المبحث الأول
الفتنة في لغة
العرب
لابد ـ قبل الحديث عن جوانب هذا الموضوع المهم ـ من التطرق إلى تعريف
"الفتن"؛ لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره.
فالفتن جمع "فتنة"، والفتنة في اللسان العربي تطلق ويراد بها عدد
من المعاني، ومنها ما يأتي:
1-
الابتلاء، تقول: (فتنت فلانا): إذا ابتليت صدقه وأمانته.
2-
الإحراق بالنار، تقول: (فتنت الذهب والفضة): إذا أحرقتهما بالنار لتميز
الرديء من الجيد.
3-
اختلاف الناس بالآراء: فإن هذا الاختلاف قد يكون سببا في الفتنة، ولاسيما
إذا كان منشأ ذلك الاختلاف التشهي والهوى، وليس البحث عن الحق والهدى.
4-
الإعجاب بالشيء، تقول: "فتنت بورعه"، أي: أعجبت بما كان عليه من
ورع.
5-
الفضيحة، ومن ذلك قول الحق تبارك وتعالى: }وَمَنْ
يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ{ [المائدة: 41]، أي: فضيحته.
6-
الإزالة، يقال: "فتن الرجل": إذا أزاله عما كان عليه.
7-
الجنون، يقال: "رجل مفتون"، أي: مجنون.
8-
العذاب، ومنه قول الحق تبارك وتعالى في شأن المشركين: }ذُوقُوا
فِتْنَتَكُمْ{ [الذاريات: 14]، أي: عذابكم.
9-
القتل، ومن ذلك قول الحق تبارك وتعالى: }فَمَا
آَمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ
وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ{ [يونس: 83]، أي: أن يقتلهم.
10-
الضلال والإثم([1])، وذلك أن الإنسان إذا امتلأ قلبه بالشبهة والشهوة ـ والعياذ بالله تعالى ـ
فتن بهما حتى يضل فيقع في الإثم العظيم من حيث يشعر أو لا يشعر.
هذه هي بعض المعاني التي فسر بها العرب "الفتنة" في لسانهم، إلا
أن المعنى الأول وهو (الابتلاء) هو جماع تلك المعاني كلها، كما صرح بذلك الأزهري([2]) وابن منظور([3]) رحمهما الله تعالى، وكما صرح به غيرهما.
وذلك لأن كل المعاني المذكورة يمكن إدراجها في هذا المعنى الجامع، فالإحراق
بالنار للذهب والفضة هو ابتلاء لجيدهما من رديئهما.
واختلاف الناس بالآراء هو ابتلاء لهم، ليعلم متبع الحق من متبع الباطل.
والإعجاب بالشيء ابتلاء لما في دخيلة الإنسان من حب الخير أو حب الشر؛ لأن
كل إناء بما فيه ينضح.
والفضيحة ابتلاء من الله تبارك وتعالى للمفضوح، حتى تنكشف حقيقته للناس فلا
يغتر به.
والإزالة ابتلاء من الله جل شأنه للعبد بميل قلبه من الهداية إلى الغواية،
نسأل الله تعالى السلامة من ذلك.
والجنون ابتلاء للعبد بسلب العقل منه.
والعذاب ابتلاء لمن استحقه بسبب إعراضه وطغيانه.
والقتل ابتلاء للقاتل حين يبوء بإثم من قتله وتعدى على حرمة دمه.
والضلال والإثم ابتلاء لمن أوقع نفسه في أسبابهما حتى يجني ما اكتسبته
يداه.
المبحث الثاني
الفتنة في القرآن
الكريم
وردت "الفتنة" في ستة وخمسين موضعا من القرآن العظيم، وهي بحسب
تسلسل الآيات في السور القرآنية الكريمة على النحو الآتي:
1- الموضع الأول: قول الله تبارك وتعالى: }وَمَا
يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا
تَكْفُرْ{ [البقرة: 102].
ومعنى الفتنة هنا: هو "البلاء"، أي: "إنما نحن بلاء لبني
آدم، فلا تكفر بربك"([4]).
2- الموضع الثاني: قول الحق سبحانه: }وَأَخْرِجُوهُمْ
مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ{ [البقرة: 191].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الكفر والشرك"، أي: "شركهم بالله
تعالى وكفرهم به أعظم جرما، وأشد من القتل الذي عيروكم به"([5]).
