-->

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

تحميل كتاب المنهج الصحيح PDF


باب أول ما يجب لله على العبد
قال الله تعالى: }لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ{ [البقرة: 256].
وقال تعالى: }فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ{ [القتال: 19].
وقال تعالى: }وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ{ [النحل: 36].
وقال عز وجل: }وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ{ [الأنبياء: 25].
وقال تعالى: }وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ{ [الذاريات: 56].
وعن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله r لما بعث معاذا إلى اليمن قال: «إنك تقدم على قوم أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله عز وجل، فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا فعلوا فأخبرهم أن الله فرض عليهم زكاة تؤخذ من أموالهم وترد على فقرائهم، فإذا أطاعوا بها فخذ منهم وتوق كرائم أموال الناس» متفق عليه([1]).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله r: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويؤمنوا بي وبما جئت به، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله». رواه مسلم([2]).
وعن أبي مالك عن أبيه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله r يقول: «من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه، وحسابه على الله». رواه مسلم([3]).
* * * * *
(2)
باب دليل وحدانية الله تعالى
في الخلق والتدبير والعبادة
قال الله تعالى: }أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ{ [الرعد: 16].
وقال تعالى: }أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ{ [الطور: 35 - 36].
وقال عز وجل: }وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ{ [الأعراف: 172 - 173].
وقال تعالى: }سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ{ [فصلت: 53].
وقال تعالى: }قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ{ [الأحقاف: 4].
وعن أبي سلام عن مولى رسول الله r أن رسول الله r قال: «بخ بخ، خمس ما أثقلهن في الميزان: لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، والولد الصالح يتوفى فيحتسبه والده».
وقال: «بخ بخ لخمس من لقي الله مستيقنا بهن دخل الجنة؛ يؤمن بالله، واليوم الآخر، وبالجنة والنار، والبعث بعد الموت، والحساب». رواه الإمام أحمد([4]).
وعن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: «ليس شيء إلا وهو أطوع لله تعالى من ابن آدم». رواه الطبراني في الصغير([5]).
وعن أبي رزين العقيلي رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله r فقلت: يا رسول الله، كيف يحيي الله الموتى؟.
قال: «أما مررت بأرض من أرضك مجدبة، ثم مررت بها مخصبة؟ ».
قال: نعم، قال: «كذلك النشور» الحديث رواه الإمام أحمد([6]).
* * * * *
(3)
باب الإيمان بالله تعالى
قال الله تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ{ [البقرة: 208].
وقال تعالى: }قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ{ ]ٍالبقرة: 136].
وقال تعالى: }وَيَقُولُونَ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمَ الظَّالِمُونَ * إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{ [النور: 47 - 51].
وقال تعالى: }وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ{ [الحجرات: 7].
فأخبر أن الذنوب بعضها كفر، وبعضها فسوق، وبعضها عصيان، وأخبر تعالى أنه كرهها كلها إلى المؤمنين، والطاعات كلها داخلة في الإيمان، ولهذا لم يفرق بينها.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي r يوما بارزا للناس، فأتاه رجل فقال: يا رسول الله، ما الإيمان؟
قال: «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتابه ولقائه ورسله، وتؤمن بالبعث الآخر». رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم([7]).
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: «إن المؤمن ليس باللعان، ولا الطعان، ولا الفاحش، ولا البذيء». رواه الإمام أحمد والبخاري في الأدب المفرد([8]).
عن أبي شريح رضي الله عنه أن النبي r قال: «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن»، قيل : من يا رسول الله؟.
قال: «الذي لا يأمن جاره بوائقه». رواه البخاري([9]).
وقال الحسن: "ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلب وصدقته الأعمال".
* * * * *


(4)
باب الإسلام والفرق بينه وبين الإيمان
قال الله تعالى: }فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ{ [الذاريات: 35 - 36].
وقال تعالى: }قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ{ [الحجرات: 14].
وقال تعالى: }إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ{ [الأحزاب: 35].
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: حدثني أبي عمر بن الخطاب قال: بينما نحن عند رسول الله r ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي r فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام؟.
فقال رسول الله r: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا».
