-->

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

تحميل كتاب إرشاد السائل بجواز الحجامة للصائم PDF برابط مباشر ميديا فير



إنَّ الحمد لله، نحمدُه و نستعينُ به ونستغفرُه، ونعوذ بالله من شرور أنفسِنا، وسيئات أَعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فلا مضل له، ومن يُضْلِل فلا هادي له، وأشهدُ أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسُوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: 102].
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء: 1].
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب: 70-71].

و بعد :
فإن الله قد فرض على عبادة الصيام وجعله طريقاً من طرق التقوى قال تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[البقرة: 183]  وقد جاءت السنة ببيان ما يتعلق بهذه العبادة من حدود ومفسدات , لكن العلماء اختلفوا في بعضها نظر لاختلاف فهم وقبول هذه الأحاديث , ومن ذلك خروج الدم من البدن بالحجامة, وهي مما اختلف الفقهاء في حكم فعله للصائم, وبيان ذلك نقول :
الحجامة : مأخوذة من الحَجم , وهو المصّ . يقال حجم الصبي ثدي أمة إذا مصه .  والحجّام : المصاص .
قال الأزهري : يقال للحاجم حجّام لامتصاصه فم المحجمة([1]).                                                                                وصفتها : التشريط ومص الدم بالزجاجة ونحوها لاستخراجه .                                                                                وقد عرفت الحجامة منذ القدم وهي دواء لكثير من الأسقام , وقد جاءت السنة بذلك ففي الصحيحين([2]) عن أنسt قال : قال رسول اللهr : ( .. إن أمثل ما تداويتم به الحجامة ....) . وهي من السنن القولية والفعلية , إلا أن الفقهاء رحمهم الله قد اختلفوا في حكمها للصائم هل تفسد صيامه أو لا على قولين :
القول الأول :
أن الحجامة لا تفسد الصوم . وهو مذهب جمهور الصحابة كابن مسعود , وابن عباس , و أنس وابن عمر و وأبي سعيد الخدري, وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين,  وهو قول جمهور العلماء ومنهم الأئمة الثلاثة : أبو حنيفة , ومالك , والشافعي([3]). ومن أبرز
أدلتهم في ذلك :
الدليل الأول :
ما جاء في صحيح البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي r  احتجم وهو محرم و احتجم وهو صائم) ([4]).
لكن اعتُرِض على هذا الحديث : فقد أعله طائفة من المحدثين كأحمد , وابن القطان , وابن خزيمة وغيرهم , فرجح بعضهم إرساله , وقال آخرون : بأن ذكر (احتجم وهو صائم ) زيادة لا تصح ,
قلت : أما القول بأن قوله ( احتجم وهو صائم ) لا تصح , وأنها رواية مرسلة, فمردود وذلك لأمور .
أولاً : أما من جهة الرواية : فقد رواه البخاري([5]) في صحيحه , من طريق معلى بن أسد عن وهيب عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس . وهذا إسناد صحيح لا غبار عليه , وقد تابع وهيب في روايته عن أيوب عبدا لوارث بن سعيد , كما في البخاري([6]) أيضاً .
 وكذلك تابعه حماد بن زيد فوصله , وقد اختلف فيه عليه,فرواه عن أيوب أيضا مرسلاً([7])وممن تابع حماد على الإرسال , معمر , وإسماعيل بن علية([8]), وتابع أيوب في روايته عن عكرمة جعفر بن ربيعة([9]), وهشام بن حسان([10]) و الحسن بن زيد ([11]): وهو متكلم فيه , لكن الأقرب أنه مقبول , يصلح في المتابعات والشواهد.                  واعترض عليه أيضا : بأنه قد يكون احتجم في صيام نفل , فله أن يفطر .
قلت : هو احتمال , ويقابله بأن يكون فرض .
ومما تقدم يتبين أن رواية الوصل ثابتة صحيحة , ولم أقف على مدفع قوي يردها , ومن وصلها أوثق ممن أرسلها , وقد صححها الترمذي([12]), وابن حجر([13]), وابن عبدالبر([14]) وغيرهم . ومما يؤيد ذلك أنه قول وعمل عامة الصحابة و التابعين , وسنورد جملة من الأخبار الدالة على صحة هذا القول .
الدليل الثاني :
ما جاء عن ثابت البناني قال : سئُل أنس t  : أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ قال : لا , إلا من أجل الضعف([15]).
الدليل الثالث :
ما رواه عبدالرحمن بن أبي ليلى قال رجل من أصحاب النبيr أن رسول اللهr نهى عن الحجامة والمواصلة ولم يحرمهما إبقاءً
على أصحابه ....) ([16]) 
الدليل الرابع :
عن أبي سعيد الخدريt قال : (رٌخِص للصائم في الحجامة والقبلة ) ([17]).                                                                               قلت : وله حكم الرفع , فهو مما ليس للرأي فيه مجال .