3- الموضع الثالث: قول المولى جل شأنه: }وَقَاتِلُوهُمْ
حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ{ [البقرة: 193].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الكفر"([6]).
4- الموضع الرابع: قول الله تعالى: }وَإِخْرَاجُ
أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ{ [البقرة: 217].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الكفر والشرك" كما سبق.
5- الموضع الخامس: قول الحق سبحانه: }فَأَمَّا
الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ
الْفِتْنَةِ{ [آل عمران: 7].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الإضلال"، أي: "الإضلال لأتباعهم،
إيهاما لهم أنهم يحتجون على بدعتهم بالقرآن، وهو حجة عليهم لا لهم"([7]).
6- الموضع السادس: قول الله تعالى: }كُلَّ
مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا{ [النساء: 91].
ومعنى الفتنة هنا: "الشرك"، أي: "كلما دعوا إلى الإشراك
بالله تعالى ارتدوا فصاروا مشركين"([8]).
7- الموضع السابع: قول المولى سبحانه: }وَإِذَا
ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ
إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا{ [النساء: 101].
ومعنى الفتنة هنا: هو "القتل"، أو "الأسر" كما ذكر ذلك
الإمام الطبري رحمه الله تعالى في تفسيره([9]).
8- الموضع الثامن: قول الله جل شأنه: }وَمَنْ
يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا{ [المائدة: 41].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الضلالة". قال الإمام الطبري رحمه الله
تعالى: "ومعنى الفتنة في هذا الموضع: الضلالة عن قصد السبيل، يقول تعالى
ذكره: ومن يرد الله يا محمد مرجعه بضلالته عن سبيل الهدى فلن تملك له من الله
استنقاذا مما أراد الله به من الحيرة والضلالة، فلا تشعر نفسك بالحزن على ما فاتك
من اهتدائه للحق"([10]).
9- الموضع التاسع: قول الله عز وجل: }وَاحْذَرْهُمْ
أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ{ [المائدة: 49].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الصد"، أي: "واحذر يا محمد هؤلاء
اليهود الذين جاءوك محتكمين إليك أن يفتنوك، فيصدوك عن بعض ما أنزل إليك من حكم
كتابه، فيحملوك على ترك العمل به واتباع أهوائهم"([11]).
10- الموضع العاشر: قول الحق سبحانه: }وَحَسِبُوا
أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا{ [المائدة: 71].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الابتلاء والاختبار"، أي: "وظن هؤلاء
الإسرائيليون... ألا يكون من الله لهم ابتلاء واختبار بالشدائد من العقوبات بما
كانوا يفعلون فعموا وصموا"([12]).
11- الموضع الحادي عشر: قول الله جل شأنه: }ثُمَّ
لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا
مُشْرِكِينَ{ [الأنعام: 23].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الاختبار". قال الإمام الطبري رحمه الله
تعالى: "يقول تعالى ذكره: ثم لم يكن قولهم إذ قلنا لهم: }أَيْنَ
شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ{ [الأنعام: 22] إجابة منه لنا عن سؤالنا إياهم ذلك إذ فتناهم
فاختبرناهم }إِلَّا
أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ{ [الأنعام: 23] كذبا منهم في أيمانهم على قولهم ذلك"([13]).
12- الموضع الثاني عشر: قول الحق سبحانه: }وَكَذَلِكَ
فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
مِنْ بَيْنِنَا{
[الأنعام: 53].
[الأنعام: 53].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الابتلاء والاختبار"، أي: "اختبرنا
الناس بالغنى والفقر، والعز والذل، والقوة والضعف، والهدى والضلال، كي يقول من
أضله الله وأعماه عن سبيل الحق للذين هداهم الله ووفقهم: أهؤلاء من الله عليهم
بالهدى والرشد وهم فقراء ضعفاء أذلاء من بيننا ونحن أغنياء أقوياء، استهزاء بهم
ومعاداة للإسلام وأهله"([14]).
13- الموضع الثالث عشر: قول الله تعالى: }يَا
بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ{ [الأعراف: 27].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الخداع والاختبار"، أي: "يا بني آدم
لا يخدعنكم الشيطان فيبدي سوآتكم للناس بطاعتكم إياه عند اختباره لكم"([15]).
14- الموضع الرابع عشر: قول المولى سبحانه: }إِنْ
هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ{ [الأعراف: 155].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الابتلاء والاختبار". قال الإمام الطبري
رحمه الله تعالى: "ما هذه الفعلة التي فعلها قومي من عبادتهم، ما عبدوا دونك
إلا فتنة منك أصابتهم، ويعني بالفتنة: الابتلاء والاختبار"([16]).