قال: صدقت، فعجبنا له يسأله ويصدقه، قال: فأخبرني عن الإيمان؟.
قال: «الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره».
قال: صدقت، قال: فأخبرني عن الإحسان؟.
قال: «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك».
قال: فأخبرني عن الساعة، قال: «ما المسئول عنها بأعلم من السائل».
قال: فأخبرني عن أماراتها، قال: «أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان».
قال: ثم انطلق، فلبثت مليا، ثم قال لي: «يا عمر، أتدري من السائل؟ ».
قلت: الله ورسوله أعلم، قال: «فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم». رواه مسلم([10]).
وعن بهز بن حكيم رضي الله عنه عن أبيه عن جده قال: قلت: يا نبي الله، ما أتيتك حتى حلفت أكثر من عددهن - لأصابع يديه - أن لا آتيك، ولا آتي دينك، وإني كنت امرءاً لا أعقل شيئاً إلا ما علمني الله ورسوله، وإني سألتك بوجه الله بما بعثك الله؟ قال: «بالإسلام»، قال: وما آيات الإسلام؟ قال: «أن تقول: أسلمت وجهي لله، وتخليت، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة». رواه النسائي وابن ماجه([11]).
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قسم رسول الله r قسما، فقلت: يا رسول الله، أعط فلانا فإنه مؤمن، فقال النبي r: «أو مسلم»، أقولها ثلاثا ويرددها ثلاثا «أو مسلم»، ثم قال: «إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه مخافة أن يكبه الله في النار». متفق عليه([12]).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم». رواه الترمذي والنسائي([13]).
* * * * *
(5)
باب الإيمان بالرسل
قال الله تعالى: }آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ{ [الحديد: 7].
وقال تعالى: }قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ{ [الأعراف: 158].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي r أنه قال: «والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة، يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار». رواه مسلم([14]).
وعن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله r يقول: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين». متفق عليه([15]).
* * * * *
(6)
باب
قول الله تعالى: }إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ{ [الحجرات: 15].
وقال الله تعالى: }إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ{ [الأنفال: 2 - 3].
وعن أبي مالك عن أبيه قال: سمعت رسول الله r يقول: «من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه، وحسابه على الله». رواه مسلم([16]).
وهذا يدل على أن الإيمان قول وعمل وعلم، يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، كما هو قول أهل السنة.
* * * * *
(7)
باب
قول الله تعالى: }فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا{ [النساء: 65].
وقال الله تعالى: }وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ{ [المائدة: 43].
قال ابن القيم في الآية الأولى: "أقسم سبحانه بنفسه المقدسة قسما مؤكدا بالنفي قبله على عدم إيمان الخلق حتى يحكموا رسوله في كل ما شجر بينهم من الأصول والفروع وأحكام الشرع وأحكام العباد والصفات وغيرها، ولم يثبت لهم الإيمان بمجرد التحكيم حتى ينتفي عنهم الحرج ـ وهو ضيق النفس ـ، وحتى ينضاف إلى ذلك الرضى به والتسليم لحكمه"([17]). اهـ.
وعن عروة بن الزبير أن عبد الله بن الزبير حدثه أن رجلا من الأنصار خاصم الزبير عند رسول الله r في شراج الحرة التي يسقون بها النخل، فقال الأنصاري: سرح الماء يمر، فأبى عليهم، فاختصموا عند رسول الله r.
فقال رسول الله r: «اسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك»، فغضب الأنصاري، فقال: يا رسول الله، أن كان ابن عمتك، فتلون وجه نبي الله r ثم قال: «يا زبير اسق، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر».
فقال الزبير: والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك: }فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا{. متفق عليه([18]).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس مع النبي r في المسجد إذ دخل رجل على جمل، ثم أناخه في المسجد ثم عقله، ثم قال: أيكم محمد؟ والنبي r متكئ بين ظهرانيهم، فقلنا: هذا الرجل الأبيض المتكئ.
فقال له: ابن عبد المطلب، فقال له النبي r: «قد أجبتك».
