحة:2]
15 مرة
المربِّي جميعَ عباده بالتَّدْبير وأصناف النِّعَم؛ وهو مُشْتَقٌّ من التَّرْبية؛ فهو مدبِّرٌ خلقَه ومربِّيهم ومصلحهم والقائم بأمورهم؛ فالرَّبُّ هو المالك، وكُلُّ مَنْ مَلَكَ شيئًا فهو رَبُّه.
 وَرَدَ اسمُ (الرَّبِّ) في القرآن كثيرًا؛ لكن ورودَه منفردًا كان 15 مرة.
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
هو الذي له جميع معاني الرُّبوبيَّة التي لا يشاركه فيها أحد؛ لا بَشَرٌ ولا ملك؛ بل هم جميعًا عبيدٌ مربوبون لربِّهم مقهورون خاضعون لجلاله وعظمته؛ فلا يَنْبَغي أن يكون أحدٌ منهم ندًّا ولا شريكًا لله في عبادته وألوهيَّته.
وأَخَصُّ من هذا تربيتُه لأصفيائه من الأنبياء والصَّالحين بإصلاح قلوبهم وأرواحهم وأخلاقهم؛ وبهذا كَثُرَ دعاؤهم له بهذا الاسم الجليل؛ لأنَّهم يَطْلبون منه هذه التَّرْبيةَ الخاصَّةَ المستمرَّةَ حتى وفاتهم؛ }هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ{ [آل عمران: 38]، }وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا{ [إبراهيم: 35] ومن دعاء محمد صلى الله عليه وسلم الذي علَّمه إيَّاه الله وقال عنه أهل العلم: لا زال في زيادة من علم حتى توفي: }وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا{ [طه: 114]، ومَنْ يَتَدبَّر القرآن يجد معظمَ الأدعية باسم (الرَّبِّ)؛ بل إنَّ اللهَ حَثَّ عبادَه على دعائه به: }وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ{ [المؤمنون: 118].
مَنْ عَرَفَ أنَّ اللهَ هو رَبُّ الأرباب لم يَطْلب غيرَ الله تعالى ربًّا له، ورضي بربوبيَّته، ومَنْ رَضيَ ذاقَ حلاوةَ الإيمان؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «ذَاقَ طعْمَ الإيمان مَنْ رَضيَ بالله رَبَّا وبالإسلام دينًا وَبُمِحَمَّد رَسُولاً» ([13]) . ومن رضي أمرًا سَهُل عليه؛ فَتَسْهُل عليه الطَّاعات حتَّى تَلَذَّ له.
على العبد أن يُحسن تربيةَ مَنْ جُعلت تربيتُه إليه؛ فيقوم بأمره ومصالحه كما قام الرَّبُّ – تعالى - به.




5
الإلـه
}اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى{
28 مرة
الله أصلُه الإله، واسم الإله كما اسم الله؛ جامعٌ لجميع الأسماء الحُسْنَى والصِّفات العُلَى، ومعنى "الإله" المعبود، وقول الموحِّدين "لا إله إلا الله" معناه: لا معبودَ غير الله.
 وَرَدَ ذكرُه منفردًا في القرآن 28 مرةً.
أثرُ الإيمان بالاسم:
مَنْ عَرَفَ الإله عَرَفَ أن ليس في السماوات والأرض غيره؛ }وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ{ [الزخرف: 84]؛ فَيَأْلَه إليه بالاعتماد عليه في الرَّخاء والشِّدَّة، ويَخْلَع كلَّ إله سواه.
الهوى من أضل ما يتَّخذه العبد إلهًا بالطاعة دون الله؛ }أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ{ [الجاثية: 23]؛ فلا يكون هواه إلَّا في عبادة الحَقِّ.
للتَّهْليل فضلٌ كبيرٌ دَلَّت عليه الأسانيدُ من القرآن والسُّنَّة.




6
الأول
}هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ{
[الحديد: 3]
مرة واحدة
فسرها r تفسيرًا واضحًا فقال: «اللهمَّ أنت الأولُ فليسَ قَبلكَ شيءٌ وأنت الآخر فليسَ بعدك شيءٌ وأنتَ الظاهرُ فليسَ فوقك شيءٌ وأنت الباطنُ فليس دونَك شيء»([14]) .
الأَوَّلُ ليس قبله شيء، السَّابق للأشياء كلِّها؛ فاسْتَحَقَّ الأَوَّليَّةَ؛ إذ كان موجودًا ولا شيء قبله ولا معه، وكُلُّ شيء هالكٌ إلَّا وجهه؛ قال صلى الله عليه وسلم: «كَان اللهُ ولمْ يَكُنْ شيءٌ غَيْرُه، وكَانَ عَرْشُهُ عَلى الماء»([15]) .
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
عبوديَّتُه – سبحانه - باسمه الأَوَّل تَقْتَضي النَّظَرَ إلى سَبْق فضل الله ورحمته في كلِّ نعمة دينيَّة أو دنيويَّة؛ إذ السَّبَبُ والمسبّب منه تعالى، وهو المبتدئ بالإحسان من غير وسيلة من العبد؛ فمنه – سبحانه - الإيجادُ ومنه الإعدادُ ومنه الإمدادُ؛ فلا يُلْتَفَتُ إلى غَيْره ولا يُوثَقُ بسواه ولا يُتَوَكَّلُ على غيره؛ كما يقتضيه أن يعلم بأنَّ اللهَ إلهُ الأَوَّلين والآخرين؛ فيأخذ نفسَه بالتَّقَدُّم والسَّبْق إليه في الدُّنيا؛ ليكون من أهل السَّبْق في الآخرة؛ }وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ{ [الواقعة: 10-12].



7
الآخـر
}هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ{ [الحديد: 3]
مرة واحدة
ليس بعده شيء، ولا انتهاء لوجوده، وهو غايةُ كلِّ مخلوق.
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
التَّوَجُّهُ لله – تعالى - على أنَّه هو الغاية، كما يَقْتَضي ألَّا يَرْكَنَ لأسباب الحياة من مال وجاه ونحوه؛ فمصيرُها الزَّوالُ ويبقى الدَّائمُ الباقي بعدها حيث التَّعَلُّق بالآخر عزَّ وجلَّ تَعَلُّقًا لا يَزُول ولا يَنْقَطع؛ بخلاف التَّعَلُّق بغيره.
التَّعَبُّدُ باسميه (الأول والآخر) يوجب صحَّةَ الاضطرار إلى الله وحدَه ودوامَ الفقر إليه دون سواه، وأن الأمرَ منه، وإليه يَرْجع؛ فهو الأوَّلُ الذي ابتدأت منه المخلوقات والآخرُ الذي  انتهت إليه عبوديَّتُها وإرادتُها ومحبَّتُها.
أَكْثَرُ الخَلْق تَعَبَّدُوا له باسمه (الأَوَّل)؛ بمعنى أنَّهم آمنوا أنَّه خالقُ الكون؛ وإنَّما الشَّأْنُ في التَّعَبُّد له باسمه (الآخر)؛ فهذه عبوديَّة الرُّسُل وأتباعهم التي تَقْتَضي من العبد مع إيمانه العملَ للآخر.



8
الظـاهر
}هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ{ [الحديد: 3]
مرة واحدة
الذي ليس فوقه شيء، الظاهر الغالب العالي على كلِّ شيء علمًا؛ وظاهرُ الشَّيء ما علا منه وأحاط بباطنه، ولا ينافي اسم الظاهر نزوله للسَّماء الدُّنيا في ثُلُث اللَّيْل؛ فَنُزُولُه ليس كمثله شيء لا يماثل نزولَ المخلوق الذي إن نزل زال وصفه بالعلو، والرب لا يكون شيء أعلى منه قَطُّ؛ فهو العليمُ الأعلى.
أثرُ الإيمان بالاسم:
هو الظَّاهر البادي بحُجَجه وبَرَاهينه النَّيِّرة وأفعاله وآياته المتلوَّة والعيانيَّة؛ فمَنْ تَفَكَّرَ في السماوات والأرض عَلم علمَ اليقين أنَّ له خالقًا مدبِّرًا.
مَنْ تَعَبَّدَ لله بهذا الاسم استقامت له عبوديَّتُه وصار له معقل وملجأ يلجأ إليه ويهرب ويَفرُّ إليه كُلَّ وقت، كما يَقْتَضي منه أن يَرْعَى من أعماله ما تَقَدَّمَ وما تَأَخَّرَ وما يَسْتَظْهره وما يَسْتَبْطنه؛ فإنَّ اللهَ – تعالى - مُطَّلعٌ على الظَّواهر والبواطن يستوي عنده من هو مُخْتَف في قَعْر داره ومَنْ هو سائر في طريقه (سربه) بالنَّهار؛ }سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ{ [الرعد: 10].



