-->

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

تحميل كتاب من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه PDF برابط ميديا فير



1- سليمان عليه السلام ذبح الخيل لله فعوضه
الله ريحًا تجري حيث شاء
قال الله تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ [ص: 29-33]. يذكر تعالى أنه وهب لداود سليمان عليهما السلام، ثم أثنى سبحانه عليه، وأنه كثير الرجوع لمولاه، ثم ذكر تعالى ما كان من أمره في الخيل.
- وإليك أيها المسلم هذه القصة:
 كان سليمان عليه السلام محبًّا للخيل من أجل الجهاد بها في سبيل الله، وكان معه الخيول الصَّافنات؛ وهي الخيول القوية السريعة، وكانت ذا أجنحة ويزيد عددها على عشرين ألفًا، فبينما هو يقوم بعرضها وتنظيمها فاتته صلاة العصر نسيانًا لا عمدًا، فلما علم أن الصلاة قد فاتته من أجل هذه الخيول قال: لا والله لا تشغليني عن عبادة ربي، ثم أمر بها فعقرت فضرب أعناقها وعراقيبها بالسيوف، فلما علم الله سبحانه من عبده سليمان أنه ذبح هذه الخيول من أجله سبحانه وخوفًا من عذابه ومحبة إجلالا له، بسبب أنه اشتغل بها حتى خرج وقت الصلاة، عوضه الله عز وجل ما هو خير منها وهو الريح التي تجري بأمره رخاء حيث أصاب، غُدُوُّها شهر، ورواحها شهر، فهذا أسرع وخير من الخيل، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: «إنك لا تدع شيئًا اتقاء الله تعالى إلا أعطاك الله عز وجل خيرًا منه» رواه أحمد والبيهقي وهو حديث صحيح.
2- تجاوز عن المعسرين فجاوز الله عنه
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «كان رجل يداين الناس فكان يقول لفتاه: إذا جئت معسرًا فتجاوز عنه لعل الله أن يتجاوز عنا قال: فلقي الله فتجاوز عنه»([1]) .
وفي لفظ آخر:
عن أبي مسعود قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الملائكة لَتَلَقَّتْ روحَ رجل كان قبلكم، فقالوا له: هل عملت خيرًا قط قال: لا، قالوا: تذكر، قال: لا، إلا أني كنت أُدَاينُ الناس، فكنت آمر فتياني أن يُنْظروا الموسر، ويتجاوزوا عن المعسر. قال الله سبحانه وتعالى: تجاوزوا عنه»([2]) .
3- ترك فاحشة الزنا فعُوِّض بملك وامرأة حلال
يوسف بن يعقوب عليهما السلام، قد ذكر الله قصته في سورة كاملة فيها فوائد وعبر تزيد على ألف فائدة، هذا النبي الكريم امتحن امتحانًا عظيمًا، ولكنه صبر وهذا شأن الصالحين، فانقلبت المحنة إلى منحة ربانية إليك هي:
يوسف أمه اسمها راحيل، وله إحدى عشر أخًا وكان أبوه يحبه حبًا جمًا فبدأ الحسد يدب في صدور إخوته وحيث إنهم عصبة- جماعة- ومع ذلك فإن يوسف وأخاه بنيامين لهما محبة في صدور أبيهما، فماذا كان منهم؟
 طلبوا من أبيهم أن يرسل معهم أخاهم يوسف وأظهروا له أنهم يريدون أن يرعى معهم وقد أضمروا له ما الله به عليم، فأخذوه ثم ألقوه في البئر- الجُبّ- ثم مرت به قافلة، فأنزلوا الدَّلوَ فتعلَّق به، ثم باعوه على عزيز مصر، فاشتراه بدراهم معدودة ([3]) ثم ماذا حدث؟ يقول الله تعالى: ﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ * وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ... الآيات. يذكر تعالى ما كان من مراودة امرأة العزيز ليوسف عليه السلام عن نفسه وطلبها منه ما لا يليق بحاله ومقامه، وهي في غاية الحسن والجمال والمنصب والشباب، وَغَلَّقَت الأبواب عليها وعليه وتهيأت له وتصنعت ولبست أحسن ثيابها وأفخر لباسها، وهي مع ذا كله امرأة الوزير، ويوسف عليه السلام شاب بديع الجمال والبهاء والشباب مركب الشهوة وكان عزبًا ليس عنده ما يعوضه، وكان غريبًا من أهله ووطنه والمقيم بين أهله وأصحابه يستحيي منهم أن يعلموا به فيسقط من عيونهم فإذا تغرب زال هذا المانع، وكانت هي المطالبة فيزول بذلك كلفة تعرض الرجل وطلبه وخوفه من عدم الإجابة، وكانت في محل سلطانها وبيتها بحيث تعرف وقت الإمكان، ومكانه الذي لا تناوله العيون، ومع هذا كله عَفَّ عن الحرام، وعصمه ربه عن الفحشاء؛ فهو من سلالة الأنبياء، وحماه مولاه عن كيد ومكر النساء وعَوَّضَه أن مَكَّنَه في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء، وآتاه الملك وأتته المرأة صاغرة سائلة راغبة في الوصل الحلال فتزوجها فلما دخل بها قال: هذا خير مما كنت تريدين. فتأمل أيها المسلم كيف أنه لما ترك الحرام لله عوضه الله خيرًا منه، ولذلك فهو سيد السادة النجباء السبعة الأتقياء المذكورين في الصحيحين عن خاتم الأنبياء في قوله عليه الصلاة والسلام من رب الأرض والسماء: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه، ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله».


