-->

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

تحميل كتاب بناء الأخلاق PDF رابط ميديا فير




تعريف حسن الخلق
إنه بالنظر في التعاريف التي وردت في حسن الخلق نجدها متقاربة، منها: قال الحسن رحمه الله: حسن الخلق الكرم والبذل والاحتمال.
وقال المبارك رحمه الله: هو بسط الوجه وبذل المعروف وكف الأذى.
وعن الشعبي حسن الخلق: البذل والعطية والبشر الحسن...
وعن الإمام أحمد رحمه الله: أن لا تغضب ولا تحتد، وعنه أنه قال: حسن الخلق أن تحتمل ما يكون من الناس، وقال إسحاق بن راهويه: هو بسط الوجه وأن لا تغضب ونحو ذلك. قال محمد بن نصر وقال بعض أهل العلم: حسن الخلق كظم الغيظ وإظهار الطلاقة والبشر إلا للمبتدع والفاجر والعفو عن الزالين إلا تأديبًا وإقامة الحد وكف الأذى عن كل مسلم ومعاهد إلا تغيير منكر وأخذ مظلمة المظلوم من غير تعد([1]).
(وقد قيل: إن حسن الخلق بذل الندى وكف الأذى واحتمال الأذى)([2]).
(وقيل: حسن الخلق بذل الجميل وكف القبيح. وقيل: التخلي من الرذائل والتحلي بالفضائل)([3]).
(والخلق: بذل الندى وكف الأذى واختيار الفضائل وترك الرذائل والتحلي بالفضائل)([4]).
(وحسن الخلق أن يكون سهل العريكة لين الجانب طلق الوجه قليل النفور طيب الكلمة)([5]).
قال القرطبي رحمه الله: (الأخلاق أوصاف الإنسان التي يتعامل بها مع غيره وهي محمودة ومذمومة، فالمحمود على الإجمال تكون مع غيرك على نفسك فتنصف منها ولا تنصف لها، وعلى التفصيل: العفو والحلم والجود والصبر وتحمل الأذى والرحمة والشفقة وقضاء الحوائج والتوادد ولين الجانب ونحو ذلك والمذموم منها ضد ذلك)([6]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وجماع الخلق الحسن مع الناس أن تصل من قطعك بالسلام والإكراه والدعاء له والاستغفار والثناء عليه والزيارة له وتعطي من حرمك من التعليم والمنفعة والمال وتعفو عمن ظلمك في دم أو مال أو عرض وبعض هذا واجب وبعضه مستحب)([7]).
وقال ابن سعدي رحمه الله: (هو خلق فاضل عظيم أساسه الصبر والحلم والرغبة في مكارم الأخلاق وآثاره العفو والصفح عن المسيئين وإيصال المنافع إلى الخلق أجمعين، فهو احتمال الجنايات والعفو عن الزلات ومقابلة السيئات بالحسنات؛ وقد جمعه الله في آية واحدة وهي قوله: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]([8]).
فعلى هذا يكون حسن الخلق ما يعامل به الإنسان من كرم وبذل واحتمال وبسط للوجه بالبشر والبشاشة سهل العريكة كاف عن الأذى بالمقال والفعال بعيد عن الغضب والحقد طيب الكلمة يعفو عن المسيء ويجود بنفسه وماله، ويشفق ويقضي للناس الحوائج ويتودد ويلين ويتواضع لهم ويعلمهم، وينفعهم بماله وجاهه ولا يكون نفورًا منهم بل منهم قريب ولمناديهم مجيب وهو بالجملة متخل عن القبائح ومتحل بالفضائل على هدى الإسلام وشرعه القويم.
* * *



القرآن الكريم وعنايته بالأخلاق
لقد عنى القرآن الكريم بالأخلاق أيما عناية يتضح ذلك من خلال الآيات المبثوثة فيه مما يدل على عظم هذه الشريعة الإسلامية وإليك طرفًا منها:
قال تعالى: {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: 60].
ما جزاء من أحسن إلا أن يحسن إليه وهذا فضل عظيم فمن أحسن عمله لله أحسن الله إليه ومن أحسن إلى خلقه بكف الأذى عنهم ومساعدته والتفضل عليهم كان جزاؤه من جنس عمله أن يقابل بالإحسان قال تعالى: {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 83]، خلق عظيم يربي به تعالى المؤمنين ويأمرهم أن يلتزموه مع الناس وهو يشمل كل قول حسن.