9
الباطن
}هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ{ [الحديد: 3]
مرة واحدة
ليس دونه شيء؛ وهو دليل على اطِّلاعه على السَّرائر والضَّمائر والخفايا ودقائق الأشياء؛ كما يَدُلُّ على كمال قُرْبه ودُنُوِّه، ولا يتنافى الظَّاهر والباطن؛ لأنَّ اللهَ ليس كمثله شيء.
والباطن العالم بكلِّ شيء والعارف ببواطن الأمور وظواهرها، وهو الباطن الذي لا يُحَسُّ؛ وإنَّما يُدْرَك بآثاره وأفعاله، وهو الباطن لجميع الأشياء؛ فلا شيءَ أقربُ إلى شيء منه؛ }وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ{ [ق: 16].
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
من رُزق فهم معنى هذا الاسم وضح له التَّعَبُّد به؛ وهو إحاطةُ الرَّبِّ بالعالم؛ فَأَصْلح له غيبَك؛ فإنَّه عنده شهادةٌ، وزَكِّ له باطنَك؛ فإنَّه عنده ظاهرٌ.
وردت الأسماءُ الأربعةُ (الأول والآخر والظاهر والباطن) مجتمعة مرَّةً واحدةً في السُّنَّة في دعاء:
روى مسلم (7064) أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يقوله إذا أخذ مضجعه، وفي رواية الترمذي (3818) أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَه لابنته فاطمة رضي الله عنها حين سَأَلَتْه خادمًَا بعد أن أشار عليها بالتَّسْبيح: «اللهمَّ رَبَّ السَّمَوَات وَرَبَّ الأرض وَرَبَّ الْعَرْش الْعَظيم رَبَّنا وَربَّ كُلِّ شيء فَالقَ الحَبَّ والنَّوَى وَمُنَزِّلَ التَّوْراة والإنجيل والفُرقان، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرَّ كُلَّ شيء أَنْتَ آخِذٌ بناصيته، اللَّهمَّ أنتَ الأَوَّلُ فليس قبلَك شيءٌ، وأنتَ الآخرُ فَليسَ بَعْدَكَ شَيءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَليْسَ فَوْقَكَ شَيءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فليس دونك شيءٌ، اقْض عنَّا الدَّيْنَ وأَغْننا من الفَقْر».
ووردت مرَّةً واحدةً في القرآن الكريم في آيَة لها أَثَرٌ عظيمٌ في دَفْع الوَسْوَسَة وَرَدَ كيدها كما ورد عن سؤال أبي زميل لحبر الأمة ابن عبَّاس - رضي الله عنه - عن شيء يجدُه في صَدْره لن يَتَكلَّم به، فقال له ابنُ عبَّاس: «ما نجا من ذلك أَحَدٌ حَتَّى أنزل اللهُ تعالى: }فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ{ [يونس: 94]»، إذا وَجَدْتَ في نَفْسك شيئًا فقل: }هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ{.
والخلاصةُ أنَّ معرفةَ هذه الأسماء الأربعة هي أركانُ العلم والمعرفة والتَّوْحيد؛ فحقيقٌ بالعبد أن يَبْلُغَ في مَعْرفتها إلى حيث يَنْتَهي به قُوَاه وفَهْمُه.



10
العلي
}وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ{
[الحج: 62]
8 مرات
العليُّ مُشْتَقٌّ من العُلُوِّ؛ فهو العليُّ في ذاته العالي على غَيْره شَرَفًا ورفعةً وهو العليُّ في دُنُوِّه القريبُ في عُلُوِّه، وجميعُ معاني العُلُوِّ ثابتةٌ لله من كُلِّ وَجْه؛ فَلَه تعالى:
1- عُلُوُّ ذات: أنَّه مُسْتَو على عَرْشه فوقَ خَلْقه، وهو مع هذا مُطَّلعٌ على أَحْوالهم مُدَبِّرٌ لأمورهم.
2- عُلُوُّ قدر: وهو عُلُوُّ صفاته وعظمتُها؛ فلا يماثله صفةُ مخلوق؛ بل لا يَقْدرُ الخلائقُ كُلُّهم أن يحيطوا بمعاني صفة واحدة من صفاته؛ قال تعالى:  }وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا{ [طه: 110].
3- عُلُوُّ قَهْر وغَلَبة: أنَّه القَهَّارُ قَهَرَ الخَلْقَ كُلَّهم؛ فَنَواصيهم بيده، وما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، ولو اجتمع الخَلْقُ على إيجاد ما لم يَشَأْه الله أو مَنْع ما شاء، لم يَقْدروا ولم يَمْنعوا؛ وذلك لكمال اقتداره ونفوذ مشيئته وشدَّة افتقار المخلوقات كلِّها إليه من كُلِّ وَجْه.
أثر الإيمان بالاسم:
- يَقْتَضي إثباتَ العُلُوِّ لله بكلِّ معانيه دون تعطيل أو تأويل.
- اجْتَهَدَ أَهْلُ العلم في إثبات صفة العُلُوِّ له؛ ردًّا على قول أهل البدع بحلول الله بذاته في أجساد البشر وفي البيوت وغيرها من الأماكن على الأرض، وقولهم أنَّ استواءه على العرش مجازيٌّ وليس حقيقيًّا.
- وهذا التَّجَنِّي على الله – تعالى - كَشَفَه العلماءُ بإثبات العُلُوِّ لله؛ بالتَّالي:
- استواءُ الله على العَرْش حقيقيٌّ؛ ففي اللُّغة الاستواءُ هو الاستقرارُ في العُلُوِّ؛ }اسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ{ [هود: 44].
- أنَّ التَّنْزيلَ لا يكون إلَّا من عُلُوٍّ؛ وقد ثَبَتَ في القرآن بعبارات مختلفة (نَزَّل، أنزلناه، تَنزيلُ)؛ كما أنَّ الرَّفْعَ لا يكونُ إلَّا إلى عُلُوٍّ }تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ{ [المعارج: 4]، والعملُ الصَّالحُ والكلامُ الطَّيِّبُ يَصْعَدان إليه، ورَفْعُه لعيسى - عليه السلام - ومعراجُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.
- أنَّ العربَ والعجمَ إذا نزلت بهم شدَّةٌ رَفَعُوا أيديَهم للسَّماء يَسْتَغيثون اللهَ، وقد سأل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم جاريةً: «أين الله؟» قالت: في السماء. وأشارت برأسها إلى السَّماء؛ فَأَمَرَ مَوْلاها أَنْ يُعْتقَها؛ لأنَّها مؤمنةٌ..