4- حبست الشمس من أجل جهاده لله
لما مات موسى عليه السلام خرج ببني إسرائيل من التيه يوشع بن نون- عليه السلام- فقطع ببني إسرائيل نهر الأردن، وانتهى إلى أريحا، وكانت من أحصن المدائن سورًا وأعلاها قصورًا وأكثرها أهلا فحاصرها ستة أشهر، ثم إنهم أحاطوا بها يومًا وضربوا بالقرون يعني الأبواق، وكبروا تكبيرة رجل واحد فتفسخ سورها وسقط وجبة واحدها، فدخلوها وأخذوا ما وجدوا فيها من الغنائم وقتلوا اثنى عشر ألفًا من الرجال والنساء، وحاربوا ملوكًا كثيرة، وظهر على أحد عشر ملكًا من ملوك الشام، وانتهى محاصرته لها إلى يوم الجمعة بعد العصر، فلما غربت الشمس أو كادت تغرب ويدخل عليهم السبت الذي جعل عليهم، وشرع لهم ذلك الزمان قال لها: إنك مأمور وأنا مأمور، اللهم احبسها علي. فحبسها الله عليه حتى تمكن من فتح البلد وأمر القمر فوقف عند الطلوع.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الشمس لم تحبس لبشر إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس». رواه أحمد وهو على شرط البخاري، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل قد ملك بضع([4]) امرأة وهو يريد أن يبني بها ولما يبن، ولا آخر قد بنى بنيانًا ولم يرفع سقفها، ولا آخر قد اشترى غنمًا أو خلفات وهو ينتظر أولادها، فغزا فدنا من القرية حين صلى العصر أو قريبًا من ذلك، فقال للشمس: أنت مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها علي شيئًا. فحبست عليه حتى فتح الله عليه، فجمعوا ما غنموا، فأتت النار لتأكله فأبت أن تطعمه، فقال: فيكم غلول ([5]) فليبايعني من كل قبيلة رجل. فبايعوه فلصقت يد رجل بيده، فقال: فيكم الغلول ولتبايعني قبيلتك. فبايعته قبيلته، فلصق بيد رجلين أو ثلاثة فقال: فيكم الغلول، أنتم غللتم. فأخرجوا له مثل رأس بقرة من ذهب، قال: فوضعوه بالمال وهو بالصعيد، فأقبلت النار فأكلته فلم تحل الغنائم لأحد من قبلنا؛ ذلك بأن الله رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا » انفرد به مسلم من هذا الوجه.
ولما استقرت يد بني إسرائيل على بيت المقدس استمروا فيه، وبين أظهرهم نبي الله يوشع يحكم بينهم بكتاب الله التوراة حتى قبضه الله إليه وهو ابن مائة وسبع وعشرين سنة فكان مدة حياته بعد موسى سبعًا وعشرين سنة.
5- عاقبة التقوى
كان الملك بخت نصر([6]) قد قدم بيت المقدس من الشام، فقتل بني إسرائيل وأخذ مدينة بيت المقدس عنوة، وسبى ذراريهم وفي السبي دانيال ([7]) عليه السلام وكان هذا الملك قد جاءه المنجمون وأصحاب العلم قبل ذلك، وقالوا له: أنه يولد ليلة كذا وكذا غلام يعور- يعني يعيب- ملكك ويفسده. فقال الملك والله لا يبقى تلك الليلة غلام إلا قتلته. إلا أنهم أخذوا دانيال فألقوه في أجمة الأسد فبات الأسد ولبوته يلحسانه ولم يضراه، فجاءت أمه فوجدتهما يلحسانه فنجاه الله، قال علماء تلك القرية فنقش دانيال صورته وصورة الأسدين يلحسانه في فص خاتمه لئلا ينسى نعمة الله عليه في ذلك. رواه ابن أبي الدنيا بإسناد حسن.
وفي لفظ: إن نبيًا كان في بني إسرائيل بعد موسى عليه السلام بزمن طويل، يقال له دانيال، وإن قومه كذبوه فأخذه مَلِكُهم فقذفه إلى أسد مجوعة في جب فلما اطلع الله تعالى على حسن اتِّكاله عليه وصبره طلبًا لما لديه، أمسك أفواه الأسد عنه حتى قام على رؤوسها برجليه وهي مذلَّلةٌ غيرُ ضارة له فبعث الله تعالى إرميا من الشام حتى تخلص دانيال من هذه الشدة وأهلك من أراد إهلاك دانيال؛ فعن عبد الله بن أبي الهديل قال: ضري بخت نصر أسدين، فألقاهما في جب وجاء بدانيال فألقاه عليهما، فلم يهيجاه فمكث ما شاء الله، ثم اشتهى ما يشتهي الآدميون من الطعام والشراب فأوحى الله إلى إرميا ([8]) وهو بالشام أن أعد طعامًا وشرابًا لدانيال، فقال: يا رب أنا بالأرض المقدسة ودانيال بأرض بابل من أرض العراق، فأوحى الله تعالى إليه أن أعد ما أمرناك به، فإنا سنرسل إليك من يحملك ويحمل ما أعددت. ففعل، فأرسل الله إليه من حمله وحمل ما أعد، حتى وقف على رأس الجب. فقال دانيال: من هذا؟ قال: أنا إرميا. قال: ما جاء بك؟ قال: أرسلني إليك ربك. قال: وذكرني؟ قال: نعم. قال: الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره والحمد لله الذي لا يخيب من رجاه، والحمد لله الذي من توكل عليه كفاه والحمد لله الذي من وثق به لم يكله إلى غيره، والحمد لله الذي يجزي بالإحسان إحسانًا وبالسيئات غفراناً والحمد لله الذي يجزي بالصبر نجاة والحمد لله الذي يكشف ضرنا بعد كربنا، والحمد لله الذي هو ثقتنا حين تسوء ظنوننا بأعمالنا، والحمد لله الذي هو رجاؤنا حين تنقطع الحيل منا.
6- عاقبة الاسترجاع والصبر
الإنسان المسلم مُعَرَّضٌ في هذه الحياة للاختبار والابتلاء والامتحان، فعليه إذا ابتلي أن يصبر ويحتسب مصيبته عند الله، فإن الله لا يضيع عنده شيء، بل يخلف عليه خير مما أخذ منه، وإليك هذه القصة التي رواها الإمام مسلم في صحيحه: عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرني في مصيبتي، واخلف لي خيرًا منها. إلا أخلف الله له خيرًا منها». قالت: فلما مات أبو سلمة قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة أول بيت هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ثم إني قلتها فأخلف الله لي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أرأيت أيها المسلم: إن من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه؛ فمن ترك لَطْمَ الخدود وشَقَّ الجيوب والنياحة وغير ذلك من المنكرات واحتسب مصيبته عند الله واسترجع فإن الله سبحانه يخلفه وهو خير الوارثين.
7- تَرَكَ تَعَلُّمَ السِّحر فكان مشعل هداية للآخرين
عن صهيب الرومي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كان ملكٌ فيمن كان قبلكم وكان له ساحر، فلما كبر الساحر قال للملك إني قد كبرت سني وحضر أجلي فادفع إليَّ غلامًا لأعلِّمَه السحر، فدفع إليه غلامًا فكان يعلمه السحر، وكان بين الملك وبين الساحر راهب، فأتى الغلام على الراهب فسمع من كلامه فأعجبه نحوه وكلامه وكان إذا أتى الساحر ضربه، وقال: ما حبسك وإذا أتى أهله ضربوه، وقالوا ما حبسك فشكا ذلك إلى الراهب، فقال: إذا أراد الساحر أن يضربك فقل حبسني أهلي، وإذا أراد أهلك أن يضربوك فقل حبسني الساحر قال: فبينما هو ذات يوم إذ أتى على دابة فظيعة عظيمة، قد حبست الناس فلا يستطيعون أن يجوزوا فقال: اليوم أعلم أمر الساحر أحب إلى الله أم أمر الراهب: قال فأخذ حجرًا فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك وأرضى من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يجوز الناس ورماها فقتلها ومضى فأخبر الراهب بذلك، فقال: أي بني أنت أفضل مني وإنك ستبتلى فإن ابتليت فلا تدل عليَّ. فكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص وسائر الأدواء ويشفيهم الله على يديه، وكان جليساً للملك فعمي فسمع به فأتاه بهدايا كثيرة فقال: اشفني ولك ما ههنا أجمع. فقال: ما أنا أشفي أحداً إنما يشفي الله عز وجل، فإن آمنت به ودعوت الله شفاك. فآمن فدعا الله فشفاه ثم أتى الملك فجلس منه نحو ما كان يجلس فقال له الملك: يا فلان، من رد عليك بصرك؟ فقال: ربي، قال: أنا، قال لا؛ ربي وربُّك الله، قال: ولك رب غيري؟ قال نعم؛ ربي وربك الله. فلم يزل يعذِّبُه حتَّى دَلَّ على الغلام، فأتى به، فقال: أي بنيّ، بَلَغَ منْ سحرك أن تبرئ الأكمه والأبرص، وهذه الأدواء! قال: ما أشفي أنا أحدًا؛ إنَّما يشفي اللهُ عزَّ وجلَّ. قال: أنا، قال: لا، قال: أولك ربٌّ غيري؟ قال: ربي وربُّك الله. قال: فأخذ أيضًا بالعذاب، ولم يزل به، حتى دل على الراهب، فأتى الراهب، فقال: ارجع عن دينك. فأبى، فوضع المنشارَ في مفرق رأسه حتَّى وقع شِقَّاه، وقال للأعمى: ارجع عن دينك. فأبى، فوضع المنشار في مفرق رأسه، حتى وقع شقَّاه، وقال للغلام: ارجع عن دينك. فأبى فبعث به مع نفر إلى جبل كذا وكذا وقال : إذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلا فدهدوه. فذهبوا به فلما علوا الجبل قال: اللهم اكفنيهم بما شئت، فرجف بهم الجبل، فدهدوا أجمعون، وجاء الغلام يتلمس حتى دخل على الملك فقال: ما فعل أصحابك فقال: كفانيهم الله. فبعث به مع نفر في قرقرة فقال: إذا لججتم البحر، فإن رجع عن دينه، وإلا فأغرقوه في البحر. فلججوا به، فقال الغلام: اللهم اكفنيهم بما شئت. فغرقوا أجمعون، وجاء الغلام حتى دخل على الملك فقال: ما فعل أصحابك فقال: كفانيهم الله، ثم قال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما أمرك به، فإن أنت فعلت ما آمرك به قتلتني، وإلا فإنك لا تستطيع قتلي، قال: وما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد، ثم تصلبني على جذع، وتأخذ سهمًا من كنانتي، ثم قل: بسم الله رب الغلام. فوقع السهم في صدغه، فوضع الغلام يده على موضع السهم ومات، فقال الناس: آمنا برب الغلام آمنا برب الغلام. فقيل للملك: أرأيت ما كنت تحذر، فقد والله نزل بك؛ قد آمن الناس كلهم. فأمر بأفواه السكك فحفر فيها الأخاديد، وأضرمت فيها النيران، وقال: من رجع عن دينه فدعوه، وإلا فأقحموه فيها. وقال: فكانوا يتعادون فيها ويتواقعون، فجاءت امرأة بابن لها ترضعه فكأنها تقاعست أن تقع في النار، فقال الصبي: اصبري يا أماه فإنك على الحق»([9]) .