قال ابن سعدي رحمه الله: (ومن القول الحسن أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وتعليمهم العلم وبذل السلام والبشاشة وغير ذلك من كل كلام طيب ولما كان الإنسان لا يسع الناس بماله أمر بأمر يقدر به على الإحسان إلى كل مخلوق وهو الإحسان بالقول، فيكون في ضمن ذلك النهي عن الكلام القبيح للناس حتى للكفار ولهذا قال تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت: 46] ومن أدب الإسلام الذي أدب الله به عباده أن يكون الإنسان نزيهًا في أقواله وأفعاله غير فاحش ولا بذيء ولا شاتم ولا مخاصم بل يكون حسن الخلق واسع الحلم مجاملًا لكل أحد صبورًا على ما يناله من أذى الخلق...)([9]).
وقال تعالى: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ} [الإسراء: 53].
في الآية أمر من الله أن يكون ما يتلفظ به المرء من الأقوال طيبًا يعبر عن خلق كريم لأن القول الحسن حري أن يكون سدًا منيعًا أمام الشيطان أن ينفذ منه إلى صفوف المؤمنين.
يقول سيد قطب رحمه الله عند هذه الآية: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }(على وجه الإطلاق وفي كل مجال فيختاروا أحسن ما يقال ليقولوه بذلك يتقون أن يفسد الشيطان ما بينهم من مودة. فالشيطان ينزع الأخوة بالكلمة الخشنة تفلت وبالرد السيئ يتلوها فإذا جو الود والمحبة والوفاق مشوب بالخلاف ثم بالعداء والكلمة الطيبة تأسو جراح القلوب. تندي جفافها وتجمعا على الود الكريم)([10]).
قال تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199].
آية عظيمة فيها الأخذ بالعفو عمن ظلمك والقول الحسن لمن أساء إليك والإعراض عمن جهل عليك فكلها آداب عظيمة تبني في النفس أخلاقًا كريمة.
(هذه آية جامعة لحسن الخلق مع الناس وما ينبغي في معاملتهم، فالذي ينبغي أن يعامل به الناس أن يأخذ العفو أي ما سمحت به أنفسهم وما سهل عليهم من الأعمال والأخلاق فلا يكلفهم ما لا تسمح به طبائعهم بل يشكر من كل أحد ما قابله به، من قول وفعل جميل أو ما هو دون ذلك، ويتجاوز عن تقصيرهم ويغض طرفه عن نقصهم. ولا يتكبر على الصغير لصغره ولا ناقص العقل لنقصه ولا الفقير لفقره بل يعامل الجميع باللطف والمقابلة بما تقتضيه الحال وتنشرح له صدورهم.
{وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} أي: بكل قول حسن وفعل وخلق للقريب والبعيد.. ولما كان لابد من أذية الجاهل أمر الله تعالى أن يقابل الجاهل بالإعراض عنه وعدم مقابلته بجهله فمن آذاك بقوله أو فعله لا تؤذه، ومن حرمك لا تحرمه ومن قطعك فصله ومن ظلمك فاعدل فيه..)([11]).
(قيل لسفيان بن عيينة: قد استنبطت من القرآن كل شيء فأين المروءة فيه فقال في قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} ففيه المروءة وحسن الآداب ومكارم الأخلاق فجمع في قوله {خُذِ الْعَفْوَ} صلة القاطعين والعفو عن المذنبين والرفق بالمؤمنين وغير ذلك من أخلاق المطيعين ودخل في قوله {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} صلة الأرحام وتقوى الله في الحلال والحرام وغض الأبصار والاستعداد لدار القرار ودخل في قوله: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} الحض على التخلق بالحلم والإعراض عن أهل الظلم والتنزه عن منازعة السفهاء ومساواة الجهلة والأغبياء وغير ذلك من الأخلاق الحميدة والأفعال الرشيدة)([12]).
وقال تعالى: {إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: 237].
رغب في العفو وأن من عفا كان أقرب لتقواه لكونه إحسانًا موجبًا لشرح الصدر ولكون الإنسان لا ينبغي أن يهمل من الإحسان والمعروف وينسى الفضل الذي هو أعلى درجات المعاملة لأن معاملة الناس فيما بينهم على درجتين: إما عدل وإنصاف واجب، وهو أخذ الواجب وإعطاء الواجب وإما فضل وإحسان وهو إعطاء ما ليس بواجب والتسامح في الحقوق والغض مما في النفس. فلا ينبغي للإنسان أن ينسى هذه الدرجة ولو في بعض الأوقات وخصوصًا لمن بينك وبينه معاملة أو مخالطة فإن الله مجاز المحسنين بالفضل والكرم)([13]).
وقال تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134].
يمدح الله سبحانه وتعالى الكاظمين غيظهم والذين لم يقابلوا من آذاهم بشر بل يصبروا عليهم ويكظموا غيظ قلوبهم بل أنهم يعفون عنهم وهذه أفعال وأخلاق أهل الإحسان الذين يحبهم الله سبحانه وتعالى.