11
الأعلى
}سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى{
[الأعلى: 1]
مرتان
له العُلُوُّ المطْلَقُ في ذاته دونَ إضافة إلى موجود من موجوداته؛ أي لا يقارن بغيره؛ فيقال: هو الأعلى وكُلُّ شيء تحتَ قَهْره وسُلْطانه وعَظَمَته؛ فهو الذي على العرش استوى وعلى الملك احتوى، وبجميع صفات العظمة والجلال والكمال اتَّصَفَ، وإليه فيها المنْتَهَى.
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
من سُنَّة الرَّسول صلى الله عليه وسلم في سُجُود الصَّلاة قولُه: «سُبْحَانَ رَبَّيَ الأَعْلَى». وعَلَّلَ ذلك بأنَّ السُّجودَ غايةٌ في الخضوع والتَّذَلُّل من العبد بأشرف شيء فيه لله - وهو وَجْهُه - بأن يَضَعَه على التُّراب؛ فناسب في غاية سفوله أن يَصفَ ربَّه بأنَّه الأعلى؛ فالعبدُ ليس له من نفسه شيء، وليس له من العظمة نصيبٌ؛ فهو خُلق من العَدَم.
عُلُوُّ الخَلْق من عُلُوِّه تعالى؛ كما أنَّ عزَّتَهم من عزَّته، وعلى قدر الإيمان والعمل يكون العُلُوُّ في الدُّنيا والآخرة؛ }إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ{ [المطففين: 18]؛ فَيَجْتَهد الإنسانُ أن يَكونَ في "علِّيِّين"؛ وهي جَنَّاتُ المقرَّبين أعلى من جنات أصحاب اليمين؛ فأصحابُ علِّيِّين جُلَساءُ الرَّحمن، وهم أصحابُ المنابر من نور عن يمينه.
وفي الدُّنيا يكون عُلُوًّا يَمْنَحُ القُوَّةَ بمنعه الوهن، ويَمْنَح السَّعادةَ بدَفْعه الحَزَن: }وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ{ [آل عمران: 139]؛ وما تلك السَّعادة والقوة إلَّا لأنَّ هذا العُلُوَّ يُدخل صاحبَه في معيَّة الله؛ }فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ{ [محمد: 35].
دلَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَه على ما يُرفَعُ به الدَّرجاتُ: }وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا{ [طه: 75]، }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ{ [المجادلة: 11]، وقال صلى الله عليه وسلم: «مَا  تَواضعَ أَحدٌ لله إلا رَفَعَهُ الله»([16]).
وهذا العُلُوُّ يَحْصُلُ للمؤمن بإيمانه وليس بإرادته؛ وإلَّا كان ممَّن ذَمَّهم الله كفرعون وإبليس؛ }تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ{ [القصص: 83].



12
المتعال
}عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ{ [الرعد]
مرة واحدة
المتعال على جميع خلقه الذي تعالى عمَّا نسبه إليه أهلُ الإلحاد من الأنداد؛ لذلك يقال: تعالى الله عن كذا. إذا نُسب إليه ما لا يَليق به، وهو اسمُ الفاعل من قَوْلنا: (تعالى الله)؛ أي تفاعل، من "العلو"؛ كما أنَّ "تبارك" تفاعل من البركة، وكما يُقال: تقاضى، فهو متقاض. فيقال: تعالى، فهو متعال.
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
مَنْ عَرَفَ مَعْنى الأسماء الثَّلاثة السَّابقة (العليّ، الأعلى ، المتعال)، عَرَفَ أنَّ الله عليٌّ بصفات الكمال، متعال عن صفات النَّقْص، أعلى من خَلْقه، ومن عرف ذلك تعاطى معاني الأخلاق في رفع ذكر الله وإعلاء منازله والتَّقَرُّب بعد التَّقَرُّب منه تعالى.



13
العظيم
}وَلَا يَؤودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ{ [البقرة: 255]
9 مرات
ذو العظمة، ومعناه عظم شأنه وجلال قَدْره الذي جاوز حدودَ العقل؛ حتَّى لا تتصوَّر الإحاطة بكنهه وحقيقته.
أثر الإيمان بالاسم:
العظمةُ صفةٌ من صفات الله لا يقوم لها خلق، والله تعالى خَلَقَ بين الخَلْق عظمةً يُعظِّم بها بعضُهم بعضًا؛ فمن الناس مَنْ يُعَظِّمُ المالَ أو الفضلَ أو العلم  أو السلطان أو الجاه؛ وهم بذلك إنما يُعَظَّمون لمعنى دون معنى، والله - عَزَّ وجَلَّ - يُعظَّمُ في كلِّ الأحوال، وكان الاسم لمن دونه مجازًا.
أمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَه أن يُسبِّحوا اللهَ بهذا الاسم في صلاتهم: «فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فيه الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ»([17]).
المعظِّمُ لله عند مشاهدته معاني الجلال والعظمة يَحلُّ في قلبه الإكبارُ والمهابةُ لله؛ فالسَّماوات والأرض والعوالم كلُّها في قبضته كَحَبَّة خَرْدَل في يد العبد؛ }وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ{ [الزمر: 67]، وتَتَجَلَّى صورةُ تلك العظمة في أعظم آية في القرآن؛ }وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ{ [البقرة: 255].
يَنْبَغي للعبد أن يُعَظِّمَ اللهَ حَقَّ تعظيمه ويقدره حَقَّ قَدْره بما يستطيعه؛ فيقتضيه وجوبُ العظمة أن يتواضع لعظمته، وتعظيمُ الله بتعظيم أسمائه وصفاته دون تشبيهها بخَلْقه، ولا يكون ذكرُه لله – تعالى - عند لهو أو أباطيل؛ بل ذكر تعظيم لشأنه وتوقير لمقامه وهيبة له.
وتعظيمه - تعالى - بتعظيم كُتُبه ورُسُله وملائكته ومناسكه وشعائر دينه؛ }ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ *{ [الحج: 32].
وتعظيمُه بتعظيم حُرُماته وحُرُمات المؤمنين؛ }ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ{ [الحج: 30].
من أعظم ما حَرَّمَه الله أن يشرك به ما لا يملك نفعًا ولا ضرًا من أَوْثان وأحجار وقبور صار أصحابُها عظامًا نخرة؛ فكيف تقضي لهم حاجةً وتشفي مريضًا وتَرُدُّ غائبًا.
 وهؤلاء الذين قَصر إيمانُهم عن عظمة الله تَوَعَّدَهم بالعذاب؛ }خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ * إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ{ [الحاقة: 30-33].



14
الكبير
}وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ{
[الحج: 62]
6 مرات
الموصوفُ بالجلال والعظمة وكبر الشأن والقدر؛ فصغر دون جلاله كلُّ كبير؛ ولذلك كان التَّكْبيرُ شعارًا للعبادات الكبيرة كالصلاة.
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
اللهُ أكبرُ من كُلِّ شيء وأَكْبَرُ من أن يُعرف كُنْهُ كبريائه وعَظَمَته؛ لذلك نُهينا عن التَّفْكير في ماهية الله؛ لأنَّنا لن ندركَها بعقولنا الصَّغيرة والقاصرة والمحدودة، وحتى لا نقع فيما وَقَعَ فيه الفلاسفةُ من محاولة إدراك ماهيَّة الله بعقولهم؛ فتاهوا وضَلُّوا ضلالاً بعيدًا، الكبير لا يليق إلا به – سبحانه - أمَّا العبد فصفتُه التَّذَلُّلُ والخشوعُ والخضوعُ لله.
الله الكبير المتعال على الخلق أجمعين القادر على الانتقام من الأقوياء للضُّعَفاء والمساكين؛ حتَّى من الزَّوْج للزَّوْجة؛ }فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا{ [النساء: 34]؛ إن أطاعت المرأةُ زوجَها فيما أباحه الله، فلا سبيلَ له عليها، وقوله تعالى: }إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا{ تهديد من الله للرجال وتحذير لهم من الظُّلْم والطُّغْيان والتَّكَبُّر على نسائهم من غير سبب؛ فإنَّ العليَّ الكبيرَ وَليَّهنَّ منتقمٌ ممَّن ظلمهنَّ وبغى عليهنَّ.