8- ترك فاحشة الزنا خوفًا من الله فأجرى الله على يديه معجزة
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة عيسى بن مريم، قال: وكان في بني إسرائيل رجل عابد يقال له جريج، فابتنى صومعة وتعبَّد فيها، قال: فذكر بنو إسرائيل عبادة جريج فقالت بغيٌّ منهم: لئن شئتم لأفتننه فقالوا: قد شئنا ذاك قال: فأتته فتعرضت له، فلم يلتفت إليها فأمكنت من راع كان يؤوي غنمه إلى أصل صومعة جريج فحملت فولدت غلامًا فقالوا: ممن؟ قالت: من جريج. فأتوه فاستنزلوه فشتموه وضربوه، وهدموا صومعته فقال: ما شأنكم؟ قالوا: إنك زنيت بهذه البغيّ. فولدت غلامًا فقال: وأين هو؟ قالوا: هو ذا. قال: فقام فصلى ودعا، ثم انصرف إلى الغلام فطعنه بأصبعه فقال: بالله يا غلام، من أبوك؟ فقال: أنا ابن الراعي. فوثبوا إلى جريج فجعلوا يُقَبِّلونه وقالوا: نبني صومعتك من ذهب. قال: لا حاجة لي في ذلك، ابنوها من طين كما كانت. قال: وبينما امرأة في حجرها ابن ترضعه إذ مَرَّ بها راكبٌ ذو شارة فقالت: اللهم اجعل ابني مثل هذا، قال فترك ثديها وأقبل على الراكب فقال: اللهم لا تجعلني مثله. قال: ثم عاد إلى ثديها فَمَصَّه» قال أبو هريرة: فكأنِّي أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي صنيع الصبي ووضع أصبعه في فيِّه يمصُّها.
 ثم مرت بأمه تضرب، فقالت: اللهم لا تجعل ابني مثلها، قال: فترك ثديها وأقبل على الأمة فقال: اللهم اجعلني مثلها. قال: فذاك حين تراجعا... الحديث، فقالت: خلفي مر الراكب ذو الشارة فقلت: اللهم اجعل ابني مثله، فقلت: اللهم لا تجعلني مثله، ومررت بهذه الأمة فقلت: اللهم لا تجعل ابني مثلها فقلت: اللهم اجعلني مثلها. فقال يا أمتاه، إن الراكب ذو الشارة جبار من الجبابرة، وإن هذه الأمة يقولون: زنت. ولم تزن، وسرقت، ولم تسرق، وهي تقول: حسبي الله([10]) .
9- جزاء الصدق والأمانة
المسلم مأمور بأداء الأمانة والتَّحَلِّي بالأخلاق الحسنة والصفات الحميدة؛ فمَنْ عمل بهذه الصِّفات جوزي بالجزاء الأوفى في الدنيا والآخرة؛ فمن ترك الخيانة والغدر لله سبحانه بصدق وإخلاص، عَوَّضَه الله على ذلك خيرًا كثيرًا.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشترى رجل من رجل عقارًا له، فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب فقال له الذي اشترى العقار: خذ ذهبك مني؛ إنَّما اشتريتُ منكَ الأرض، ولم أبتع منك الذهب. وقال الذي له الأرض: إنما بعتك الأرض وما فيها. فتحاكما إلى رجل، فقال الذي تحاكما إليه: ألكما ولد؟ قال أحدهما: لي غلام، وقال الآخر: لي جارية، قال: أنكحوا الغلام الجارية وأنفقوا على أنفسهما منه وتصدقا([11]).
وعن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر أنَّ رجلاً من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار فقال: ائتني بشهداء أشهدهم. قال: كفى بالله شهيدًا. قال: ائتني بكفيل. قال: كفى بالله كفيلاً، قال: صدقت. فدفعها إليه إلى أجل مسمى، فخرج في البحر فقضى حاجته، ثم التمس مركبًا يقدم عليه للأجل الذي أجله فلم يجد مركبًا، فأخذ خشبة فنقرها وأدخل فيها ألف دينار وصحيفة معها إلى صاحبها، ثم زجَّجَ ([12]) موضعها، ثم أتى بها البحر ثم قال: اللهم إنَّك قد علمتَ أنِّي استسلفت فلانًا ألف دينار، فسألني كفيلا فقلت: كفى بالله كفيلاً. فرضي بذلك، وسألني شهيدًا فقلت: كفى بالله شهيدًا. فرضي بذلك، وإني قد جهدت أن أجد مركباً أبعث إليه بالذي أعطاني فلم أجد مركباً، وأني استودعتُكَها. فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه ثم انصرف وهو في ذلك يطلب مركباً إلى بلده، فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر لعل مركبًا يجيئه بماله، فإذا بالخشبة التي فيها المال، فأخذها لأهله حطباً، فلما كسرها وجد المال والصحيفة، ثم قدم الرجل الذي كان تسلَّف منه، فأتاه بألف دينار، وقال: والله ما زلتُ جاهدًا في طلب مركب لآتيك بمالك فما وجدتُ مركبًا قبل الذي أتيت فيه. قال: هل كنت بعثت إليَّ بشيء؟ قال: ألم أخبرك أنِّي لم أجد مركبًا قبل هذا الذي جئت فيه! قال: فإن الله أَدَّى عنك الذي بعثت به في الخشبة، فانصرف بألفك راشدًا ([13]) .
10- من فوض أمره لله كفاه
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بينما رجل وامرأة له في السلف الخالي لا يقدران على شيء، فجاء الرجل من سفره فدخل على امرأته جائعًا قد أصابته سغبة ([14]) شديدة، فقال لامرأته: عندك شيء؟ قالت: نعم، أبشر؛ أتاك رزقُ الله، فاستحثَّها فقال: ويحك، أبتغي إن كان عندك شيء. قالت: نعم، هنيئة نرجو رحمة الله، حتى إذا طال عليه المطال قال: ويحك، قومي فابتغي إن كان عندك شيء فأتيني به؛ فإني قد بلغت الجهد وجهدت. فقالت: نعم، الآن ينضح التنور، فلا تعجل. فلما أن سكت عنها ساعة وتحينت أيضًا أن يقول لها قالت من عند نفسها: لو قمت فنظرت إلى تنوري. فقمت فوجدت تنورها ملآن من جنوب الغنم ورحاها تطحن فقامت إلى الرحى فنفضتها واستخرجت ما في تنورها من جنوب الغنم، قال أبو هريرة: فوالذي نفس أبي القاسم بيده عن قول محمد صلى الله عليه وسلم: «لو أخذت ما في رحيبها ولم تنفضها لطحنت إلى يوم القيامة»([15]) .
وفي لفظ آخر: دخل رجل على أهله فلما رأى ما بهم من الحاجة خرج إلى البرية، فلما رأت امرأته ما لقي قامت إلى الرحى فوضعتها، وإلى التنور فسجرته، ثم قالت: اللهم ارزقنا، فنظرت فإذا الجفنة قد امتلأت، قال: وذهبت إلى التنور فوجدته ممتلئًا، قال: فرجع الزَّوجُ، قال: أصبتم بعدي شيئًا؟ قالت امرأته: نعم؛ من ربِّنا. فرفعتها إلى الرحى ثم قامت، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم قال: «أما إنَّه لو لم ترفعها لم تزل تدور إلى يوم القيامة»([16]) .
11- ذهب البردُ بزرعها فعُوِّضَتْ خيرًا لصبرها
عن البرقي([17]) قال:
رأيت امرأة بالبادية، وقد جاء البرد([18]) فذهب بزرع كان لها، فجاء الناس يعزونها، فرفعت طرفها إلى السماء، وقالت: اللهم أنت المأمول لأحسن الخلق، وبيدك التعويض عما تلف، فافعل بنا ما أنت أهله، فإن أرزاقنا عليك وآمالنا مصروفة إليك.
قال: فلم أبرح، حتى جاء رجل من مياسير البلد من فضلاء الناس، فحدَّث بما كان، فوهب لها خمس مائة دينار ([19]) .
12- تركها لله ففرج الله عنه
عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بينما ثلاثة نفر ممن كان قبلكم يمشون إذ أصابهم مطر فآووا إلى غار فانطبق عليهم فقال بعضهم لبعض: إنه والله يا هؤلاء لا ينجيكم إلا الصدق فليدع كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه. فقال واحد منهم: اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أجير عمل لي على فرق ([20]) من أرز فذهب وتركه، وإني عمدت إلى ذلك الفرق فزرعته فصار من أمره، إني اشتريت منه بقرًا، وإنه أتاني يطلب أجره فقلت: اعمد إلى تلك البقر فسقها. فقال لي: إنما لي عندك فرق من أرز. فقلت له: اعمد إلى تلك البقر؛ فإنها من ذلك الفرق- فساقها- فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنها. فانساخت عنهم الصخرة، فقال الآخر: اللهم إن كنت تعلم كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت آتيهما كل ليلة بلبن غنم لي، فأبطأت عنهما ليلة فجئت وقد رقدا، وأهلي وعيالي يتضاغون ([21]) من الجوع، وكنت لا أسقيهم حتى يشرب أبواي، فكرهت أن أوقظهما وكرهت أن أدعهما فيستكنا لشربتهما، فلم أزل أنتظر حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا، فانساخت عنهم الصخرة، حتى نظروا إلى السماء، فقال الآخر: اللهم إن كنت تعلم أنه كانت لي ابنة عم من أحب الناس إليّ، وأني راودتها عن نفسها فأبت إلا أن آتيها بمائة دينار، فطلبتها حتى قدرت فأتيتها بها فدفعتها إليها فأمكنتني من نفسها فلما قعدت بين رجليها قالت: اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فقمت وتركت المائة دينار، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا. ففرج الله عنهم»([22]) .
13- فيمن ترك محبوبه حرامًا فذل له حلالاً، أو أعاضه الله خيرًا منه
قال أبو الفرج بن الجوزي رحمه الله تعالى: بلغني عن بعض الأشراف أنه اجتاز بمقبرة فإذا جارية حسناء عليها ثياب سواد، فنظر إليها فعلقت بقلبه فكتب إليها:
قد كنتُ أحسب أن الشمس واحدة