15- الموضع الخامس عشر: قول الحق سبحانه: }وَاتَّقُوا
فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً{ [الأنفال: 25].
ومعنى الفتنة هنا: هو "العذاب". قال ابن عباس رضي الله تعالى
عنهما: "أمر الله المؤمنين إلا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم الله
بالعذاب"([17]).
16- الموضع السادس عشر: قول الله تبارك وتعالى: }وَاعْلَمُوا
أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ{ [الأنفال: 28].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الابتلاء والاختبار"، أي: "واعلموا
أيها المؤمنون أنما أموالكم التي خولكموها الله، وأولادكم الذين وهبهم الله لكم
اختبار وبلاء، لينظر كيف أنتم عاملون من أداء حق الله عليكم فيها"([18]).
17- الموضع السابع عشر: قول الله جل شأنه: }وَقَاتِلُوهُمْ
حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ{ [الأنفال: 39].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الكفر"، كما سبق بيان ذلك.
18- الموضع الثامن عشر: قول الحق سبحانه: }إِلَّا
تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ{ [الأنفال: 73].
ومعنى الفتنة هنا: هو "البلاء"، أي: "إلا تفعلوا ما أمرتكم
به من التعاون والنصرة على الدين تكن فتنة في الأرض"([19])، حيث يحل البلاء بكم.
19- الموضع التاسع عشر: قول الله تعالى: }وَلَأَوْضَعُوا
خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ{ [التوبة: 47].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الكفر"([20]).
20- الموضع العشرون: قول الله عز وجل: }لَقَدِ
ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ{ [التوبة: 48].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الصد عن الدين"، أي: "لقد التمس
هؤلاء المنافقون الفتنة لأصحابك يا محمد، التمسوا صدهم عن دينهم، وحرصوا على ردهم
إلى الكفر بالتخذيل عنه"([21]).
21- الموضع الحادي والعشرون: قول الحق سبحانه: }وَمِنْهُمْ
مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا{ [التوبة: 49].
ومعنى الفتنة في قوله تعالى: }وَلَا
تَفْتِنِّي{: هو "الابتلاء"، أي: "ولا تبتلني برؤية نساء بني
الأصفر، فإني بالنساء مغرم"، والقائل ذلك هو "الجد بن قيس"([22]).
ومعنى الفتنة في قوله تعالى: }أَلَا
فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا{: هو "الحرج والإثم"([23]).
22- الموضع الثاني والعشرون: قول الله تبارك وتعالى: }أَوَلَا
يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ
لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ{ [التوبة: 126].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الابتلاء والاختبار"، أي: "ثم هم مع
البلاء الذي يحل بهم من الله، والاختبار الذي يعرض لهم لا ينيبون من نفاقهم، ولا
يتوبون من كفرهم، ولا هم يتذكرون بما يرون من حجج الله، ويعاينون من آياته فيتعظوا
بها، ولكنهم مصرون على نفاقهم"([24]).
23- الموضع الثالث والعشرون: قول المولى تبارك اسمه: }فَمَا
آَمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ
وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ{ [يونس: 83].
ومعنى الفتنة هنا: هو "القتل" أو "العذاب"([25]).
24- الموضع الرابع والعشرون: قول الحق سبحانه: }رَبَّنَا
لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ{ [يونس: 85].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الابتلاء والاختبار"، أي: "يا ربنا
لا تختبر هؤلاء القوم الكافرين، ولا تمنحنهم بنا"([26]).
25- الموضع الخامس والعشرون: قول الله عز وجل: }ثُمَّ
إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا{ [النحل: 110].
ومعنى الفتنة هنا: "التعذيب"، وذلك لإكراههم على التلفظ بكلمة
الكفر([27]).
26- الموضع السادس والعشرون: قول الله جل شأنه: }وَمَا
جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ{ [الإسراء: 60].
ومعنى الفتنة هنا: "الابتلاء والاختبار"، وتلك الرؤيا هي رؤيا
عين أريها رسول الله r ليلة أسري به، فكانت بلاء للناس بين مصدق ومكذب([28]).
27- الموضع السابع والعشرون: قول الله سبحانه: }وَإِنْ
كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ{ [الإسراء: 73].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الصد"، أي: "أن المشركين كادوا أن
يفتنوا النبي عليه الصلاة والسلام بصده عما أوحاه الله تعالى إليه ليعمل
بغيره"([29]).