الدليل الخامس :
ما روى الشعبي عن الحسن بن علي : (أنه احتجم وهو صائم ). ([18]) قال الشعبي : إنما كرهت الحجامة لأنها تُضعفه
الدليل السادس :
ما جاء عن الحسين بن علي : (احتجم الحسين بن علي وهو صائم ) ([19])
ما جاء عن نافع عن ابن عمر قال : (كان يحتجم وهو صائم ) ([20]) .وقد جاء عن ابن عمر تركه لذلك أخر حياته كما عند عبد الرزاق في المصنف ([21])  عن نافع قال : (كان يحتجم وهو صائم , ثم تركه, ..., قال فلا أدري أكرهه أم شيء بلغه ) ولم يبين نافع سبب ذلك , والأقرب أنه من أجل الضعف , قال أبو الوليد الباجي  : أن ذلك كان منه لما كبر وضعف خاف أن تضطره الحجامة إلى الفطر([22]).
 ويؤيد ذلك ما جاء عن إبراهيم النخعي أنه قال : (ما كانوا يكرهون الحجامة للصائم إلا من أجل الضعف ) ([23]) .
الدليل السابع :
ما رواه بكير عن أم علقمة قالت : ( كنا نحتجم عند عائشة فلا نُنهى) ([24]).

القول الثاني :
أن الحجامة تفطر, وهو قول الحسن ومسروق , وأحمد وإسحاق([25]) وغيرهم واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية .
ودليلهم في ذلك : ما جاء مرفوعاً , وهو العمدة في هذا الباب, وسأقتصر على ذكره .
- ما رواه شداد بن أوس :  أن النبي r أتى على رجل بالبقيع وهو يحتجم في رمضان . فقال : ( أفطر الحاجم و المحجوم) ([26])
وجاء من حديث ثوبان : من طريق يحي بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان مرفوعاً . وهذا الحديث قد اختلف فيه اختلاف شديداً :                                                  - فمنهم من ضعفه وذلك للاضطراب في إسناده :  فقد رواه أبو قلابة واختلف عليه فيه :  - فرواه داود بن أبي هند وجماعة عن أبي قلابة عن أبي الأشعث عن أبي أسماء الرحبي عن شداد به([27]).
- ورواه أيوب وغيره عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن شداد . دون ذكر أبي الأشعث([28])
- ورواه منصور وجماعة عن أبي قلابة عن أبي الأشعث عن شداد . دون ذكر الرحبي([29]).
- ورواه يحي بن أبي كثير وغيره عن أبي قلابة عن شداد . بإسقاط الأشعث وأبو أسماء .
-  ورواه أيضا يحي بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان . فجعله من حديث ثوبان كما تقدم([30]). وجاء بطرق أخر عن أبي قلابة .
وبناءً على ما تقدم فقد قال ابن معين : ( إنه حديث مضطرب , ليس فيه حديث يثبت ) ([31])- وقال الزيلعي([32]): ( وبالجملة فهذا الحديث أعني حديث : أفطر الحاجم " روي من طرق كثيرة وبأسانيد مختلفة كثيرة الاضطراب وهي إلى الضعف أقرب منه إلى الصحة مع عدم سلامته من معارض أصح منه أو ناسخ له والإمام أحمد الذي يذهب إليه ويقول به لم يلتزم صحته وإنما الذي نقل عنه كما رواه ابن عدي في " الكامل : في ترجمة سليمان الأشدق : بإسناده إلى أحمد بن حنبل أنه قال : أحاديث : (أفطر الحاجم و المحجوم) يشد بعضها بعضا وأنا أذهب إليها فلو كان عنده منها شيء صحيح لوقف عنده.                                                             وقد نقل بعضهم تصحيح البخاري لهذا الحديث :
قلت : لكنه تصحيح نسبي والله أعلم وذلك لأمور :
أولاً : قول البخاري : ( ليس في هذا الباب شيء أصح من حديث شداد , وثوبان ) ([33]) .