15
الحميد
}وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ{
[فاطر: 15]
17 مرة
المحمودُ المستحقُّ الحمدَ بفعاله عند خَلْقه بما أَوْلاهم من نعمة وفضل، له جميع المحامد بأَسْرها؛ فهو الحميدُ في ذاته وصفاته وأفعاله، والحمدُ أَعَمُّ من الشُّكْر؛ لأنَّك تَحْمدُ الإنسانَ على صفاته الذَّاتيَّة وعلى عطائه، ولا تَشْكره على صفاته.
والحمد نوعان:
1- حمدٌ على إحسانه - تعالى.
2- حمدٌ على ما له من الأسماء الحسنى والصِّفات العلى؛ فله المحامدُ الكاملةُ.
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
- اللهُ وحدَه الذي يُحْمَدُ في السَّرَّاء والضَّرَّاء، والشِّدَّة والرَّخاء، له الحمد كلُّه وعلى كلِّ حال؛ لأنَّه حكيمٌ لا يجري في أفعاله الخطأُ.
- كمالُ حَمْده يوجب أن لا يُنسب إليه شَرٌّ ولا سُوءٌ ولا نَقْصٌ؛ لا في أسمائه ولا في أفعاله ولا في صفاته.
- كُلُّ ما يُحمدُ به الخلق فهو من الخالق؛ فيرجع  إليه لأنَّه الواهبُ للصِّفات المحمودة؛ فهو الأَحَقُّ بالحمد في الأولى والآخرة.
- كان اختتامُ الصَّلاة على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بهذين الاسمين من أسماء الرَّبِّ - سبحانه وتعالى ؛ وهما (الحميد والمجيد)؛ فالحمدُ والمجدُ إليهما يرجع الكمالُ كُلُّه؛ فإنَّ الحمدَ يَسْتَلْزمُ الثَّناءَ والمحبَّةَ للمحمود؛ فَمَنْ أَحْبَبْتَه ولم تُثْن عليه لم تكن حامدًا له، وكذا من  أَثْنَيْتَ عليه لغرض ما ولم تُحبَّه لم تكن حامدًا له حتى تكون مُثْنيًا عليه مُحبًّا له.
- وجاء اسمي (الحميد والمجيد) عقب الصَّلاة على النَّبيِّ وآله مطابقٌ لقُوله تعالى: }رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ{ [هود: 73]؛ فيكون هذا الدُّعاءُ مُتَضَمِّنًا لطَلَب الحَمْد والمجد للرَّسول صلى الله عليه وسلم، وختم الدُّعاءَ بالثَّناء على الله بالحمد والمجد.
- جاء الحمدُ في أَوَّل كتاب الله: }الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{ [الفاتحة: 2].
- وردت صيَغُ الحمد في أَغْلَب الأَذْكار؛ فهي من أَحَبِّ الكلام لله، تملأ ما بين السَّماوات والأرض، عَطسَ رَجُلان عند النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فشمَّت أحدُهما ولم يُشَمِّت الآخر، فقيل له فقال: «هَذَا حمِدَ الله وَهذَا لمْ يَحْمَد الله»([18]). يشمِّت: يدعو بالخير والبركة. وهو قول "يرحمك الله".
- الحمد يَجْلبُ رضى الله؛ قال صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ لَيَرْضَى عَن الْعَبْد أَنْ يَأْكُلَ الأكلةَ فَيَحمدهُ عليْهَا أَوْ يَشربَ الشربة فيحمدهُ عليها» ([19]).
وللحمد ثقَلٌ وسَعَة قال عنهما صلى الله عليه وسلم: «الطّهُورُ شَطْرُ الإيمان وَالْحَمْدُ لله تَملأُ الميزَانَ، وَسُبحانَ الله وَالْحَمْدُ لله تَمْلآن أو تملآ مَا بينَ السَّماوات وَالأرض» ([20]).
كان صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يُحبُّ قال: «الْحمدُ لله  الذي بِنعمَته تَتمُّ الصّالحَاتُ». وإذا رأى ما يَكْرَه قال: «الحمدُ لله عَلى كُلَّ حال»([21]).
وقال صلى الله عليه وسلم: «مَا أَنعمَ اللهُ على عَبد نعمة فَقالَ الْحمدُ لله، إلا كان الذي أعطاهُ أفضلَ مما أخَذَ»([22]). أي كان إلهامُ الله له بالحمد والشُّكر أفضل ممَّا أَخَذَ من النِّعْمة.



16
المجيـد
}إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ{ [هود: 73]
مرتان
المجيد - تعالى: الكثيرُ الإحسان إلى عباده بما يُفيضه عليهم من خيرات.
المجد: الكثرة والسَّعَة؛ وهو عظمةُ الصِّفات.
والماجد: الكثير الشَّرَف، والله تعالى أمجد الأمجدين وأكرم الأكرمين.
واقترانُ الحميد مع المجيد دالٌّ على جميع صفاته الذَّاتيَّة والفعليَّة؛ حيث هو - عز وجل - محمودٌ على مَجْده وعَظَمَته.
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
مَجَّدَ اللهُ نفسَه في كتابه بآيات كثيرة، وسَمَّى الله كتابَه بالمجيد؛ أي كريم وشريف؛ حيث المجد والرِّفْعةُ لمن أَخَذَ بكتاب الله؛ لذا فإنَّ من أعظم ما يُمَجِّدُ به العبدُ ربَّه تلاوةَ كتابه؛ فلا أحدَ يحصي الثَّناءَ عليه والتَّمجيدَ له كما يُثْنى على نفسه.
وفي الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنَّ العبدَ إذا قرأ الفاتحةَ في الصَّلاة وقال: }مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ{، «قَال الله مَجّدني عَبْدي»([23]).



17
الواحد
}وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ{ [ص: 65]
مرتان
الواحدُ: الفردُ الذي ليس باثنين الذي تَوَحَّدَ بجميع الكمالات بحيث لا يشاركه مشاركٌ فيها.
ومعنى وحدانية الله: نَفْيُ الأَشْباه والأَمْثال عنه.
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
- الله تعالى هو الإله الواحد الأحد الذي لا إله إلا هو وحده لا شريك له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله؛ فلا يجوز أن يُشَبَّهَ اللهُ – تعالى - بشيء من المخلوقات؛ فهو الواحدُ الذي ليس له ندٌّ ولا نظير.
- لا يَدْخُلُ العبدُ الإسلامَ حتى يُوَحِّدَ الله – تعالى - بشهادة أن لا إله إلا الله، واشْتُرط الإيمانُ بوحدانية الله لقَبول العمل الصالح؛ }وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا{ [النساء: 124].
- يَجبُ على العباد توحيدُه اعتقادًا وقولاً وعملاً؛ بأن يَعْتَرفوا بكَمَاله المطْلَق وتَفَرُّده بالوحدانية، ويفردوه بأنواع العبادة.
- لا يجوز أن يَتَوَجَّه العبادُ لغير خالقهم بعبادة من العبادات؛ صلاةً كانت أو دعاءً أو ذبحًا أو نذرًا أو تَوَكُّلاً أو رجاءًا أو خوفًا أو خشوعًا أو خضوعًا؛ بل يكونوا كما أمر الله نبيَّنا أن يقول: }قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ{ [الأنعام: 162، 163].
فَضْلُ تهليل الله وتوحيده جاء في مواضع كثيرة لتجديد الإيمان بوحدانية الله؛ لما في ذلك من دَفْع المسلم للخير والعمل الصالح؛ إذ إن مَنْبَعَه هو التَّوحيدُ الخالصُ.



18
الأحـد
}قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ{
[الإخلاص: 1]
مرة واحدة
الله هو الأحد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد.
الفرق بين الواحد والأحد أنَّ الواحدَ يُفيد وحدةَ الذَّات والأحد يفيده بالذَّات والصِّفات.
وقيل: إنَّ اسمَ (أحد) أَخَصُّ وأكملُ من (واحد)، وهو يأتي بمعنى أَوَّل العدد (أحد عشر).
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
جاء في الصحيح أنَّ مَنْ نَسَبَ لله تعالى الولد فقد شتمه؛ تعالى الله عن ذلك؛ قال: «قَالَ اللهُ كَذَّبَني ابنُ آدمَ وَلمْ يَكُنْ لَهُ ذَلكَ، وَشَتمني وَلمْ يَكُنْ لَه ذَلكَ؛ فَأمَّا تَكْذيبهُ إيَّاي فَقوْلُهُ لَنْ يُعيدني كَما بَدَأَني؛ وَليسَ أولُ الْخلق بأهونَ عَلىَّ مِنْ إعادته، وَأَمَّا شَتْمُهُ إيَّاي فَقولُهُ: اتخذ اللهُ وَلدًا. وَأنا الأَحدُ الصَّمَدُ لَمْ أَلدْ وَلَمْ أُولَدْ وَلمْ يَكْنْ لي كُفْأً أَحَدٌ»([24]).