فعلينا أن نتخلق بتلك الأخلاق العظيمة إذ العمل بها يوجب البعد عن التنافر والتشاحن فيبقى مجتمع المؤمنين متضامًا موحدًا لا يسوده إلا الحب ولا يعلوه إلا المودة ولا يخيم عليه إلا السكينة.
وقال تعالى: {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} [الشورى: 37].
(أي قد تخلقوا بمكارم الأخلاق ومحاسن الشيم فصار الحلم لهم سجية وحسن الخلق لهم طبيعة حتى إذا أغضبهم أحد بمقالة أو فعالة كظموا ذلك الغضب فلم ينفذوه بل غفروه ولم يقابلوا السيئ إلا بالإحسان والعفو والصفح)([14]).
وقال تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى: 40].
(وفي جعل أجر العافي على الله مما يهيج على العفو وأن يعامل العبد الخلق بما يجب أن يعامله الله به فكما يحب أن يعفو الله عنه فليعف عنهم، وكما يحب أن يسامحه الله فليسامحهم فإن الجزاء من جنس العمل)([15]). ومما جاء في القرآن الكريم من الحث على الرحمة وترك الغلظة والفظاظة ما أدب الله تعالى به نبينا – عليه الصلاة والسلام -.
{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ} [آل عمران: 159].
أدب عظيم لو تمسكنا به لحصل الحب والمودة والرحمة والتقارب ولو فعله الدعاة لكان طريقًا لكسب القلوب فبه يشد وثاقها فلا تند ولا تجفل.
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا} [الحجرات: 12].
إن الظنون إذا فشت في مجتمع أفسدته وجعلت أهله قطعًا متناثرين إذا الواجب أن يضمر المرء لإخوانه الخير فلا يبني أحكامًا نحوهم بمجرد الظن ولا يتبع عوراتهم بالتجسس عليهم ولا يغتابهم بل يكون معهم في أحسن حال نقي الصدر طاهر السريرة غافر الزلة ومقيل العثرة.
من الأخلاق الذميمة التي ذكرت في القرآن لكي يبتعد عنها المرء التكبر والفخر على الناس والخيلاء والتبختر في المشي وكلها أخلاق مرذولة لا تصلح للمسلم ولا يحق له أن يتمثلها. قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا} [النساء: 36].
وقوله: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 18].
وقوله: {وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا} [الإسراء: 37].
وقوله: {إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ} [النحل: 23].
ومن الأخلاق التي عني بها القرآن الإحسان إلى الوالدين.
قال تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [النساء: 36].
(إن جماع الإحسان المأمور به أن يقوم بخدمتهما ولا يرفع صوته عليهما ولا يخشن في الكلام معهما وأن يسعى في تحصيل مطالبهما والإنفاق بقدر سعته وأنت تعلم من فعل ذلك وهو لا يلقاهما إلا عابسًا مقطبًا أو أدى النفقة التي يحتاجان إليها وهو يظهر الفاقة والقلة فإنه لا يعد محسنًا بهما والخطاب لعموم الأفراد أي ليحسن كل لوالديه وذلك إنهما السبب الظاهر في وجود الولد ونموه بما بذلا من الجهد والطاقة في تربيته بكل رحمة وإخلاص)([16]).
ومن الأخلاق العظيمة التي عني بها القرآن مراعاة ذوي القربى والإحسان إليهم إذ هم الرحم وهم أقرب الناس إلى المرء. قال تعالى: {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} [الروم: 38]. وقال تعالى: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى} [البقرة: 177].
بل نجد الله سبحانه وتعالى يشرع للناس أن يتخلقوا بالأخلاق العظيمة مع الوالدين بالإحسان لهم وإعطاء الأقارب حقوقهم ومراعاة اليتيم بالعطف عليه ومساعدته وإنقاذه مما هو فيه بسد جوعه وكسو جلده وكفه عن التردد على الناس بتلمس حاجته إذ هو أخ فلابد للأخ أن يشعر بمصيبة أخيه، وكذلك المسكين لا يقل عن حال الفقير إذ هما في العوز سواء.
يوصي الحق سبحانه أن يتخلق المرء مع جاره القريب وغير القريب بالخلق فيُسأل عنه ويزوره ويعوده أن يتعامل المرء مع الصاحب بالأخلاق الحسنة من القول الطيب والإحسان إليه بكل ما هو إحسان وبكل ما يكون سببًا في دوام الصحبة.
ويوصى أن يتخلق المرء مع ابن السبيل وهو من انقطعت به السبل فصار في غربة إن احتاج إلى مال أُعطي وإن احتاج لدلالة دل وإن احتاج إلى ضيافة أكرم.