فقال الرجل: إني سائلك فمشدد عليك في المسألة، فلا تجد علي في نفسك.
قال: «سل عما بدا لك».
قال: أسألك بربك ورب من قبلك، آلله أرسلك إلى الناس كلهم؟.
قال: «اللهم نعم».
قال: أنشدك بالله، آلله أمرك أن نصلي الصلوات الخمس في اليوم والليلة؟.
قال: «اللهم نعم».
قال: أنشك بالله، آلله أمرك أن نأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا فنقسمها على فقرائنا؟.
قال النبي r: «نعم».
قال الرجل: آمنت بما جئت به، وأنا رسول من ورائي من قومي، وأنا ضمام بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر. متفق عليه، واللفظ للبخاري([19]).
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: قال النبي r: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به». قال النووي: حديث صحيح([20]).
* * * * *


(8)
باب قيام الحجة بالرسل
قال الله تعالى: }رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ{ [النساء: 165].
وقال تعالى: }وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ{ [المائدة: 92].
وقال تعالى: }وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ{ [النحل: 89].
وقال تعالى: }وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آَمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ{ [الأنعام: 48 - 49].
وقال تعالى: }تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ * وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ{ [الملك: 8 - 10].
وعن أبي سعيد قال: قال رسول الله r: «يجيء نوح وأمته فيقول الله تعالى: هل بلغت؟ فيقول: نعم أي رب، فيقول لأمته: هل بلغكم؟ فيقولون: لا ما جاءنا من نبي، فيقول لنوح: من يشهد لك؟ فيقول: محمد r وأمته، فنشهد أنه قد بلغ ـ وهو قوله جل ذكره ـ: }وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ{ [البقرة: 143]». رواه البخاري([21]).
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: «أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي، كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى كل أحمر وأسود، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وجعلت لي الأرض طيبة طهورا ومسجدا، فأيما رجل أدركته الصلاة صلى حيث كان، ونصرت بالرعب بين يدي مسيرة شهر، وأعطيت الشفاعة». متفق عليه، واللفظ لمسلم([22]).
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله r قال: «من سمع بي من أمتي أو يهودي أو نصراني ثم لم يؤمن بي، دخل النار». رواه أبو داود الطيالسي، وقال الهيثمي: رواه النسائي وابن أبي شيبة ورجاله رجال الصحيح([23]).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله r أنه قال: «والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة، يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار». رواه مسلم([24]).
* * * * *
(9)
باب الإيمان بالملائكة
قال الله تعالى: }الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{ [فاطر: 1]0
وقال تعالى: }وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ * وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ{ [الأنبياء: 26 - 29].
وقال تعالى: }آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ{ [البقرة: 285].
وقال تعالى: }وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ{ [الانفطار: 10 - 12].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي r قال: «الملائكة يتعاقبون، ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر والعصر، ثم يعرج إليه الذين باتوا فيكم، فيسألهم ـ وهو أعلم ـ فيقول: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم يصلون، وأتيناهم يصلون». متفق عليه([25]).
وعنه رضي الله عنه أن رسول الله r قال: «إذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة على باب المسجد، يكتبون الأول فالأول، ومثل المُهَجِّر كمثل الذي يهدي بدنه، ثم كالذي يهدي بقرة، ثم كبشا، ثم دجاجة، ثم بيضة، وإذا خرج الإمام طووا صحفهم، ويسمعون الذكر». متفق عليه([26]).
وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله r فقال: «ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها».
فقلنا: يا رسول الله، وكيف تصف الملائكة عند ربها؟
قال: «يتمون الصفوف الأول، ويتراصون في الصف»([27]).
* * * * *
(10)
باب الإيمان بكتب الله تعالى
قال الله تعالى: }قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ{ [البقرة: 136].
وقال تعالى: }وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ{ [البقرة: 89].
وقال تعالى: }آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ{ [البقرة: 285].
وعن سعيد بن المسيب قال: سمعت صهيبا يقول: سمعت رسول الله r يقول: «ما آمن بالقرآن من استحل محارمه». رواه الترمذي ورواه البيهقي بسند رجاله ثقات([28]).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: «ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة». متفق عليه([29]).