19
الصمـد
}اللَّهُ الصَّمَدُ{
[الإخلاص: 2]
مرة واحدة
السَّيِّدُ المصمود إليه في الحوائج الذي تصمد إليه الخلائق كُلُّها وتقصده في جميع أحوالها.
والصمد: هو المصمت الذي لا جوف له.
وصمد إليه: بمعنى قصده.
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
- ينبغي على العبد ألَّا يَقْصدَ  غيرَه ولا يلجأ إلا إليه ولا يطلب إلا منه.
- سورة الإخلاص التي ورد فيها (الأحد) و(الصمد) تَعْدل ثُلُثَ القرآن، ومما قيل في أَنَّها عَدَلَتْ ثُلُثَ القرآن أنَّه لأجل اسمي (الصمد والأحد) اللَّذان لم يوجدا في غيرها من السور، ولما اشتملت عليه السورة من معرفة الذات المقدسة.
ذُكر هذان الاسمان (الأحد، الصمد) في أَصَحِّ الأحاديث عن الدُّعاء باسم الله الأعظم؛ حيث كان الدعاءُ تَوَسُّلٌ إلى الله بتوحيده.



20
الحـيُّ
}اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ{
[البقرة: 255]
5 مرات
مُتَضَمِّنٌ للحياة الكاملة التي لم تُسْبَقْ بعدم ولا يَلْحَقُها زَوَال؛ الحياة المستلزمة لكمال الصِّفات من العلم والقدرة والسَّمْع والبَصَر وغيرها.
وحياتُه مُنَزَّهَةٌ عن مشابهة حياة الخلق لا يجري عليها الموت أو الفناء، ولا تَعْتَريها السُّنَّةُ – أي النّعاس- ولا النَّوم.
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
- مَنْ عَرَفَ هذه الصِّفةَ في رَبِّه تَوَكَّلَ عليه وانقطع قلبُه إليه عن الخلق المحتاجين مثله إلى خالقهم؛ فكيف يرجوهم بعد ذلك؟ }وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا{ [الفرقان: 58].
- الحياةُ الدُّنيا كالمنام، والحياةُ الآخرة كاليَقَظَة، والله – تعالى - يَهَبُ أهلَ الجنة الحياةَ الدَّائمة؛ }وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ *{ [العنكبوت: 64]، والكافر والمجرم والشَّقيُّ في نار جهنم }لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا{ [الأعلى: 13].
للعبد أن يَجْتهدَ في أنْ ينالَ من هذا الاسم القسم الأوفر؛ فَيَسْعَى للحياة الآخرة بالحياة الدُّنْيا مكتفيًا بمن يَهَبُه هذه الحياةَ الأبديَّةَ؛ فحقيقةُ الحياة هي الحياةُ بالرَّبِّ – تعالى - لا الحياةُ بالنَّفْس والفناء وأسباب العَيْش.
وقد حَثَّ الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم على الدُّعاء بهذا الاسم في حال الكَرْب: «يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمتك أستغيثُ»([25])، وكان شيخُ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - شديدَ اللَّهَج بهذين الاسمين مؤكِّدًا على ما يتركانه من تأثير عظيم في حياة القلب، وكان يشير إلى أنَّهما الاسمُ الأعظمُ.



21
القيـوم
}وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ{
[طه: 111]
3 مرات
- القائمُ بنفسه المقيمُ لغيره كاملُ القَيُّوميَّة؛ قام بنفسه وعظمت صفاته، واستغنى عن جميع مخلوقاته، وقامت به الأرض والسماوات وما فيهما من المخلوقات.
- ومن كمال قَيُّوميَّته أنَّه لا ينام؛ إذ هو مُخْتَصٌّ بعدم النُّعاس والنَّوم.
- اقترانُ اسم القَيُّوم بالحَيِّ في القرآن يَسْتَلْزمُ صفات الكمال ويَدُلُّ على دوامها؛ فالحيُّ الجامع لصفات الذَّات، والقيومُ الجامعُ لصفات الأفعال.
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
- الخلائقُ ليست قائمةً بنفسها؛ بل محتاجةً للحيِّ القيُّوم الذي يُحْييها ويقيمها؛ فهو – تعالى - القيوم لأهل السَّماوات والأرض القائم بتدبيرهم وأرزاقهم وجميع أحوالهم.
- القيوم على وزن "فيعول" من قام يقوم، وهو من قوله - تعالى: }أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ{ [الرعد: 33]؛ أي يَحفظ عليها ويُجازيها ويُحاسبها.
- أعظم آية في القرآن هي آيةُ الكُرْسيِّ التي ورد فيها الاسمين معًا كما وردا في حديث اسم الله الأعظم وكما وردا في ذكر الاستغفار الذي يغفر لقائله وإن كان فَرَّ من الزَّحْف.
- مَنْ عَرَفَ معنى اسم القيوم لم يَجْعَلْ للدُّنيا في قَلْبه قيمةً كبيرةً، والله قائمٌ بأَمْره ووجب عليه أن يقوم ما كلَّفه مولاه القَيُّوم علمًا وعملاً.



22
بديع السماوات والأرض
}بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ{ [البقرة: 117]
مرتان
- المنفرد بخلق السماوات والأرض، وبدع الشيءَ أنشأه وبدأه، وقد ذُكر الاسم في أحد أحاديث الدُّعاء باسم الله الأعظم.
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
- وَرَدَ الاسمُ في بيان قُدْرَة الله أمامَ ما نُسبَ إليه من الولد النَّبيِّ عيسى بن مريم، عليهما السَّلام.
- فقوله (كُن فَيكُونُ) من أَبْلَغ الحُجَج على استحالة نسبة الولد إليه، }بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ{ [الأنعام: 101].
- ثم قال تعالى تأكيدًا على أن خلق السموات والأرض أعظم من خلق بني آدم }لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ{ [غافر: 57].



23
نور السماوات والأرض
}اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ{ [النور: 35]
مرة واحدة
هادي الخلق، نَوَّرَ قلوبَ المؤمنين بهدايته ومعرفته والإيمان به؛ وقد أضاف تعالى النُّورَ إلى نفسه إضافةَ الصِّفة إلى موصوفها في قوله تعالى: }وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا{ [الزمر: 69]، وفي قوله: }مَثَلُ نُورِهِ{، وأَخْبَرَ أيضًا أنَّه يَحْتَجبُ بالنُّور.
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
وَرَدَ الاسمُ مَرَّةً واحدةً في القرآن متبوعًا بشرحه بمثال ضُرب لهداية الله تعالى لقلوب المؤمنين؛ }اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ{ [النور: 35]؛ فضرب سبحانه مثلاً لنوره الذي قَذَفَه في قلب عبده المؤمن؛ وهو نورُ القرآن والإيمان الذي أعطاه إيَّاه؛ كما قال في آخر الآية: (نورٌ عَلَى نُورٍ)؛ يعني نورَ الإيمان على نور القرآن.
- وقد جمعَ اللهُ – سبحانه - بينَ ذكر هذين النُّورين - وهما الكتاب والإيمان - في غير موضع من كتابه؛ كقوله: }مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا{ [الشورى: 52]، وكَرَّرَ تعالى ضربَ الأمثال على الهداية بالنُّور: }أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{ [الأنعام: 122]، }أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ *{ [الزمر: 22].
- وسَمَّى اللهُ تعالى به رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم؛ }قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ{ [المائدة: 15].
- كان من دعائه صلى الله عليه وسلم بعد قيام اللَّيل: «اللهُمَّ اجْعَلْ في قَلْبي نُورًا وفي بَصري نُورًا وَفي سمعي نُورًا وَعنْ يميني نُورًا وَعنْ يَسَاري نُورًا وَفوقي نُورًا وَتحتي نُورًا وأمامي نُورًا وَخلفي نُورًا اجعل لي نُورًا»؛ حيث هذه الأنوارُ تَسُدُّ منافذَ الشَّيْطان.
ذكر الله - تعالى اسمه - عقب آية أمر فيها المؤمنين بغَضِّ أبصارهم وحفظ فروجهم }اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ{ [النور: 35]؛ وسرُّ هذا الخبر أنَّ الجزاءَ من جنس العمل؛ فمَنْ غَضَّ بصرَه عن المحرَّمات أطلقَ اللهُ نورَ بصيرته، وقال الله – سبحانه - بعد ذكر قصة قوم لوط وما ابْتُلوا به: }إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ{ [الحجر: 75]؛ وهم المتفرِّسون الذين سلموا من النَّظَر المحرَّم والفاحشة.
- مَنْ غَضَّ بصرَه أَوْرَثَ اللهُ قلبَه نورًا وإشراقًا يتجلَّى في العين وفي الوجه وفي الجوارح؛ كما أنَّ إطلاقَ البصر يورثه ظلمةً تَظْهَرُ في وَجْهه وجوارحه.