والبدر في منظر بالحسن موصوفُ

حتى رأيتك في أثواب ثاكلة



سود وصدغك فوق الخد معطوف

فرحت والقلب مني هائم دَنِفٌ



والكبد حري ودمع العين مذروف

ردي الجواب ففيه الشكر واغتنمي



وصل المحب الذي بالحب مشغوف
ورمى بالرقعة إليها فلما قرأتها كتبت:
إن كنت ذا حسب زاكٍ وذا نسبٍ



إن الشريف بغض الطرف معروف

إن الزناة أناس لا خلاق لهم



فاعلم بأنك يوم الدين موقوف

واقطع رجاك لحاك الله من رجل



فإن قلبي عن الفحشاء مصروف
فلما قرأ الرقعة زجر نفسه وقال: أليس امرأة تكون أشجع منك؟ ثم تاب ولبس مدرعة من الصوف والتجأ إلى الحرم، فبينما هو في الطواف يومًا وإذا بتلك الجارية عليها درع من صوف فقالت له: ما أليق هذا بالشريف، هل لك في المباح؟ فقال: قد كنت أروم هذا قبل أن أعرف الله وأحبه، والآن قد شغلني حبه عن حب غيره فقالت له: أحسنت. ثم طافت وهي تنشد:
فطفنا فلاحت في الطواف لوائح



غنينا بها عن كل مرأى ومسمع



14- (ب)
وقال الحسن البصري: كانت امرأة بغيٌّ قد فاقت أهل عصرها في الحسن لا تمكن من نفسها إلا بمائة دينار، وإن رجلا أبصرها فأعجبته فذهب فعمل بيديه وعالج، فجمع مائة دينار، فجاء فقال: إنك قد أعجبتني. فانطلقتُ فعملت بيدي وعالجت حتى جمعت مائة دينار فقالت: ادفعها إلى القهرمان حتى ينقدها ويزينها، فلما فعل قالت: ادخل. وكان لها بيت منجد وسرير من ذهب فقالت: هلمّ لك، فلما جلس منها مجلس الخائن تذكر مقامه بين يدي الله فأخذته رعدة وطفئت شهوته. فقال: اتركني لأخرج ولك المائة دينار فقالت: ما بدا لك وقد رأيتني كما زعمت فأعجبتك فذهبت فعالجت وكدحت حتى جمعت مائة دينار فلما قدرت عليَّ فعلت الذي فعلت؟ فقال: ما حملني على ذلك إلا الفرق من الله، وذكرت مقامي بين يديه قالت: إن كنت صادقًا فما لي زوج غيرك. قال: ذريني لأخرج. قالت: إلا أن تجعل لي عهدًا أن تتزوجني، فقال: لا حتى أخرج. قالت: عليك عهد الله إن أنا أتيتك أن تتزوجني. قال: لعل، فَتَقَنَّعَ بثوبه ثم خرج إلى بلده، وارتحلت المرأة بدنياها نادمة على ما كان منها حتى قدمت بلده فسألت عن اسمه ومنزله فدلت عليه، فقيل له: الملكة جاءت بنفسها تسأل عنك. فلما رآها شهق شهقة فمات، فأسقط في يدها فقالت: أما هذا فقد فاتني أما له من قريب؟ قيل: بلى أخوه رجل فقير فقالت: إني أتزوجك حبًا لأخيك قال: فتزوجته فولدت له سبعة أبناء.


15- (ج)
وقال الحسن بن زيد: ولينا بديار مصر رجل فوجد على بعض عُماله فحبسه وقيده، فأشرفت عليه ابنة الوالي فهويته فكتبت إليه:
أيها الرامي بعينيـ


ـه وفي الطرف الحتوف

إن ترد وصلا فقد أمـ


كنك الظبي الألوف

فأجابها الفتى:
إن تريني زاني العيـ


نين فالفرج عفيف

ليس إلا النظر الفا


تر والشعر الظريف

فأجابته:
ما تأبيت لأني


كنت للظبي عيوفاً

غير أني خفت ربا


كان بي برًا لطيفاً

فذاع الشعر وبلغت القصة الوالي فدعا به فزوجه إياها ودفعها إليه([23]) .
16- (د)
ذكر أن رجلا أحب امرأة وأحبته فاجتمعا فراودته المرأة عن نفسه فقال: إن أجلي ليس بيدي، وأجلك ليس بيدك، فربما كان الأجل قد دنا فنلقى الله عاصيين، فقالت: صدقت. فتابا وحسنت حالهما وتزوجت به.
17- (هـ)
وقال يحيى بن أيوب: كان بالمدينة فتى يعجب عمر بن الخطاب رضي الله عنه شأنه، فانصرف ليلة من صلاة العشاء فتمثلت له امرأة بين يديه، فعرضت له بنفسها ففتن بها ومضت، فاتبعها حتى وقف على بابها فأبصر وجلا عن قلبه وحضرته هذه الآية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ * [الأعراف: 201] فخر مغشيًا عليه، فنظرت إليه المرأة فإذا هو كالميت فلم تزل هي وجارية لها يتعاونا عليه حتى ألقياه على باب داره، فخرج أبوه فرآه ملقى على باب الدار لما به، فحمله وأدخله فأفاق فسأله ما أصابك يا بني؟ فلم يخبره فلم يزل به حتى أخبره، فلما تلا الآية شهق شهقة فخرجت نفسه، فبلغ عمر رضي الله قصته فقال: ألا آذنتموني بموته؟ فذهب حتى وقف على قبره فنادى: يا فلان ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ [الرحمن: 46] فسمع صوتًا من داخل القبر: قد أعطاني ربي يا عمر([24]) .
ووردت القصة على وجه آخر وهو: كان شاب على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ملازمًا للمسجد والعبادة فهويته جارية فحدث نفسه بها، ثم إنه تذكر وأبصر فشهق شهقة فغشي عليه منها فجاء عم له فحمله إلى بيته فلما أفاق قال: يا عم انطلق إلى عمر فأقرئه مني السلام وقل له: ما جزاء من خاف مقام ربه؟ فأخبر عمر فأتاه وقد مات فقال: لك جنتان ([25]) .