* * * * *
(11)
باب من بلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة
قال الله تعالى: }قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آَلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ{ [الأنعام: 19].
وقال تعالى: }هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ{ [آل عمران: 138].
وقال تعالى: }هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ{ [إبراهيم: 52].
وقال عز وجل: }وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآَنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ{ [النمل: 92].
وقال تعالى: }وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآَنٌ مُبِينٌ * لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ{ [يس: 69 - 70].
وقال تعالى: }تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا{ [الفرقان: 1].
قال عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة في قوله: }لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ{ أن النبي r قال: «بلغوا عن الله، فمن بلغته آية من كتاب الله فقد بلغه أمر الله»([30]).
وقال ابن عباس: "من بلغه القرآن فهو له نذير من الناس". رواه ابن أبي حاتم([31]).
وقال محمد بن كعب في قوله تعالى: }وَمَنْ بَلَغَ{ قال: "من بلغه القرآن فكأنما رأى النبي r وكلمه". رواه ابن أبي حاتم وابن جرير([32]).
وقال مقاتل: "من بلغه القرآن من الجن والإنس فهو نذير له"([33]).
وقال البغوي: "يعني من بلغه القرآن من العجم وغيرهم من الأمم إلى يوم القيامة"([34]).
* * * * *
(12)
باب الإيمان باليوم الآخر
قال الله تعالى: }وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ{ [البقرة: 4].
وقال تعالى: }وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ{ [البقرة: 281].
وقال تعالى: }كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ{ [آل عمران: 185].
وقال عز وجل: }وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ * وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ{ [الأنعام: 29 - 31].
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: سمعت النبي r يقول: «إنكم ملاقوا الله حفاة، عراة، مشاة، غرلا». متفق عليه([35]).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله r: «تحشرون حفاة، عراة، غرلا»، قالت عائشة رضي الله عنها: فقلت: يا رسول الله، الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض، فقال: «الأمر أشد من أن يهمهم ذاك». متفق عليه([36]).
وعن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: "بينما أنا عند النبي r إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكا إليه قطع السبيل، فقال: يا عدي، هل رأيت الحيرة؟ قلت: لم أرها، وقد أنبئت عنها، قال: «فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدا إلا الله».
قلت فيما بيني وبين نفسي: فأين دُعّار طي الذين قد سعَّروا البلاد.
«ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى»، قلت: كسرى بن هرمز؟
قال: «كسرى بن هرمز، ولئن طالبت بك حياة لترين الرجل يخرج ملء كفه من ذهب أو فضة يطلب من يقبله منه فلا يجد أحدا يقبله منه، وليلقين الله أحدكم يوم يلقاه وليس بينه وبينه ترجمان يترجم له، فيقول: ألم أرسل إليك رسولا فبلغك؟ فيقول: بلى، فيقول: ألم أعطك مالا وأفضل عليك؟ فيقول: بلى، فينظر عن يمينه ولا يرى إلا جهنم، وينظر يساره فلا يرى إلا جهنم، فاتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد تمرة فبكلمة طيبة».
قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة ولا تخاف إلا الله تعالى، وكنت فيمن أفتتح كنوز كسرى بن هرمز، ولئن طالت بكم حياة لترون ما قال أبو القاسم r يخرج ملئ كفه". متفق عليه، واللفظ للبخاري([37]).
* * * * *
(13)
باب الإيمان بالبعث
قال الله تعالى: }زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ{ [التغابن: 7].
وقال تعالى: }وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ{ [سبأ: 3].
وقال تعالى: }أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ{ [المطففين: 4].
وعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: «لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع؛ يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله بعثني بالحق، ويؤمن بالموت، والبعث بعد الموت، ويؤمن بالقدر». رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم([38]).
* * * * *
(14)
باب الإيمان بنعيم القبر وعذابه
قال الله تعالى: }النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ{ [غافر: 46].
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r: «إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، فيقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة». متفق عليه([39]).
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي r قال: «إن أهل القبور يعذبون في قبورهم عذابا تسمعه البهائم». متفق عليه([40]).