28- الموضع الثامن والعشرون: قول الله تبارك وتعالى: }وَقَتَلْتَ
نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا{ [طه: 40].
ومعنى الفتنة والفتون هنا: هو "الابتلاء والاختبار"، كما قال ذلك
حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما"([30]).
29- الموضع التاسع والعشرون: قول الله جل جلاله: }قَالَ
فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ{ [طه: 85].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الاختبار والامتحان"، أي: "اختبرناهم
وامتحناهم بأن يستدلوا على الله عز وجل"([31]).
30- الموضع الثلاثون: قول الله تعالى: }وَلَقَدْ
قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ{ [طه: 90].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الابتلاء" أي: إن هارون عليه السلام قال
لبني إسرائيل من قبل أن يرجع إليهم موسى عليه السلام: يا قوم إنما ابتليتم بعبادة
العجل، وأُضللتم بذلك الابتلاء عن عبادة الله تبارك وتعالى"([32]).
31- الموضع الحادي والثلاثون: قول الحق سبحانه: }وَلَا
تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ{ [طه: 131].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الابتلاء".
وفي هذه الآية الكريمة يخاطب الله تبارك وتعالى نبيه محمدا r بألا يجعل
لزهرة الدنيا وزنا، فإنه لا بقاء لها([33]).
32- الموضع الثاني والثلاثون: قول الله جل شأنه: }وَنَبْلُوكُمْ
بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً{ [الأنبياء: 35].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الاختبار"، أي: نختبركم بالشدة والرخاء،
والحلال والحرام، فننظر كيف شكركم وصبركم"([34]).
33- الموضع الثالث والثلاثون: قول الله تعالى: }وَإِنْ
أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ{ [الأنبياء: 111].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الاختبار"، أي: "لعل الإمهال اختبار
لكم ليرى كيف صنيعكم"([35]).
34- الموضع الرابع والثلاثون: قول المولى عز وجل: }وَإِنْ
أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ{
[الحج: 11].
[الحج: 11].
ومعنى الفتنة هنا: هو "البلاء".
والآية الكريمة تحكي حال المنافق، فهو إن صلحت له دنياه أقام على دينه، وإن
فسدت عليه دنياه ترك الدين ورجع إلى الكفر([36]).
35- الموضع الخامس والثلاثون: قول الحق سبحانه: }لِيَجْعَلَ
مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ{ [الحج: 53].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الضلالة"([37]).
36- الموضع السادس والثلاثون: قول الله عز وجل: }فَلْيَحْذَرِ
الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ{ [النور: 63].
ومعنى الفتنة هنا: هو فتنة القلب من كفر، أو نفاق، أو بدعة([38]).
37- الموضع السابع والثلاثون: قول الله جل شأنه: }وَجَعَلْنَا
بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً{ [الفرقان: 20].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الامتحان"، أي: "وامتحنا أيها الناس
بعضكم ببعض"([39]).
38- الموضع الثامن والثلاثون: قول الله سبحانه: }قَالَ
طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ{ [النمل: 47].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الابتلاء". قال قتادة رحمه الله تعالى:
"تبتلون بالطاعة والمعصية"([40]).
39- الموضع التاسع والثلاثون: قول الحق جل شأنه: }الم
* أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ
* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ
صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ{ [العنكبوت: 1 - 3].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الابتلاء"، أي: "إن الله تعالى لابد
أن يبتلي عباده المؤمنين بحسب ما عنده من الإيمان"([41]).
40- الموضع الأربعون: قول المولى سبحانه: }فَإِذَا
أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ{ [العنكبوت: 10].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الأذى"، أي: "يجعل إيذاء الناس له في
الدنيا كعذاب الله تعالى في الآخرة، حتى يرتد عن إيمانه"([42]).
41- الموضع الحادي والأربعون: قول الله تبارك وتعالى: }وَلَوْ
دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآَتَوْهَا{
[الأحزاب: 14].
[الأحزاب: 14].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الكفر"، أي: "إنهم لو دخل عليهم
الأعداء من كل جانب من جوانب المدينة، وقطر من أقطارها، ثم سئلوا الفتنة وهي
الدخول في الكفر لكفروا سريعا، وهم لا يحافظون على الإيمان، ولا يستمسكون به مع
أدنى خوف وفزع"([43]).