لا يعني ذلك الصحة المطلقة , والأقرب أن معناه أنه أقل ضعفاً من غيره . ومثل هذه اللفظة موجودة بكثرة في كتب العلل , وهو حكم نسبي وذلك عندما يقاس حديث بآخر ,         ومما يرجح ذلك :                                                                                                                                      1- أن البخاري لم يحتج بهذا الحديث في صحيحه .                                                                  2- أنه نص في صحيحه على ما يخالف ذلك , حيث بوب بقوله : ( باب الحجامة والقيء للصائم ) ثم ساق حديث ابن عباس وبعض الآثار عن الصحابة .                                                  ومثل ما تقدم من ( ألفاظ التصحيح والتحسين النسبي )موجود من كلام البخاري وغيره :
مثاله :
ما رواه هنّاد عن  عبدة عن عاصم الأحول عن عكرمة عن النبيr     قال : (لا تجزي صلاة إلا بمس الأنف من الأرض ما يمس الجبين ) . مرسلاً
وجاء مرفوعاً من طريق حميد بن مسعدة عن حرب عن الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً .
قال ابو عيسى : حديث عكرمة عن النبي r أصح([34]).
وبنحو ما تقدم :
قال ابن المديني : "أصح شيء في الباب " حديث : ثوبان وحديث شداد بن أوس"([35]).                                                وقال أحمد :  "أصح شيء في هذا الباب حديث رافع بن خديج"([36]).                                                                                    وقد صححه جمع من أهل العلم كابن خزيمة وابن حزم  وغيرهما .                                                                                       – وذهب جمع من أهل العلم إلى القول بنسخه : ومنهم :                                                           - الشافعي - وابن عبدالبر - وابن حزم - والبيهقي – والخطابي –والعيني - وابن شاهين وغيرهم([37]) .
- وقد جاءت بعض الآثار عن بعض الصحابة رضي الله عنهم في هذا الباب , ليست صريحة في تحريم الحجامة , وإنما حكاية فعل الحجامة ليلاً , وما كان صريح في ذلك فهو مقابل بقول جمهور الصحابة بجواز الحجامة  . 
الترجيح :
الراجح مما تقدم والله أعلم هو القول الأول (صحت الحجامة للصائم )
وذلك لأمور :
- ن حديث (افطر الحاجم ..) منسوخ بحدث ابن عباس ,ذلك أن ابن عباس صحب النبي في آخر حياته فقد كان مستضعف في مكة قبل ذلك , وابن عباس صحب النبيr  محرماً في حجة الوداع سنة عشرة من الهجرة , ولم يصحبه محرماً قبل ذلك .
- ما تقدم ذكره عن أم علقمة وذكرها الحجامة عند عائشة , وعدم إنكارها لذلك .
- جمهور الصحابة والأئمة  على جواز الحجامة للصائم , فلو كان مما يفسد الصيام لشاع واشتهر بين الصحابة .
- ما جاء في حديث أنس , في رواية من طريق شعبة تبين أن هذا الفعل (على عهد النبيr ) .
- ثم الاختلاف الشديد في الحديث , وإن كان قد صححه بعض الأئمة .                                                                             ومع القول بجواز الحجامة للصائم , إلا أن ذلك مشروط بالقدرة وعدم الضعف المفضي للفطر , فإن علم من نفسه ذلك لم يجز له الاحتجام .
وصل الله وسلم على نبينا محمد .
                        كتبه/أبو عبدالرحمن
ماجد بن عبدالله آل عثمان آل زامل الجلاليل