* * * * *
(15)
باب ما يسأل عنه العبد في قبره
قال الله تعالى: }يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ{ [إبراهيم: 27].
وعن أنس رضي الله عنه أن نبي الله r قال: «إن العبد إذا وضع في قبره، وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم، فيأتيه ملكان فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل ـ يعني: محمدا r ـ.
قال: فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال: انظر إلى مقعدك من النار، قد أبدلك الله مقعدا في الجنة، فيراهما جميعا.
وأما الكافر أو المنافق فيقول: لا أدري كنت أقول ما يقول الناس، فيقال: لا دريت ولا تليت، ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين». متفق عليه، واللفظ للبخاري([41]).
وعنه رضي الله عنه أن رسول الله r قال: «إن المؤمن إذا وضع في قبره أتاه ملك فيقول: ما كنت تعبد؟ فإن هداه الله قال: كنت أعبد الله، فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: هو عبد الله ورسوله، فما يسأل عن شيء غيرها بعد، فينطلق به إلى بيت كان له في النار، فيقال: هذا بيتك كان لك في النار، ولكن الله عصمك ورحمك فأبدلك به بيتا في الجنة فيراه، فيقول: دعوني حتى أذهب فأبشر أهلي، فيقال له: اسكن.
قال: وإن الكافر إذا وضع في قبره أتاه ملك فينهره فيقول له: ما كنت تعبد؟ فيقول: لا أدري. فيقال له: لا دريت ولا تليت، فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: كنت أقول ما يقوله الناس، فيضربه بمطراق بين أذنيه، فيصيح صيحة يسمعها الخلق غير الثقلين». رواه أبو داود([42]).
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله r قرأ: }يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ{ [إبراهيم: 27]، قال: «نزلت في عذاب القبر». متفق عليه([43]).
* * * * *
(16)
باب الإيمان بالحشر
قال الله تعالى: }وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ{ [الأنعام: 22].
وقال تعالى: }يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ{ [ق: 44].
وقال تعالى: }وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا{ [الكهف: 47].
وقال تعالى: }وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ{ [البقرة: 203].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي r قال: «يحشر الناس على ثلاث طرائق: راغبين، وراهبين، واثنان على بعير، وثلاثة على بعير، وعشرة على بعير، وتحشر بقيتهم النار، تقيل معهم حيث قالوا، وتبيت معهم حيث باتوا، تصبح معهم حيث أصبحوا، وتمسي معهم حيث أمسوا». متفق عليه([44]).
وعن أنس رضي الله عنه: "أن رجلا قال: يا نبي الله، كيف يحشر الكافر، على وجهه؟ قال: «أليس الذي أمشاه على رجلين قادر على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة».
قال قتادة: بلى وعزة ربنا". متفق عليه([45]).
* * * * *
(17)
باب السؤال يوم القيامة
قال الله تعالى: }فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ{ [الأعراف: 6].
وقال تعالى: }وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ{ [النحل: 93].
وقال تعالى: }فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ{ [الحجر: 92 - 93].
وقال تعالى: }وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ{ [القصص: 65].
وقال تعالى: }وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ{ [القصص: 62].
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي r قال: «لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وماذا عمل فيما علم». رواه الترمذي وقال: غريب([46]).
وعن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه». رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح([47]).
* * * * *
(18)
باب
قول الله تعالى: }وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا{ [الإسراء: 13].
قال الله تعالى: }وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا{ [الكهف: 49].
وقال تعالى: }فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ{ [الزلزلة: 7 - 8].
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله r قال: «ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك».
فقلت: يا رسول الله، أليس قد قال الله تعالى: }فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا{؟ [الانشقاق: 7 - 8] فقال رسول الله r: «إنما ذلك العرض، وليس أحد يناقش الحساب يوم القيامة إلا عذب». متفق عليه([48]).
* * * * *
(19)
باب الإيمان بالميزان
قال الله تعالى: }وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَظْلِمُونَ{ [الأعراف: 8 – 9].
وقال تعالى: }وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ{ [الأنبياء: 47].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله r: «إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة، لا يزن عند الله جناح بعوضة، اقرؤوا: }فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا{». متفق عليه([49]).