18- ترك معصية الله فمات من ليلته فغفر الله له
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان الكفل لا يتورع من ذنب عمله، فأتته امرأة فأعطاها ستين دينارًا على أن يطأها، فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته أرعدت وبكت فقال: ما يبكيك أكرهتُك؟ قالت: لا، ولكن هذا عمل لم أعمله وإنما حملتني عليه الحاجة، قال: فتفعلين هذا وأنت لم تفعليه قط؟ ثم قال اذهبي والدنانير لك ثم قال: والله لا يعصي الله ذو الكفل أبدًا فمات من ليلته فأصبح مكتوبًا على بابه: قد غفر الله لذي الكفل»([26]) .
19- أصبح من أهل الجنة لتركه المعصية
وقال أبو عمران الجوني: كان رجل من بني إسرائيل لا يمتنع من شيء، فجهد أهل بيت من بني إسرائيل فأرسلوا إليه جارية منهم تسأله شيئًا فقال: لا أو تُمَكِّنيني من نفسك. فخرجت، فجهدوا جهدًا شديدًا، فرجعت إليه فقالت: أعطنا فقال: لا أو تمكنيني من نفسك. فرجعت فجهدوا جهدًا كثيرًا، فأرسلوها إليه، فقال لها ذلك فقالت: دونك. فلما خلا بها جعلت تنتفض كما تنتفض السعفة، قال لها: ما لك؟ قالت: إني أخاف الله رب العالمين، هذا شيء لم أصنعه قط، قال: أنت تخافين الله ولم تصنعيه وأفعله؟ أعاهد الله أني لا أرجع إلى شيء مما كنت فيه، فأوحى الله إلى نبي من أنبيائهم أن فلانًا أصبح في كتب أهل الجنة.
20- ألقى نفسه حتى لا يرتكب المعصية
فعوضه الله خيرًا
ذكر أن شابًا في بني إسرائيل لم يكن فيهم شاب أحسن منه كان يبيع المكاتل، فبينا هو ذات يوم يطوف بمكاتله إذ خرجت امرأة من دار ملك من ملوك بني إسرائيل، فلما رأته رجعت مبادرة فقالت لابنة الملك: إني رأيت شابًا بالباب يبيع المكاتل لم أر شابًا قط أحسن منه قالت: أدخليه. فخرجت فقالت: ادخل. فدخل، فأغلقت بابًا آخر دونه، ثم استقبلته بنت الملك كاشفة عن وجهها ونحرها. فقال لها: استتري عافاك الله فقالت: إنا لم ندعك لهذا، إنما دعوناك لكذا. وراودته عن نفسه فقال لها: اتقي الله. قالت: إنك إن لم تطاوعني على ما أريد أخبرت الملك أنك إنما دخلت تكابرني على نفسي. فقال لها: ضعي لي وضوءًا. فقالت: أعليَّ تتعلل؟ يا جارية ضعي له وضوءًا فوق الجوسق مكانًا لا يستطيع أن يفر منه، فلما صار في الجوسق قال: اللهم إني دعيت إلى معصيتك وإني أختار أن ألقي نفسي من هذا الجوسق ولا أركب معصيتك. ثم قال: بسم الله وألقى نفسه من أعلاه، فأهبط الله ملكًا أخذ بضَبْعَيْه فوقع قائمًا على رجليه، فلما صار في الأرض قال: اللهم إن شئت رزقتني رزقًا يغنيني عن بيع هذه المكاتل، فأرسل الله عليه رِجْلاً من جراد من ذهب فأخذ منه حتى ملأ ثوبه، فلما صار في ثوبه قال: اللهم إن كان هذا رزقاً رزقتنيه من الدنيا فبارك لي فيه، وإن كان ينقصني مما لي عندك في الآخرة فلا حاجة لي فيه. فنودي؛ إن هذا الذي أعطيناك جزء من خمسة وعشرين جزءًا؛ لصبرك على إلقائك نفسك. فقال: اللهم فلا حاجة لي فيما ينقصني مما لي عندك في الآخرة. فرفع الجراد.
21- رد لله مائة دينار فعوضه ألفًا
حكى المبرد عن شيخه أبي عثمان المازني أنه قصده بعض أهل الذمة ليقرأ عليه كتاب سيبويه وبذل له مائة دينار فامتنع ورده، فقلت له: أترد هذا القدر مع شدة فاقتك؟ فقال: إن هذا الكتاب يشتمل على ثلاثمائة وكذا وكذا آية من كتاب الله، ولست أرى تمكين هذا الذِّمِّيِّ منها غيرة على القرآن، فاتفق أن غنت جارية بحضرة الواثق بقول العرجيّ:
أظلوم إن مصابكم رجلا



أهدي السلام تحية ظلم

فاختلف أهل مجلسه في إعراب "رجل" فمنهم من قال: هو نصب وجعله اسم إن، ومنهم من رفعه على أنه خبرها، والجارية أصرت على النصب وقالت: لَقَّنَني إياه كذلك شيخي أبو عثمان المازني. فأمر الواثق بإحضاره إلى بين يديه قال: فلما مثلت بين يديه قال: من الرجل؟ قلت: من بني مازن. قال: أي الموازن؟ أمازن تميم أم مازن قيس أم مازن ربيعة؟ قلت: من مازن ربيعة. فكلَّمني بكلام قومي فقال لي: باسمك؟ وقومي يقلبون الميم باء، والباء ميمًا، فكرهت أن أواجهَه بلفظة مكر فقلت: بكر يا أمير المؤمنين؟ ففطن لما قصدته وأعجب به فقال: ما تقول في قول الشاعر:
أظلوم إن مصابكم رجلا



أهدي السلام تحية ظلم

أترفع رجلا أم تنصبه؟ فقلت: الوجه النصب يا أمير المؤمنين، فقال: ولم ذلك؟ فقلت: لأن مصابكم مصدر بمعنى إصابتكم، فأخذ اليزيدي في معارضتي فقلت: هو بمنزلة قولك: إن ضربك زيدًا ظلم. فرجلا مفعول مصابكم ومنصوب به، والدليل عليه أن الكلام مُعَلَّقٌ إلى أن تقول ظلم فيتم، فاستحسنه الواثق وقال: هل لك من ولد؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين؛ بُنَيَّةٌ. قال: فما قالت لك عند مسيرك إلينا؟ قلت: أَنْشَدَتْ قولَ الأعشى:
أيا أبتا لا ترم عندنا