24
ذو الجلال والإكرام
}تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ{ [الرحمن: 78]
مرتان
ذو العظمة والكبرياء؛ وجلالُ الله عظمتُه، والجلل الأمر العظيم، والجلال مصدر الجليل، ولا يقال (الجلال) إلا لله عزَّ وجَلَّ، والإكرام مصدرُ أكرم؛ }وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ{ [الإسراء: 70].
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
- الله – تعالى - مُستحقٌّ أن يُجَلَّ ويُعَظَّمَ ويُكْرَمَ؛ فلا يُجحد ولا يُكفر به.
- حَثَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَه على الإكثار من الدُّعاء بهذا الاسم: «أَلظُّوا بيَا ذَا الجلال والإكرام»([26])؛ والإلظاظُ في اللغة الملازَمةُ له والمثابَرةُ عليه والإكثارُ منه؛ حتى يستمدَّ القلبُ (جلالَ الله)، ويُقرَّ في النَّفْس تعظيمَه وهيبتَه؛ فيُكرمه الله ببرِّه ونعمه وفضله دنيا وآخرة.
- وروي أيضًا أنَّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يدعو: «اللهمَّ إنِّي أَسألكَ بأَنَّ لكَ الحمدَ لا إلَهَ إلا أنتَ المنَّانُ بَديعُ السماوات والأرض يَا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم». فقال صلى الله عليه وسلم: «دعا اللهَ باسمه الأعْظم الذي إذا دُعي به أجَابَ وإذا سُئل به أعطى»([27]).
- وكان صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثًا وقال: «اللهمَّ أنتَ السلامُ وَمنكَ السَّلامُ تَباركْتَ يَا ذَا الجلالِ وَالإكرامِ»([28]).
- كَرَّمَ الله – تعالى - خَلْقَه وهو يشركهم في جلاله؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «إنَّ مِنْ إجلال الله إكرامَ ذي الشَّيْبَة المسلم وحامل الْقُرْآن غَيْر الغالي فيه والجافي عنهُ، وإكرام ذي السُّلْطان المقسط»([29]).
- جلالةُ الله تكسو من يُعَظِّمُها جلالةً ونورًا حتى تجعلَه على منابر من نور يَغْبطه عليها الأنبياء؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «قَالَ اللهُ عز وجلَّ: المتحابُّونَ في جَلالي لَهُمْ مَنَابرُ مِنْ نُور يَغْبطُهُمُ النَّبيُّون والشُّهَداءُ»([30])؛
المتحابُّون في جلالي: أي لأجل إجلالي و تعظيمي؛ وهو حُبٌّ في ذات الله وجهته لا يَشُوبه الرِّياءُ والهَوَى.



25
مالك الملك
}قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ{
[آل عمران: 26]
مرتان
المالك لجميع الممالك، وجميع من فيها مماليك له، وهو المالك لخزائن السماوات والأرض؛ بيده الخيرُ يرزق من يشاء.
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
- تَفَرُّدُ اللهُ بالملك يوم القيامة؛ }مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ{ [الفاتحة: 4]، وخصَّ يوم الدِّين لأنَّه اليومُ الذي لا يملك فيه أحدٌ شيئًا ممَّا كان في ملكهم في الدنيا!
- من رحمة الله بعباده أنَّه هو الملك الوحيد يوم القيامة؛ لأنَّه يحاسب بالعدل ولا يجور؛ }وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ{ [فُصِّلَت: 46].



26
المليك
}فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ{ [القمر: 55]
مرة واحدة
المصرِّفُ لأمور عباده كما يجب؛ جاء على صيغة المبالَغة من ملك.
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
سبحانه كل يوم في شأن، يتصرف في ملكوته كيف يشاء؛ }يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ{ [الرحمن: 29]؛ عَبَّرَ الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم عن تَصَرُّف الله في ملكه في هذه الآية: «مَنْ شَأْنه أن يَغْفر ذَنبًا وَيُفَرِّجَ كربًا وَيرفَعَ قَوْمًا وَيَخفضَ آخرين»([31])، وقال تعالى: }يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ{ [البقرة: 247].
إذا علم العبدُ ما لله من المُلْك حَقَّ عليه ألَّا يشح به؛ لأنَّ ملكَه لما آتاه اللهُ من نعمة ومال وجاه على طريق الوديعة اسْتُخْلف عليه أيَّامًا قليلة؛ فإن رَدَّها إلى مالكها أحسن رَدٍّ عاد  عليه ونال عوضًا منها أرفعَ وأشرفَ مُلْك، وإن نسي أنَّه مُسْتَخْلَفٌ فقط طَغَى وظَنَّ أنَّه المالكُ الحقيقيُّ.



27
الملك
}فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ{ [المؤمنون: 116]
5 مرات
مُلك الله تعالى وملكوتُه، سلطانُه وعظمتُه وعزَّتُه، والمُلْكُ أَعَمُّ من المالك؛ فالملك صفةٌ لذاته، والمالكُ صفةٌ لفعله.
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
من أحكام كَوْنه ملكًا كمالُ الرَّحْمة؛ حيث أثبت لنفسه الملكَ بعدَ أو قبلَ صفة الرَّحْمة؛ }الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ{ [الفاتحة: 3، 4]، }هو الرحمن الرحيم * هو الله الذي لا إله إلا هو الملك{ [الحشر: 22، 23]؛ وهذه الآياتُ تَدُلُّ على أنَّ المُلكَ لا يَحْسُنُ ولا يَكْمُلُ إلَّا مع الإحسان والرَّحْمة.
إذا كان المُلك المطْلَقُ لله وحدَه فالطَّاعةُ المطلقةُ له وحدَه؛ لأنَّ مَنْ سواه من ملوك الأرض إنَّما هم عبيدٌ له وتحتَ إمْرَته؛ فالله – تعالى - هو ملك الملوك؛ فَحَريٌّ بنا أن نمثل أنفسنا بين يدي الملك الأعظم المطَّلع على السِّرِّ والعلانية.