(1) لسان العرب مادة (حجم) .
(2) البخاري (5696) ومسلم (2960) من طريق حميد الطويل عن أنس .
(1) المبسوط (3/57) الذخيرة (2/506) مغني المحتاج(1/431) المغني (4/350) فتح الباري لابن حجر (4/681) .
(2) البخاري (1938) وأبو داود (2372) وغيرهما من طريق أيوب عن عكرمة عن ابن عباس .
(1) البخاري (1938) .
(1) البخاري (1939).
(2) الكبرى للنسائي (3202) .
(3) الكبرى للنسائي (3202) .
(4) الطبراني في الكبير (12024) .
(5) الاستذكار لابن عبدالبر(14218) .
(6) الكبرى للنسائي (3208) ,  مصنف عبدالرزاق (9400) .
(1) السنن (775) .
(2) فتح الباري (4/687) .
(3) الاستذكار لابن عبدالبر(14218) .
(1) البخاري (1940) من طريق آدم عن شعبة عن ثابت به .
(2) أحمد (18440) وأبو داود (775) . من طريق عبدالرحمن بن عباس عن عبدالرحمن بن أبي ليلى به . وإسناده صحيح .
(1) رواه ابن خزيمة (1850) و الدارقطني في السنن (2241) وغيرهما من طريق خالدً الحذاء عن أبي المتوكل عن أبي سعيد موقوفاً عليه .
(2) الطحاوي في شرح معاني الآثار (2216) من طريق محمد بن خزيمة عن حجاج عن حماد عن الشعبي  .
(1) عبدالرزاق في المصنف (7544) من طريق الثوري عن إسماعيل بن سالم عن الشعبي  .
(2) مالك في الموطأ (30) .
(3) المصنف (7532) .
(1) المنتقى شرح الموطأ (2/56) .
(2) المصنف للصنعاني (7528) من طريق الثوري عن منصور عن إبراهيم .
(3) رواه البخاري معلقً , (باب الحجامة والقيء للصائم)  .
(1) المغني لابن قدامة (4/350) .
(2) أخرجه أحمد (16663) وأبو داود(2369) وغيرهما من طرق عن شداد بن أوس .
(1) النسائي في الكبرى ( 3133) وغيره.
(2) النسائي في الكبرى(3127) وغيره .
(3) النسائي في الكبرى (3126) وغيره .
(1) الطبراني في الكبير (1447) وغيره .
(2) نصب الراية للزيلعي (2/482) .
(3) نصب الراية (2/482) .
(1) العلل الكبير للترمذي (122) .
(1) العلل الكبير للترمذي (70) .
(1) سنن الترمذي (774) .
(2) المصدر السابق .
(3) سنن الترمذي (774) البيهقي في الصغرى (1372) ناسخ الحديث ومنسوخه لابن شاهين (402) والمحلى لابن حزم (1056) الاستذكار (14246) معالم السنن (2/770) عمدة القاري(11/40) .



لتحميل الكتاب كاملا بصيغة بي دي اف من الرابط اسفل المقال 

تحميل كتاب إرشاد السائل بجواز الحجامة للصائم PDF برابط مباشر ميديا فير من هنا 

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

download pdf books تحميل كتاب pdf

2016