فأنا بخير إذا لم ترم

ترانا إذا أضمرتك البلا



د نجفي وتقطع منا الرحم

قال: فما قلت لها؟ قال: قلت قول جرير:
ثقي بالله ليس له شريك



ومن عند الخليفة بالنجاح

فقال: علي النجاحُ إن شاء الله. ثم أمر لي بألف دينار وردني إلى البصرة مكرَّماً، فقال أبو العباس المبرد: فلما عاد إلى البصرة قال لي: كيف رأيت يا أبا العباس؟ رددنا لله مائة دينار فَعَوَّضَنا اللهُ ألفًا.
22- ترك الكفر ودخل الجنة ولم يسجد لله سجدة
عن أبي هريرة أنه كان يقول: أخبروني عن رجل دخل الجنة لم يصل صلاة؟ ثم يقول: هو عمرو بن ثابت.
قال ابن إسحاق: قال الحصين بن محمد: قلت لمحمود بن لبيد: كيف كانت قصته؟ قال: كان يأبى الإسلام، فلما كان يوم أحد بدأ له فأخذ سيفه حتى أتى القوم فدخل في عرض الناس فقاتل حتى وقع جريحًا، فوجده قومه في المعركة فقالوا: ما جاء بك؟ أشفقة على قومك، أم رغبة في الإسلام؟ قال: بل رغبة في الإسلام؛ قاتلتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصابني ما أصابني. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه من أهل الجنة». وفي رواية: «ثم مات فدخل الجنة وما صلى صلاة»([27]) .
وورد بلفظ آخر وهو: عن الزهري وعروة قالا: جاء عبد حبشي أسود من أهل خيبر كان في غنم لسيده، فلما رأى أهل خيبر قد أخذوا السلاح سألهم، قال: ما تريدون؟ قالوا: نقاتل هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي. فوقع في نفسه ذكر النبي فأقبل بغنمه حتى عمد لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إلى ما تدعو؟ قال: «أدعوك إلى الإٍسلام؛ إلى أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، وأن لا تعبدوا إلا الله»، قال: فقال العبد: فماذا يكون لي إن شهدت بذلك وآمنت بالله؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الجنة إن مت على ذلك»، فأسلم العبد فقال: يا نبيَّ الله، إن هذه الغنم عندي أمانة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخرجها من عسكرنا وارمها بالحصى؛ فإن الله سيؤدي عنك أمانتك به. ففعل، فرجعت الغنم إلى سيدها، فعرف اليهودي أن غلامه أسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فوعظ الناس، فذكر الحديث في إعطائه الراية عليًا ودُنُوِّه من حصن اليهود وقتله مرحبًا، وقُتل مع علي بن أبي طالب ذلك العبد الأسود، فاحتمله المسلمون إلى عسكرهم، فأدخل في الفسطاط، فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أطلع في الفسطاط ثم أطلع على أصحابه فقال: لقد أكرم الله هذا العبد وساقه إلى خير قد كان الإسلام في قلبه حقًا، وقد رأيت عند رأسه اثنتين من الحور العين.
وقد روى الحافظ البيهقي هذه القصة بإسناده عن جابر بن عبد الله، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر فخرجت سرية فأخذوا إنسانًا معه غنم يرعاها فذكر نحو قصة هذا العبد الأسود وقال فيه: قتل شهيدًا وما سجد لله سجدة.
23- يترك سرقة الباذنجانة فيرزق امرأة
كان في دمشق مسجد كبير اسمه جامع التوبة، وهو جامع مبارك فيه أنس وجمال، وكان فيه منذ نحو سبعين سنة شيخٌ مُرَبٍّ عالم عامل اسمه الشيخ سليم المسوطي، وكان مضربَ المثل في فقره وفي إبائه وعزة نفسه وبذلها للآخرين.
وكان يسكن في غرفة في المسجد، مر عليه يومان لم يأكل فيهما شيئًا، وليس عنده ما يطعمه ولا ما يشتري به طعامًا، فلما جاء اليوم الثالث أحس كأنه مشرف على الموت وفكر ماذا يصنع، فرأى أنه بلغ حد الاضطرار الذي يجوز له أكل الميتة أو السرقة بمقدار الحاجة وآثر أن يسرق ما يقيم صلبه- هذا ما رآه في حاله هذه- وكان المسجد يتصل سطحه ببعض البيوت يستطيع المرء أن ينتقل من أولها إلى آخرها مشيًا على أسقفها، فصعد إلى سقف المسجد، وانتقل منه إلى الدار التي تليه فلمح بها نساء فغض من بصره وابتعد ونظر فرأى إلى جانبها دارًا خاليًا وشم رائحة الطبخ تصدر منها، فأحس من جوعه لما شمها كأنها مغناطيس تجذبه إليها، وكانت البيوت من دور واحد، فقفز قفزتين من السقف إلى الشرفة، فصار في الدار وأسرع إلى المطبخ فكشف غطاء القدر، فرأى فيها باذنجانًا محشوًا، فأخذ واحدةً ولم يبال من شدة جوعه بسخونتها، وعض منها عضة، فما كاد يبتلعها حتى ارتد إليه عقله ودينه وقال لنفسه: أعوذ بالله أنا طالب علم مقيم في المسجد ثم اقتحم المنازل وأسرق ما فيها؟
 وكبر عليه ما فعل وندم واستغفر ورد الباذنجانة وعاد من حيث جاء فنزل إلى المسجد وقعد في حلقة الشيخ وهو لا يكاد من شدة الجوع يفهم ما يسمع، فلما انقضى الدرس وانصرف الناس.. جاءت امرأة مستترة- ولم يكن في تلك الأيام امرأة غير مستترة- فكلمت الشيخ بكلام لم يسمعه، فتلفَّت الشيخ حوله فلم ير غيره فدعاه وقال له: هل أنت متزوج؟ قال: لا. قال: هل تريد الزواج؟ فسكت، فأعاد الشيخ سؤاله فقال: يا شيخ، ما عندي ثمن رغيف والله فلماذا أتزوج؟ قال الشيخ: إن هذه المرأة خبرتني أن زوجها توفي وأنها غريبة عن هذا البلد، ليس لها فيه ولا في الدنيا إلا عم عجوز فقير، وقد جاءت به معها وأشار إليه قاعدًا في ركن الحلقة وقد ورثت دار زوجها ومعاشه، وهي تحب أن تجد رجلا يتزوجها؛ لئلا تبقى منفردة فيطمع فيها فهل تريد أن تتزوج بها؟ قال: نعم، وسألها الشيخ هل تقبلين به زوجًا؟ قالت نعم. فدعا الشيخ عمها ودعا شاهدين وعقد العقد، ودفع المهر عن التلميذ وقال له خذ بيد زوجتك. فأخذ بيدها فقادته إلى بيتها، فلما أدخلته كشفت عن وجهها فرأى شبابًا وجمالا، وإذا البيت هو البيت الذي اقتحمه، وسأله هل تأكل؟ قال: نعم. فكشفت غطاء القدر، فرأت الباذنجانة فقالت: عجبًا من الذي دخل الدار فعضها؟ فبكى الرجل وقص عليها الخبر فقالت له: هذه ثمرة الأمانة، عففت وتركت الباذنجانة الحرام فأعطاك الله الدار كلها وصاحبتها حلال، ومن ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه ([28]) .
24- ترك الخيانة فجاءه الخير في أوانه
قال القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد البزار الأنصاري: كنت مجاورًا بمكة حرسها الله تعالى، فأصابني يومًا من الأيام جوع شديد لم أجد شيئًا أدفع به عني الجوع، فوجدت كيسًا من أبريسم مشدودًا بشرابة من أبريسم أيضًا، فأخذته وجئت به إلى بيتي، فحللته فوجدت فيه عقدًا من لؤلؤ لم أر مثله.
فخرجت فإذا بشيخ ينادي عليه، ومعه خرقة فيها خمس مائة دينار وهو يقول: هذا لمن يرد علينا الكيس الذي فيه اللؤلؤ، فقلت: أنا محتاج، وأنا جائع، فأخذ هذا الذهب فانتفع به، وأرد عليه الكيس، فقلت له: تعال إليَّ، فأخذته وجئت به إلى بيتي، فأعطاني علامة الكيس وعلامة الشرّابة وعلامة اللؤلؤ وعدده والخيط الذي هو مشدود به، فأخرجته ودفعته إليه، فسلم إلي خمس مائة دينار، فما أخذتها وقلت: يجب علي أن أعيده إليك، ولا آخذ له جزاءًا. فقال لي: لا بد أن تأخذ. وألح علي كثيرًا، فلم أقبل ذلك منه فتركني ومضى، وأما ما كان مني، فإني خرجت من مكة وركبت البحر، فانكسر المركب وغرق الناس، وهلكت أموالهم، وسلمت أنا على قطعة من المركب، فبقيت مدة في البحر لا أدري أين أذهب؟ فوصلت إلى جزيرة فيها قوم، فقعدت في بعض المساجد، فسمعوني أقرأ، فلم يبق في تلك الجزيرة أحد إلا جاء إليَّ وقال: علِّمني القرآن. فحصل لي من أولئك القوم شيء كثير من المال، ثم إني رأيت في ذلك المسجد أوراقًا من مصحف، فأخذتها أقرأ فيها، فقالوا لي: تحسن تكتب؟ فقلت: نعم، فقالوا: علمنا الخط. فجاؤوا بأولادهم من الصبيان والشباب، فكنت أعلمهم، فحصل لي أيضًا من ذلك شيء كثير، فقالوا لي بعد ذلك: عندنا صبية يتيمة ولها شيء من الدنيا تريد أن تتزوج بها فامتنعت، فقالوا: لا بد. وألزموني، فأجبتهم إلى ذلك.
فلما زفُّوها إليَّ مددت عيني أنظر إليها، فوجدت ذلك العقد بعينه معلقًا في عنقها فما كان لي حينئذ شغل إلا النظر إليه، فقالوا: يا شيخ كسرت قلب هذه اليتيمة من نظرك إلى هذا العقد، ولم تنظر إليها، فقصصت عليهم قصة العقد، فصاحوا وصرخوا بالتهليل والتكبير حتى بلغ إلى جميع أهل الجزيرة، فقلت: ما بكم؟ فقالوا: ذلك الشيخ الذي أخذ منك العقد أبو هذه الصبية، وكان يقول: ما وجدت في الدنيا مسلمًا غير هذا الذي رد علي هذا العقد. وكان يدعو ويقول: اللهم اجمع بيني وبينه حتى أزوجه بابنتي، والآن قد حصلت فبقيت معها مدة ورزقت منها بولدين، ثم إنها ماتت فورثت العقد أنا وولداي، ثم مات الولدان، فحصل العقد لي، فبعته بمائة ألف دينار، وهذا المال الذي ترونه معي من بقايا ذلك المال([29]).
25- ترك الكذب فقبل في الوظيفة