28
القدوس
}هُوَ اللهُ الّذِي لا إِلَهَ إِلّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ{ [الحشر: 23]
مرتان
الطاهر المطهر؛ وممَّا طَهَّرَ وقَدَّسَ به بني آدم ما أنزله في كتبه ورسله، وما شَرَّعه من الطَّهارة بالماء الطَّهور، ثم جعل كلَّ شيء يُسَبِّحُ بحمده؛ فهو (السّبّوح  القدّوس)، وهو صيغةُ مبالغة من القُدْس؛ وهو الطَّهارةُ.
}وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ{ [البقرة: 30]، نُقَدِّسُ لَكَ: نُطَهِّر أنفسَنا لك، وقيل: نَنْسبك إلى صفاتك الطَّاهرة.
وروحُ القُدُس هو جبريل - عليه السلام - معناه رُوحُ الطَّهارة، وقيل: القُدسُ البركة، والأرضُ المقدَّسةُ هي الأرضُ المبارَكةُ؛ }سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ{ [الإسراء: 1].
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
- اللهُ – سبحانه - هو القُدُّوسُ بكلِّ اعتبار المنَزَّهُ على الإطلاق، وطهارةُ العبد منه وبه.
- وَجَبَ على العبد أن يُقَدِّسَ اللهَ ويُنَزِّهه عن النَّقائص، ثم يُقَدِّسُ نفسَه عن الشَّهوات ومالَه عن الشُّبُهات وقلبَه وجوارحَه عن الغَفَلات؛ فإذا فَعَلَ ذلك اسْتَنَارَ قَلْبُه وظَهَرَ ذلك على ظاهره، وتَعَدَّى لغيره؛ فَيَطْهر بطهارته أهلُه وولدُه.
- كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكْثر من ذكر هذا الاسم في رُكوعه وسُجوده: «سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الملائكة والرُّوح»([32]).
- وكان يُسَبِّحُ به إذا سَلَّمَ في الوتر بقوله: «سُبحان الملك القُدوس»([33]).
- نفى صلى الله عليه وسلم صفةَ التَّقْديس عن الأُمَّة الظَّالمة: «لا قُدِّسَتْ أُمةٌ لا يَأْخُذُ الضَّعيفُ فيها حَقَّه غَيْرَ مُتَعْتَع»([34]). المتعتع: المقلق المنزعج، وقال صلى الله عليه وسلم: «كَيف يُقدِّسُ اللهُ أمةً لا يُؤْخَذُ لضعيفهم من شديدهم»([35])؛ فالظُّلمُ يَنْتَقص من طهارة وبركة الأُمَّة.
كتب أبو الدَّرْداء إلى سلمان الفارسيِّ ليهاجر من العراق إلى الأرض المقدَّسَة؛ وهي الشَّام، فَرَدَّ عليه سَلْمان ببلاغة تُوَضِّحُ مفهومَ القداسة: «إنَّ الأرضَ لا تُقَدِّسُ أحدًا؛ وإنَّما يُقَدِّسُ الإنسانَ عَمَلُه»([36]).



29
السلام
}هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدّوسُ{ [الحشر: 23]
مرة واحدة
السالم من كل عيب و البريء من كلِّ آفة، والسَّالم من مماثَلة خَلْقه ومن كلِّ ما يُنافي كمالَه.
والسَّلامةُ هي البراءة، وقيل: العافية.
أَثَرُ الإيمان بالاسم:
- سلم اللهُ – تعالى - على أنبيائه ورُسُله لإيمانهم وإحسانهم، وليقتدي بذلك البشر؛ فلا يذكرهم أحدٌ بسوء؛ }وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ{ [الصافات 181]، ثمَّ أكرمَ اللهُ يحيى - عليه السلام ؛ فَخَصَّه بسلام في مواضع قيل أنها الأكثر وحشةً للخلق؛ }وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا{ [مريم: 15]: يوم ولد فيرى نفسه خارجًا مما كان، ويوم يموت فيرى قومًا لم يكن عاينهم، ويوم يبعث فيرى نفسَه في المحشر العظيم.
- قوله تعالى: }السَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى{ [طه: 47]: معناه أنَّ مَنْ اتَّبَعَ هدى الله سلم من سَخَطه وعذابه.
- اللهُ يُسَلِّمُ على عباده في الجنة: }سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ{ [يس: 58]، والجنَّةُ هي دارُ السَّلام: }لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ{ [الأنعام: 127].
- وكذا ملائكته؛ فإنَّها تُسَلِّمُ على عباده الصَّالحين عند قَبْض أَرْواحهم وتُطَمئنُهم: }الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ{ [النحل: 32].
- مَنْ علم أنَّ اللهَ السَّلامُ وَجَبَ عليه أن يسلم قلبَه ولسانَه ليكون ممَّن وقع عليهم المعنى في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: «المسلم مَنْ سَلمَ المسلمون من لسانه ويده، والمهاجرُ مَنْ هَجَرَ ما نَهَى اللهُ عنهُ»([37]).
- ولا يَقفُ عند هذا الحَدِّ مَنْ كَفَّ الأذى؛ بل عليه أن يُؤَدِّيَ حَقَّ اسم الله (السلام)؛ كما قال ابنُ عبَّاس: "السَّلامُ اسمٌ من أسمائه – سبحانه - وَضَعَه في الأرض، فَأَفْشُوه بينَكم».
- ومن فَضْل السَّلام الوصولُ به إلى دار السَّلام؛ حيث كان الأمرُ بإفشاء هذا الاسم لأنَّه سببٌ في دخول الجنة؛ كما أوضح نبيُّ الأُمَّة صلى الله عليه وسلم في حديث أشبه بخريطة بينة المعالم: «لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا، أَوَلا أَدُلُّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم! أفشوا السَّلامَ بينَكم»([38]).
- والسَّلامُ من أسباب التآلُف ومفتاحُ جَلْب المودَّة، مع ما فيه من رياضة النَّفْس ولزوم التَّواضُع وتعظيم حُرُمات المسلمين.
- وإذا قال المسلم للمسلم: (السلام عليكم). فكأنَّه يُخْبره بالسَّلامة من جانبه ويُؤَمِّنُه من شَرِّه وغائلته، وأنه سلم له لا حرب عليه.
- وكما فَرَضَ السَّلامَ أَوْجَبَ رَدَّه صلى الله عليه وسلم: «حَقُّ المسلم عَلى المُسلم خَمسٌ؛ رَدُّ السَّلام، وَعيادة المريض، واتِّباعُ الجنائز، وإجابةُ الدَّعوة، وتشميتُ العاطس»([39]).
لا يُقالُ: السلام على الله. فالسَّلامُ من الله وله، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك وهو يُعْلم أُمَّتَه أَبْلَغَ وأَشْمَلَ صيغ السَّلام بما يُقالُ في التَّشَهُّد الأَوَّل من التَّحيَّات - وهي جمع تحية ومعناها السلام: «إن اللهَ هُوَ السَّلامُ، فإذا صَلَّى أحدُكم فَلْيَقُلْ: التحياتُ لله، والصلواتُ والطَّيِّبات ورحمةُ الله وبركاتُه، السَّلامُ علينا وعلى عباد الله الصَّالحين»، ثُمَّ أَوْضَحَ الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم مدى هذا السَّلام في بقيَّة الحديث: «فإنَّكم إذا قُلتموهًا أصابت كُلَّ عَبْد لله صالح في السَّماء والأرض»([40]).



30
المؤمن
}هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السّلامُ الْمُؤمِن{ [الحشر: 23]
مرة واحدة
الذي آمن خلقَه من ظلمه، وقيل: المُصدِّقُ للمؤمنين بما وَعَدَهم من النَّصْر ومن الثَّواب والمصدِّقُ لأنبيائه بما جاؤوا به بالمبيَّنات والحُجُج؛ ففي اللغة له معنيان: التَّصْديق؛ }وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا{ [يوسف: 17]، والثاني الأمان؛ }وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ{ [قريش: 4].
أثر الإيمان بالاسم:
- الله تعالى يُؤَمِّنُ عذابَه مَنْ لا يستحقُّه من المؤمنين، ويَهَبُ الأمنَ لعباده؛ }الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ{ [الأنعام: 82].
- تَرَكَ – تعالى - خيارَ الحصول على منحة الأمن هذه للعبد بعمله؛ }أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آَمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ{ [فصلت: 40].
- وَجَبَ على المؤمن أن يأمن المؤمنون شَرَّه وغوائلَه؛ كما أوضح صلى الله عليه وسلم: «وَالله لا يُؤمنُ والله لا يُؤمنُ والله لا يؤمنُ». قيل: ومَنْ يا رسُولَ الله؟ قال: «الذي لا يأمنُ جاره بوائقه». وفي رواية لمسلم قال صلى الله عليه وسلم: «لا يَدْخُلُ الجنةَ مَنْ لاَ يَأمَنُ جارُه بوائقَهُ»([41]).
- وكما قال صلى الله عليه وسلم: «المؤمن مَنْ أَمنه النَّاسُ عَلى دمائهم وأموالهم»([42]).