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r: «توضع الموازين يوم القيامة فيؤتى بالرجل فيوضع في كفة، فيوضع ما أحصى عليه فتمايل به الميزان»، قال: «فيبعث به إلى النار، فإذا أدبر به إذا صائح يصيح من عند الرحمن يقول: لا تعجلوا لا تعجلوا فإنه قد بقي له، فيؤتى ببطاقة فيها: لا إله إلا الله، فتوضع مع الرجل في كفة حتى تميل به الميزان». رواه الإمام أحمد وسنده حسن([50]).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: «كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم». متفق عليه([51]).
* * * * *
(20)
باب الإيمان بالحوض
قال الله تعالى: }إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ{ [الكوثر: 1 - 2].
عن أنس رضي الله عنه قال: بينما رسول الله r بين أظهرنا في المسجد إذا غفي إغفاءة ثم رفع رأسه مبتسما.
قلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: «أنزلت عليَّ آنفا سورة» فقرأ: }بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ{. [الكوثر: 1 - 3].
ثم قال: «أتدرون ما الكوثر»؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: «فإنه نهر وعدنيه ربي عليه خير كثير، وهو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم، فيختلج العبد منهم، فأقول: ربي، من أمتي، فيقول: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك». رواه مسلم، والإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي([52]).
 (21)
باب الإيمان بالصراط
قال الله تعالى: }وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا{ [مريم: 71 - 72].
وفي حديث أبي هريرة وأبي سعيد الطويل: «ويضرب جسر جهنم فأكون أول من يجيز، ودعاء الرسل يومئذ: اللهم سلم سلم، وبه كلاليب مثل شوك السعدان، أما رأيتم شوك السعدان؟ »، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «فإنها مثل شوك السعدان، غير أنها لا يعلم قدر عظمها إلا الله تعالى، فتخطف الناس بأعمالهم، منهم الموبق بعمله، ومنهم المخردل ثم ينجو... » وذكر الحديث. متفق عليه([53]).
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: }وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا{، قال: "الصراط على جهنم مثل حد السيف، فتمر الطبقة الأولى كالبرق، والثانية كالريح، والثالثة كأجود الخيل، والرابعة كأجود البهائم، ثم يمرون والملائكة يقولون: اللهم سلم سلم". رواه ابن جرير([54]).
* * * * *
(22)
باب الإيمان بالجنة والنار وأبديتهما
قال الله تعالى: }سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ{ [الحديد: 21].
وقال تعالى: }فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ{ [البقرة: 24].
وقال تعالى: }فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ{ [هود: 106 - 108].
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي r قال: «اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت على النار فرأيت أكثر أهلها النساء». متفق عليه([55]).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r: «إذا صار أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار، جيء بالموت حتى يجعل بين الجنة والنار ثم يذبح، ثم ينادي مناد: يا أهل الجنة لا موت، يا أهل النار لا موت، فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم، وأهل النار حزنا إلى حزنهم». متفق عليه([56]).
* * * * *
(23)
باب الإيمان بالقدر
قال الله تعالى: }إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ * وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ * وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ * وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ * وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ{ [القمر: 49 - 53].
وقال تعالى: }وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ{ [الأنعام: 59].
وقال تعالى: }مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ{ [الحديد: 22 - 23].
قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه لابنه: "يا بني، إنك لن تجد طعم الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، سمعت رسول الله r يقول: «إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، قال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة».
يا بني إني سمعت رسول الله r يقول: «من مات على غير هذا فليس مني»". رواه أبو داود([57]).
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله r يقول: «كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وعرشه على الماء». رواه مسلم([58]).
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: «كل شيء بقدر، حتى العجز والكيس». رواه مسلم([59]).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي r قال: «خلق الله تبارك وتعالى كل دابة، وكتب أجلها ورزقها وأثرها». رواه أبو يعلي، والدينوري في المجالسة، والطحاوي، وسنده صحيح([60]).



تحميل كتاب المنهج الصحيح PDF من هنا 

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

download pdf books تحميل كتاب pdf

2016