42- الموضع الثاني والأربعون: قول الله عز سلطانه: }أَذَلِكَ
خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً
لِلظَّالِمِينَ{ [الصافات: 62 - 63].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الاختبار"، أي: "إنما أخبرناك يا
محمد بشجرة الزقوم اختبارا نختبر به الناس من يصدق منهم ممن يكذب"([44]).
43- الموضع الثالث والأربعون: قول الله تعالى: }فَإِنَّكُمْ
وَمَا تَعْبُدُونَ * مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ{ [الصافات: 161 - 162].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الإضلال"، أي: "ما أنتم بمضلين أحدا
إلا من قدر الله عز وجل عليه أن يضل"([45]).
44- الموضع الرابع والأربعون: قول الله سبحانه: }وَظَنَّ
دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ{ [ص: 24].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الاختبار"، كما قاله ابن عباس رضي الله
تعالى عنهما([46]).
45- الموضع الخامس والأربعون: قول الحق سبحانه: }وَلَقَدْ
فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ{ [ص: 34].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الابتلاء"، وسبب ابتلاء نبي الله سليمان
عليه السلام أنه قال: "لأطوفن الليلة على مائة امرأة كلهن يأتين بفارس يجاهد
في سبيل الله"، ولم يقل: "إن شاء الله"، فلم تحمل منهن إلا امرأة
جاءت بشق رجل، وهذا الشق هو الجسد الذي القي على كرسيه حين عرض عليه([47]).
46- الموضع السادس والأربعون: قول الله جل شأنه: }فَإِذَا
مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا
قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ
أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ{ [الزمر: 49].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الابتلاء والاختبار"، أي: "بل عطيتنا
إياهم تلك النعمة من بعد الضر الذي كانوا فيه فتنة لهم، يعني: بلاء ابتليناهم به،
واختبارا اختبرناهم به"([48]).
47- الموضع السابع والأربعون: قول الله عز وجل: }وَلَقَدْ
فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ{ [الدخان: 17].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الاختبار"، أي: "ولقد اختبرنا قبل
هؤلاء المشركين قوم فرعون، وهم قبط مصر"([49]).
48- الموضع الثامن والأربعون: قول الحق سبحانه: }يَوْمَ
هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ * ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ
بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ{ [الذاريات: 13 - 14].
ومعنى الفتنة هنا: هو "التعذيب والتحريق"، كما قال ذلك ابن عباس،
ومجاهد، والحسن وعكرمة، وإبراهيم النخعي، وزيد بن أسلم، سفيان الثوري([50]).
49- الموضع التاسع والأربعون: قول الله تبارك وتعالى: }إِنَّا
مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ{ [القمر: 27].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الاختبار"، حيث "أخرج الله تعالى
لقوم صالح عليه السلام ناقة عظيمة عشراء من صخرة صماء طبق ما سألوا، لتكون حجة
الله عليهم في تصديق صالح عليه السلام فيما جاءهم به"([51]).
50- الموضع الخمسون: قول الله جل شأنه: }وَلَكِنَّكُمْ
فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ
الْأَمَانِيُّ{ [الحديد: 14].
ومعنى الفتنة هنا: هو "النفاق"، أي: "إنهم فتنوا أنفسهم
بنفاقهم، فاستحقوا العقاب على ذلك بإطفاء النور عنهم"([52]).
51- الموضع الواحد والخمسون: قول الله عز سلطانه: }رَبَّنَا
لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا{ [الممتحنة: 5].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الابتلاء والاختبار" كما سبق.
52- الموضع الثاني والخمسون: قول الله سبحانه: }إِنَّمَا
أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ{ [التغابن: 15].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الابتلاء والاختبار" كما سبق.
53- الموضع الثالث والخمسون: قول الله تعالى: }فَسَتُبْصِرُ
وَيُبْصِرُونَ * بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ{ [القلم: 5 - 6].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الضلال"، أي: "فستعلم يا محمد وسيعلم
مخالفوك ومكذبوك من المفتون الضال منك ومنهم"([53]).
54- الموضع الرابع والخمسون: قول المولى عز وجل: }وَأَنْ
لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا *
لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ{ [الجن: 16 - 17].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الابتلاء والاختبار"، أي: "لنبتليهم
من على الهداية ممن يرتد إلى الغواية"([54]).