31
المهيمن
}هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السّلامُ الْمُؤمِن الْمُهَيْمِنُ{ [الحشر: 23]
مرة واحدة
- الحافظُ والأمينُ والشَّاهدُ والرَّقيبُ على خَلْقه بأعمالهم.
- الهيمنة: القيامُ على الشَّيء والرِّعاية له.
أثر الإيمان بالاسم:
- الله تعالى هو الشاهد على خلقه لا يغيب عنه شيء }وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ{ [البقرة: 74].
- من نعم الله على المسلمين أن جعل الله القرآن مهيمنًا على ما قبله من الكتب؛ أي عال عليهم، وقيل: عال بما زاد من السُّوَر؛ مثل الفاتحة وخواتيم البقرة، }وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ{ [المائدة: 48].



32
العزيز
}لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ{
[آل عمران: 6]
92 مرة
العزيز: الذي له العزَّةُ كُلُّها بمعانيها الثَّلاث:
1- عزَّةُ القُوَّة: الدالّ عليها من أسمائه القويُّ المتين؛ وهي وَصْفُه العظيمُ الذي لا تُنْسَبُ إليه قُوَّةُ المخلوقات وإن عظمت.
2- عزَّةُ الامتناع: المنيع الذي لا يُنَالُ ولا يُرام جانبه؛ فهو الغنيُّ بذاته فلا يحتاج إلى أحد، ولا يبلغ العبادُ ضره فيضرونه، ولا نفعه فينفعونه؛ بل هو  الضَّارُّ النَّافعُ المعطي المانع؛ فمُمْتَنعٌ أن ينالَه أحدٌ من المخلوقات.
3- عزَّةُ الغَلَبة: قَهَرَ جميعَ الكائنات ودانت له الخليقةُ وخَضَعَتْ لعظمته.
أثر الإيمان بالاسم:
لله – تعالى - جميعُ معاني العزَّة يمنعها ويَهَبُها لمن يشاء؛ }تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ{ [آل عمران: 26].
- يريد – سبحانه - أن يُنَبِّهَ ذوي الأَقْدار والهمم من أين تُنالُ العزَّةُ؛ فمَنْ طَلَبَ العزَّةَ من الله وصَدَقَه في طَلَبها بافتقار وخضوع وَجَدَها عندَه غير ممنوعة ولا محجوبة؛ }وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ{ [المنافقون: 8].
- أَعَزَّ اللهُ كتابَه؛ }وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ{ [فصلت: 41] لأنه كلامه؛ فكلامُه عزيزٌ مُحْكَمٌ محفوظٌ من الباطل.
- صور عزَّته لأنبيائه - عليهم السلام - جاءت في قصصهم التي وردت في القرآن؛ أمَّا صُوَرُ عزَّته للمؤمنين فقد وردت في مواضع؛ منها: }إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا{ [الحج: 38].
- إدراكُ معاني الاسم والإيمان به يعطي المسلم شجاعةً وثقةً كبيرةً به؛ }سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ{ [الصافات: 180]؛ فالعزيزُ في الدُّنيا والآخرة مَنْ أَعَزَّه الله.
- مَنْ طَلَبَ العزَّةَ في الدُّنيا والآخرة فَلْيَطْلُبْها من ربِّ العزَّة؛ }مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا{ [فاطر: 10].
- مَنْ كان يُحبُّ أن يكونَ عزيزًا في الدَّارَيْن فَلْيَلْزَمْ طاعةَ الله – تعالى ؛ فإنَّه يَحْصُلُ له مقصوده؛ وبذلك تَعْلَمُ ضلالَ مَنْ بَحَثَ عن العزَّة عند غير الله تعالى المنفرد بالعزَّة؛ حيث يوكله إلى مَنْ طَلَبَها عنده، وهم لا عزَّةَ لهم أو عندهم؛ }الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا{ [النساء: 139].
- من أسباب العزَّة العفوُ والتَّواضُعُ؛ قال صلى الله عليه وسلم: «مَا زاد اللهُ عبدًا بعفو إلَّا عزًّا»([43])؛ فمن عفا عن أمر مع قدرته على الانتقام عظم ثوابُه وقَدْرُه.
- العزَّةُ هي لنفس الإنسان؛ لا ليمارسها على غيره من المؤمنين، ولا ليطغى بها كما طغى ابنُ سَلول كبيرُ المنافقين: }يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ{ [المنافقين: 8]؛ أي ليخرجنَّ منها الجليلُ الذَّليلَ.
- مدح – تعالى - أقوامًا أدركوا معنى العزَّة التي حازوها: }أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ{ [المائدة: 54]؛ متَّبعين في ذلك هديَ الرَّسول صلى الله عليه وسلم الذي أمره تعالى: }وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ{ [الحجر: 88].
- مَنْ حاز العزَّةَ وعرف معناها حقًّا فاز بحبِّ الله؛ }فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ{ [المائدة: 54]؛ فينخلع من قلبه عزَّةُ المخلوق، ومن لسانه تعظيمه، ومن يديه خدمته إلا ما حَضَّ الشَّرعُ عليه.




([1]) من قول أبي عبد الله الأنطاكي.
([2]) رواه أحمد في مسنده (3784) والبزار وأبو يعلى وابن حبان في صحيحه والحاكم، وصححه الألباني.
([3]) رواه الأربعة أبو داود (1495) الترمذي (3812) ابن ماجه (3990) مسند أحمد (23667)، وحسَّنه التِّرمذيُّ وصحَّحه ابنُ حبان والحاكم والذَّهبيُّ والألبانيُّ؛ وهذا الحديث أرجح من حيث السَّنَد من جميع ما وَرَدَ في ذلك.
([4]) أبو داود (1497) الترمذي (3889) ابن ماجه (3991) مسند أحمد (12534) صححه ابن حبان والحاكم والذهبي والألباني.
([5]) ابن ماجه (3988) حسنه الألباني.
([6]) مسلم (393).
([7]) الصحيح مسلم (5709).
([8]) مسلم (7154).
([9]) البخاري (7422) مسلم (7146).
([10]) البخاري (7376).
([11]) البخاري (5997) .
([12]) البخاري (3467) مسلم (5998).
([13]) مسلم (160) .
([14]) مسلم 7064.
([15]) البخاري (3191).
([16]) مسلم (6757).
([17]) مسلم (1102) وقد يكون التعظيم في الركوع لأنه يُمَثِّلُ صورةَ انكسارنا لله وخضوعنا لعظمته.
([18]) البخاري (6221).
([19]) مسلم (7108).
([20]) مسلم (556).
([21]) ابن ماجه (3935) حسنه الألباني.
([22]) ابن ماجه (3937)، حسنه الألباني.
([23]) مسلم (904).
([24]) رواه البخاري (4974).
([25]) الترمذي (3866).
([26]) الترمذي (3867) .
([27]) الترمذي (3889).
([28]) مسلم (1363).
([29]) أبو داود (4845)، حسَّنه الألباني.
([30]) الترمذي (2567).
([31]) ابن ماجه 207، حسنه الألباني.
([32]) مسلم (1119).
([33]) أبي داود (1432).
([34]) ابن ماجه (2520)
([35]) ابن ماجه (4146) .
([36]) موطأ مالك (1464).
([37]) البخاري (10) مسلم (171).
([38]) مسلم (203).
([39]) البخاري (1240)، مسلم (5777).
([40]) البخاري (831، 924).
([41]) البخاري (6061 مسلم 181) . البوائق: الغوائل، والشرور.
([42]) الترمذي (2836) النسائي (5012) أبو داود (4069).
([43]) مسلم (6757).

لتحميل الكتاب كاملا بصيغة بي دي اف من الرابط اسفل المقال 

تحميل كتاب ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها PDF برابط ميديا فير مباشر من هنا 

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

download pdf books تحميل كتاب pdf

2016