كان هناك رجلا أسلم من الأوروبيين وحسن إسلامه وكان صادقًا في أفعاله، وحريصًا على أن يظهر إسلامه، ويعتز به أمام الكفار، دون خجل أو حياء أو تردد حتى ولو لم يكن هناك مناسبة فإنه يحرص على ذلك يقول: فأعلن في إحدى المؤسسات الحكومية الكافرة عن فرصة وظيفية، فتقدم لها هذا المسلم الفخور بإسلامه، وكان لا بد من المقابلة الشخصية والتنافس قائم على هذه الوظيفة، فلما بدأت المقابلة سألته اللجنة الخاصة بالمؤسسة عدة أسئلة، كان منها: هل تشرب الخمر؟ فأجاب قائلا: لا أشرب الخمر لأنني أسلمت وديني يمنعني من معاقرة الخمر وشربها. قالت اللجنة: هل لك خليلات وصديقات؟ قال صاحبنا: لا؛ لأن ديني الإسلام الذي أنتسب إليه يحرم علي ذلك، ويَقصر علاقتي على زوجتي التي نكحتها بمقتضى شريعة الله عز وجل. وخرج وهو شبه يائس من أن ينجح في هذه المسابقة؛ ولكن النتيجة أن جميع هؤلاء المتسابقين -وكان عددهم كبيرًا- فشلوا ونجح هو وحده في هذه المسابقة فذهب إلى مسؤول اللجنة وسأله قائلا: كنت انتظر أن تحرموني من هذه الوظيفة عقابًا لي على مخالفتي لكم في دينكم وعلى اعتناق الإسلام، ولكني فوجئت بقبولي على إخوانكم من النصارى فما سر ذلك؟ قال: إن المرشح لهذه الوظيفة كان يشترط فيه أن يكون شخصًا منتبهًا في جميع الحالات، حاضر الذهن والإنسان الذي يتعاطى الخمر لا يمكن أن يكون كذلك فكنا نترقب شخصًا من الذين لا يشربون الخمر ونظرًا لتوفر هذا فيك فلقد وقع الاختيار عليك في هذه الوظيفة. فخرج حامدًا مولاه على ما أولاه من نعمة وآلائه العظيمة وهو يردد ﴿ومن يتق الله يجعل له مخرجا.
26- ترك الرشوة ففتح عليه باب رزق
ذكر أحد الأخوة عن أحد التجار في السعودية بداية رحلته مع التجارة، حيث نقل عنه أنه كان يعمل في أحد ثغرات البلاد، وكانت البضائع لا بد أن تمر عليه حتى يوقع عليها فكان للمتلاعبين بالمرصاد، ولكن علم أن رئيسه يأخذ الرشاوي ولقد بلغت برئيسه الوقاحة أن نصح صاحبنا بعدم التشدد وأخذ المال تسهيلا للراشي.
ولما سمع صاحبنا هذا الكلام ارتعدت فرائصه وأحس بالخوف، فخرج من المكتب وهو يكاد يختنق من الحزن والأسى والتردد، ومرت الأيام وكل يأتي إلى صاحبنا .. فهذا يقول له: هذه هدية من مؤسستنا. وهذا يقول: هذا المال إكرامية من شركتنا لمجهودك الطيب. وهو يرد ذلك ويرفضه، لكن إلى متى سيبقى على هذا الحال، وأحس بالخوف أن تضعف نفسه، وأن يأخذ مالا حرامًا، وأصبح بين أمرين؛ إما أن يتخلى عن منصبه وراتبه أو أن يتعدى حدود الله ويأخذ الرشاوي، ولأن قلبه على الفطرة.. ولأن قلبه يستشعر قول الله عز وجل: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ قدَّم استقالته، يقول صاحبنا: ثم رزقني الله شاحنة صغيرة، وبدأتُ بمتابعة النقل، ثم رزقني الله شاحنة أخرى، وبدأ بعض التجار يطلبونني لنقل بضائعهم؛ لحرصي عليها وكأنها من مالي، ومن الحوادث التي مرت علي أن اصطدمت إحدى شاحناتي وتكسرت بسبب نوم السائق فلما اعتذر عفوت عنه، فاندهش رجل المرور من سماحتي وأصر على أن يتعرف علي وبعد أعوام كبر منصب رجل المرور وجاءت بضاعة كبيرة فما أراد هذا إلا أنا فاختارني لحمل هذه البضاعة بنقلياتي دون مناقصة.
فانظر أخي القارئ كيف تفتحت له أبواب الرزق، وهو الآن من أكبر التجار، وله من التبرع لوجوه الخير والإحسان إلى الفقراء النصيب الكبير... وهكذا؛ فمن ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه([30]).
27- بركة التقوى مع الغافلين
ذُكر أن شابًا فيه تقى وفيه غفلة.. طلب العلم عند أحد المشائخ، حتى إذا أصاب منه حظًا قال الشيخ له ولرفقائه: لا تكونوا عالة على الناس فإن العالم الذي يمد يده إلى أبناء الدنيا لا يكون فيه خير، فليذهب كل واحد منكم وليشتغل بالصنعة التي كان أبوه يشتغل بها، وليتق الله فيها. وذهب الشاب إلى أمه فقال لها: ما هي الصنعة التي كان أبي يشتغل بها؟ فاضطربت المرأة فقالت: أبوك قد ذهب إلى رحمة الله فما بالك وللصنعة التي كان يشتغل بها؟ فألح عليها، وهي تتملص منه، حتى إذا اضطرها إلى الكلام، أخبرته وهي كارهة أنه كان لصًا!
فقال لها: إن الشيخ أمرنا أن يشتغل كلٌّ بصنعة أبيه ويتقي الله فيها. قالت الأم: ويحك، في السرقة تقوى؟ وكان في الولد غفلة وحمق فقال لها: هكذا قال الشيخ! وذهب فسأل وتسقط الأخبار حتى عرف كيف يسرق اللصوص، فَأَعَدَّ عدَّةَ السَّرقة وصلَّى العشاء وانتظر حتى نام الناس، وخرج ليشتغل بصنعة أبيه كما قال الشيخ، فبدأ بدار جاره وَهَمَّ أن يدخلها، ثم ذكر أن الشيخ قد أوصاه بالتقوى، وليس من التقوى إيذاء الجار، فتخطى هذه الدار، ومر بأخرى، فقال لنفسه: هذه دار أيتام، ومر بأخرى فقال لنفسه: هذه دار أيتام، واللهُ حَذَّرَ من أكل مال اليتيم. وما زال يمشي حتى وصل إلى دار تاجر غنيٍّ ليس فيه حرس، ويعلم الناس أن عنده الأموال التي تزيد عن حاجته فقال: ههنا. وعالج الباب بالمفاتيح التي أعدها ففتح ودخل فوجد دارًا واسعة وغرفًا كثيرًا فجال فيها حتى اهتدى إلى مكان المال، وفتح الصندوق فوجد من الذهب والفضة والنقد شيئًا كثيرًا فَهَمَّ بأخذه ثم قال: لا، لقد أمرنا الشيخ بالتقوى، ولعل هذا التاجر لم يؤد زكاة أمواله، لنخرج الزكاة أولاً.
وأخذ الدفاتر وأشعل فانوسًا صغيرًا جاء به معه وراح يراجع الدفاتر ويحسب، وكان ماهرًا في الحساب، خبيرًا بإمساك الدفاتر، فأحصى الأموال، وحسب زكاتها، فنحى مقدار الزكاة جانبًا، واستغرق في الحساب، حتى مضت ساعات، فنظر فإذا هو الفجر فقال: تقوى الله تقضى بالصلاة أولا، وخرج إلى صحن الدار فتوضأ من البركة وأقام الصلاة، فسمع رب البيت فنظر فرأى عجبًا: فانوسًا مضيئًا! ورأى صندوق أمواله مفتوحًا، ورجلا يقيم الصلاة فقالت له امرأته: ما هذا؟ قال: والله لا أدري، ونزل إليه فقال: ويلك من أنت وما هذا؟ قال اللص: الصلاة أولا ثم الكلام فتوضأ ثم تقدم فصل بنا، فإن الإمامة لصاحب الدار، فخاف صاحب الدار أن يكون معه سلاح، ففعل ما أمره، والله أعلم كيف صلى، فلما قضيت الصلاة قال له: خَبِّرْني من أنت وما شأنك؟ قال: لص، قال: وماذا تصنع بدفاتري؟ قال: أحسب الزكاة التي لم تخرجها من ست سنين، وقد حسبتها وفرزتها لتضعها في مصارفها. فكاد الرجل يجن من العجب وقال له: ويلك، ما خبرك هل أنت مجنون؟ فخبَّرَه خبرَه كله، فلما سمعه التاجرُ ورأى ضَبْطَ حسابه، وصِدْقَ كلامه، وفائدة زكاة أمواله، ذهب إلى زوجته فكلَّمَها، وكان له بنت، ثم رجع إليه فقال له: ما رأيك لو زَوَّجْتُك بنتي وجعلتُك كاتبًا وحاسبًا عندي، وأسكنتُك أنت وأمك في داري، ثم جعلتُك شريكي؟ قال: أقبل. وأصبح الصباح فدعا المأذون بالشهود وعقد العقد ([31]) .
28- لصٌّ حَوَّلَه الإسلام إلى شهيد
كان مالك بن الرَّيب من مازن تميم، وكان لصاً يقطع الطريق مع شظاظ الضبّي الذي يضرب به المثل فيقال: اللص من شظاظ، عاش عمره كله يغني بسنانه للحرب، لا يعمل لوصال الأحبة، وسلب القلوب، ولكن يعمل لقطع الطرق، وسلب القوافل، ولما ولى معاوية بن أبي سفيان سعيد بن عثمان بن عفان إمارة خراسان، سار فيمن معه فأخذ طريق فارس، فلقيه بها مالك بن الريب، وكان مالك فيما ذكر من أجمل العرب جمالا وأبينهم بيانًا، فلما رآه سعيد أعجبه، ومالك في نفر من أصحابه، فقال: ويحك يا مالك! ما الذي يدعوك إلى ما يبلغني عنك من العداء وقطع الطريق؟ قال: أصلح الله الأمير! العجز عن مكافأة الإخوان([32]) .
قال: فإن أغنيتك واستصحبتك، أتكف عما تفعل، وتتوب إلى الله توبة نصوحًا وتتبعني؟ قال: نعم، أصلح الله الأمير، أكف كفًا ما كف أحد أحسن منه. فاستصحبه وأجرى عليه خمسمائة دينار في كل شهر، وكان معه في جهاده كأعظم ما يكون المجاهدون في سبيل الله، حتى مات شهيدًا بخراسان.. طعن فسقط وهو بآخر رمق، فقال هذه القصيدة يرثي بها نفسه، ويذكر غربته وما كان من أمره، وهي أعظم قصيدة قالها شاعر في رثاء نفسه، عربي عاش عمره كله في جزيرته.. ما استمتع بحياته، ولا ناجى طيف ذكرياته، ولا انتشى برحيق آماله، لأنه لم يجد يوم راحة يخلو فيه إلى نفسه، فيحس لذة الأحلام وجمال التذكر وسحر الأمل، لينبثق في نفسه الشعر المخبوء في نفسه في الرمق الأخير من حياته، وها هو ذا الآن ملقى على صعيد غريب عنه، في بلاد لا يعرفها ولا تعرفه، ولا يألفها ولا تألفه؛ فهو يتذكر الآن (الآن فقط) بلده وأرضه ويدرك قيمة تلك النعم الجسام، ولا يدرك المرء قيمة النعم إلا بعد زوالها، وتثور في نفسه الأماني، فلا يتمنى إلا أن يبيت ليلة أخرى بجنب الغضى، وأن يسوق كرة أخرى أبله إلى المرعى، ويذكر كيف كان يزدري هذه النعمة التي يراها الآن عظيمة، واسمعوه الآن يقول هذا بألفاظه ورنته وقافيته الباكية:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة



بجنب الغضى أزجي القلاص النواجيا

فليت الغضى لم يقطع الركب عرضه



وليت الغضى ماشي الركاب لياليا

لقد كان في أهل الغضا (لودنا الغضا)



مزار ولكن الغضى ليس دانيا

ويلوم نفسه ويعجب منها كيف سوغت له أن يقبل بهذا النفي راضيًا مختارًا ويعجب من أبويه كيف لم ينهياه من عمل السوء، وما الذي جاء به إلى باب خراسان وقد كان نائيًا عنه:
ألم ترني بعت الضلالة بالهدى



وأصبحت في جيش ابن عفان غازياً

لعمري لئن غالت خراسان هامتي



لقد كنت عن بابي خراسان نائياً

فلله دري يوم أترك طائعًا



بني بأعلى الرقمتين ومالياً

ودرّ الظباء السانحات عشية



يخبرن أني هالك من ورائيا

ودر كبيري اللذين كلاهما



عليّ شفيق ناصح لو نهانيا

واسمعوه كيف يفتش عمن يبكي عليه فلا يجد أحدًا لا يجد من يبكيه إلا سيفه وفرسه
تذكرت من يبكي علي فلم أجد



سوى السيف والرمح الرديني([33]) باكياً

وأشقر خنذ يد([34]) يجر عنانه



إلى الماء لم يترك له الدهر ساقياً

أيها القارئ الحبيب، لقد مات مع مالك في تلك السفرة آلاف وآلاف، ولا يزال الناس قبله وبعده يموتون، فينساهم ذووهم، ويسلوهم أهلوهم، وهذا التائب المنيب لله سبحانه، والذي ترك قطع الطريق والسير في طريق الضلال والضياع والتيه، واستشهد في سبيل الله، جعلكم تذكرونه وتبكونه وأنتم لا تعرفونه، وهكذا من ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه، ولولا الإطالة لذكرت قصيدته التي تربو على خمسين بيتًا([35]) وهذه هي عظمة الشعر، وهذا هو خلود الشاعر.
29- ترك الحسد فكان من أهل الجنة
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنا جلوسًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يَطْلُعُ عليكم الآن رجلٌ من أهل الجنة». فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد تعلق نعليه في يده الشمال، فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضاً، فطلع ذلك الرجل على مثل حالته الأولى، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص فقال: إني لاحيت أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثًا، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت. قال: نعم، قال أنس: وكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث فلم يره يقوم من الليل إلا شيئًا غير أنه إذا تعارَّ وتَقَلَّبَ على فراشه ذكر الله عز وجل وكَبَّر حتى يقوم لصلاة الفجر، قال عبد الله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرًا. فلما مضت الثلاث ليال وكدت أن أحتقر عمله، قلت: يا عبد الله، إني لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر ثم، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك ثلاث مرار: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة، فطلعت أنت الثلاث مرات، فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك فأقتدي به، فلم أرك تعمل كثير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما هو إلا ما رأيت. فلما وَلَّيْتُ دعاني فقال: ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشًّا، ولا أحسد أحدًا على خير أعطاه الله إياه، فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق ([36]) .



([1]) متفق عليه البخاري (6/379) في الأنبياء ومسلم (1562).
([2]) متفق عليه البخاري (4/261) في البيوع ومسلم (1560).
([3]) هذا اختصار الاختصار لقصة هذا النبي الكريم ومن أراد معرفتها كاملة فليقرأها بتَدَبُّر- أعني سورة يوسف- ثم يعود إلى أي تفسير بالمأثور، وخاصة ابن كثير في تفسيره وفي تاريخه والله أعلم.
([4]) البضع: الجماع، أو الفرج نفسه.
([5]) الخيانة وسرقة الغنائم.
([6]) أونبوخذ نصر (604ق. م -561ق.م) ملك بابل أغار على مصر، وفتح أورشليم (القدس) وأحرقها وأجلى أهل يهوذا إلى بابل المنجد.
([7]) النبي دانيال صاحب سفر دانيال من أسفار العهد القديم، وهو بطل نبوءة دانيال وضعه التقليد المسيحي في عداد الأنبياء الكبار الأربعة، أنظر (المنجد) والبداية (2/36-38) وقد وجدوا الصحابة قبره وما يتعلق به في الفتوح التي وقعت في عهد عمر بن الخطاب.
([8]) إرميا: أحد كبار أنبياء بني إسرائيل الأربعة، دعي إلى النبوة قبل انقراض مملكة يهوذا وقاسى من ملوكها الاضطهادات، انظر المراجع السابقة.
 ([9]) كذا رواه أحمد في المسند (6/ 16- 18)، ورواه مسلم والنسائي من حديث حماد بن سلمة، زاد النسائي وحماد بن زيد كلاهما عن ثابت به ورواه الترمذي من طريق عبد الرزاق عن معمر عن ثابت بإسناده، وأورده ابن إسحاق في السيرة وذكر أن اسم الغلام هو: عبد الله بن التامر.
([10]) رواه البخاري (6/511) وأحمد وهذا لفظه ومسلم في الأدب وانظر كتابنا: الأعلام فيما ورد في بر الوالدين وصلة الأرحام في بقية تخريجه.
([11]) رواه البخاري في أخبار بني إسرائيل ومسلم.
([12]) أي دققه وطوله.
([13]) رواه البخاري (4/469) كتاب الكفالة ورواه أحمد في المسند.
([14]) الجوع الشديد.
([15]) رواه أحمد في المسند وفيه شهر بن حوشب وفيه ضعف ولكن يشهد له الذي بعده.
([16]) رواه أحمد في المسند من حديث أبي هريرة وإسناده صحيح.
([17]) هو أبو عبد الله أحمد بن جعفر بن عبد ربه بن حسان الكاتب المعروف بالبرقي: ترجم له الخطيب البغدادي في تاريخه (4/69).
([18]) بفتح الباء والراء: ماء الغمام يتجمد في الهواء ويسقط على الأرض حبوباً.
([19]) الفرج بعد الشدة (1/ 181).
([20]) مكيال بالمدينة يسع ثلاثة أصع.
([21]) يصيحون ويصرخون.
([22]) رواه البخاري ومسلم وانظر بقية التخريج والكلام على الحديث في كتابنا الأعلام فيما ورد في بر الوالدين وصلة الأرحام.
([23]) روضة المحبين (479-480).
([24]) المرجع السابق (481-482).
([25]) المرجع السابق (481-482).
([26]) رواه أحمد في المسند (6/334-336) والترمذي (4/657) وقال حديث حسن والحاكم في المستدرك (4/254-255).
([27]) انظر فتح الباري بشرح صحيح البخاري (6/25) كتاب الجهاد قال الحافظ ابن حجر: إسناده صحيح.
([28]) ذكره الشيخ علي الطنطاوي.
([29]) انظر أنيس الجليس الجزء الأول.
([30]) قصص إيمانية جمع عادل العبد العالي.
([31]) ذكرها الشيخ علي الطنطاوي (بتصرف)، وهذه الحادثة إنما ذكرتها لما فيها من طرافة وحسن تخلص والله المستعان.
([32]) أي أنه كان على مذهب عروة بن الورد والشنفري وكانوا يسمون صعاليك العرب.
([33]) منسوب إلى ردينة، وهي امرأة كانت تقوم الرماح.
[34])) الفرس الطويل الصلب.
([35]) انظر مع الرعيل الأول للأستاذ محب الدين الخطيب (165) ورجال من التاريخ للشيخ علي الطنطاوي (130).
([36]) رواه أحمد في المسند (3/166) وقال الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء (3/183) رواه أحمد بإسناد صحيح على شرط الشيخين.




لتحميل الكتاب كاملا بصيغة بي دي اف من الرابط اسفل المقال 

تحميل كتاب من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه PDF برابط ميديا فير من هنا 

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

download pdf books تحميل كتاب pdf

2016