55- الموضع الخامس والخمسون: قول الله سبحانه: }وَمَا
جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا{ [المدثر: 31].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الاختبار"، أي: "إنما ذكرنا عدتهم
أنهم تسعة عشر اختبارا منا للناس"([55]).
56- الموضع السادس والخمسون: قول المولى جل شأنه: }إِنَّ
الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا
فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ{ [البروج: 10].
ومعنى الفتنة هنا: هو "الإحراق"، أي "حرقوا المؤمنين
والمؤمنات" كما في قول ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، وغيرهم([56]).
وبهذا الحصر يعلم أن الفتنة قد كثير ورودها في كتاب الله تبارك وتعالى، وما
ذلك إلى لخطورة شأنها، وشدة تأثيرا على الأفراد والجماعات، نسأل الله سبحانه
السلامة من نزغات الهوى ومضلات الفتن.
([1]) انظر هذه المعاني اللغوية في: لسان
العرب مادة "فتن" 13/317 – 320، القاموس المحيط مادة "الفتن"
4/254، تاج العروس مادة "فتن" 9/297.
([2]) انظر: الصحاح للجوهري 2/223 مادة
"فتن".
([3]) انظر: لسان العرب 13/317 مادة
"فتن".
([4]) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن
للطبري 1/461.
([5]) انظر: الجامع لأحكام القرآن للطبري
2/234.
([6]) انظر: الجامع لأحكام القرآن 2/236.
([7]) انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير
1/298.
([8]) انظر: جامع البيان 5/201.
([9]) انظر: جامع البيان 5/243.
([10]) جامع البيان 6/238.
([11]) انظر: جامع البيان 6/273.
([12]) انظر: جامع البيان 6/311 – 312.
([13]) انظر: جامع البيان 7/166.
([14]) جامع البيان 7/206 – 207.
([15]) انظر: جامع البيان 8/151.
([16]) جامع البيان 9/76.
([17]) انظر: جامع البيان 9/218.
([18]) انظر: جامع البيان 9/223 – 224.
([19]) انظر: جامع البيان 0/55 – 56.
([20]) انظر: جامع البيان 10/145.
([21]) انظر: جامع البيان 10/147.
([22]) انظر: جامع البيان 10/148.
([23]) انظر المرجع السابق.
([24]) انظر: جامع البيان 11/73.
([25]) انظر: جامع البيان 11/151.
([26]) انظر: المرجع السابق.
([27]) انظر: الجامع لأحكام القرآن 10/126.
([28]) انظر: تفسير القرآن العظيم 3/45.
([29]) انظر: جامع البيان 15/130.
([30]) انظر: جامع البيان 16/164.
([31]) انظر: الجامع لأحكام القرآن 11/155.
([32]) انظر: الجامع لأحكام القرآن 11/157.
([33]) انظر: الجامع لأحكام القرآن 11/174.
([34]) انظر: الجامع لأحكام القرآن 11/190.
([35]) انظر: الجامع لأحكام القرآن 11/232.
([36]) انظر: تفسير القرآن، العظيم 3/182.
([37]) انظر: الجامع لأحكام القرآن 12/58.
([38]) انظر: تفسير القرآن العظيم 3/264.
([39]) انظر: جامع البيان 18/194.
([40]) انظر: تفسير القرآن العظيم 3/315.
([41]) انظر: تفسير القرآن العظيم 3/346.
([42]) انظر: الجامع لأحكام القرآن 13/218.
([43]) انظر: تفسير القرآن العظيم 3/405.
([44]) انظر: تفسير القرآن العظيم 4/12.
([45]) انظر: الجامع لأحكام القرآن 15/89.
([46]) انظر: تفسير القرآن العظيم 4/30.
([47]) انظر: جواهر الحسان في تفسير القرآن
للثعالبي 4/39.
([48]) انظر: جامع البيان 24/12.
([49]) انظر: تفسير القرآن العظيم 4/125.
([50]) انظر: تفسير القرآن العظيم 4/205.
([51]) انظر: تفسير القرآن العظيم 4/233.
([52]) انظر: جامع البيان 27/226.
([53]) انظر: تفسير القرآن العظيم 4/352.
([54]) انظر: تفسير القرآن العظيم 4/376.
([55]) انظر: تفسر القرآن العظيم 4/388.
([56]) انظر: تفسير القرآن العظيم 4/434.
لتحميل الكتاب كاملا بصيغة بي دي اف من رابط مباشر ميديا فير من الرابط اسف المقال