ويوصى بما ملكت يمين المرء من آدميين أن يعاملوا المعاملة الحسنة فلا يقصر عليهم في أمر ولا يكلفهم في شيء لا يقدرون عليه.
قال تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 36].
على المرء أن يكون في تعامله مع إخوانه المؤمنين ذا خلق عظيم فلا سخرية ولا تنابز ولا لمز ولا غمز لأن هذه ليست من أخلاق المؤمنين.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات: 11].
قال ابن سعدي رحمه الله تعالى: {لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ} بكل كلام وقول وفعل دال على تحقير الأخ المسلم فإن ذلك حرام لا يجوز وهو دال على إعجاب الساخر بنفسه وعسى أن يكون المسخور به خيرًا من الساخر وهو الغالب والواقع فإن السخرية لا تقع من قلب ممتلئ من مساوئ الأخلاق متحل بكل خلق ذميم متخل من كل خلق كريم ولهذا قال النبي r: «بحسب أمرئ من الشر، أن يحقر أخاه المسلم».
ثم قال: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ} أي: لا يعب بعضكم على بعض واللمز بالقول والهمز بالفعل وكلاهما منهي عنه حرام متوعد عليه النار كما قال تعالى: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ} [الهمزة: 1].
وسمى الأخ المسلم نفسه لأخيه، لأن المؤمنين ينبغي أن يكون هذا حالهم كالجسد الواحد. ولأنه إذا همز غيره أوجب للغير أن يهمزه فيكون هو المتسبب لذلك.
{وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} أي: لا يعير أحدكم أخاه ويلقبه بلقب يكره أن يقال فيه، وهذا هو التنابز وأما الألقاب غير المذمومة فلا تدخل في هذا.
{بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} أي: بئسما تبدلتم عن الإيمان والعمل بشرائعه وما يقتضيه بالإعراض عن أوامره ونواهيه باسم الفسوق والعصيان الذي هو التنابز بالألقاب.
{وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} وهذا هو الواجب على العبد أن يتوب إلى الله تعالى، ويخرج من حق أخيه المسلم باستحلاله والاستغفار والمدح مقابلة على ذمه([17]).
وإن مما ينبغي أن يتخلق به المرء المسلم أن يقابل السيئة بالحسنة وأن يدفعها بكل ما يمكن أن تندفع به.
قال تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34].
قال ابن كثير رحمه الله: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (أي: من أساء إليك فادفعه عنك بالإحسان إليه كما قال عمر t ما عقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه.).
وقوله – عز وجل -: {فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} وهو الصديق أي إذا أحسنت إلى من أساء إليك قادته تلك الحسنة إليه إلى مصافاتك ومحبتك والحنو عليك حتى يصير كأنه ولي لك حميم أي قريب إليك من الشفقة عليك والإحسان إليك ثم قال – عز وجل -: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا} [فصلت: 35] أي: وما يقبل هذه الوصية ويعمل بها إلا من صبر على ذلك فإنه يشق على النفوس {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} أي: ذو نصيب وافر من السعادة في الدنيا والآخرة.
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب والحلم عند الجهل والعفو عند الإساءة فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشياطين وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم([18]).
ومما جاء في القرآن التأدب في الخطاب والعفو عن الإساءة بالقول أو الفعل وترك المن بالعطية لأنها أخلاق غير مرضية. قال تعالى: {قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} [البقرة: 263].
ومن أوصاف المؤمنين المتحلين بالأخلاق العظيمة أنهم يغلظون على الكفار ويتراحمون بينهم وهذه هي سمة العقيدة إذا وقرت في القلب.
قال تعالى: {أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29].
وقال تعالى: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} [المائدة: 53].
(هذه صفات المؤمنين أن يكون أحدهم متواضعًا لأخيه ووليه متعززًا على خصمه وعدوه)([19]).
وأن الإيمان ليؤثر في القلوب حتى تتراحم بل لا تقف عند هذا الحد حتى يفيض هذا التراحم فيصل إلى الآخرين.
قال تعالى: {وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} [البلد: 17].
* * *







السنة المطهرة وعنايتها بالأخلاق
لقد عنيت السنة المطهرة بالأخلاق عناية عظيمة يتضح ذلك م خلال أحاديث المصطفى r فهي توضح مكانة الخلق في الشريعة الإسلامية حاثةً على التمسك به.
ولما للخلق الحسن من مكانة عظيمة جعله رسول الهدى r أفضل شيء في ميزان العبد يوم القيامة بل درجته توازي الصائم المصلي وفي المقابل أخبر أن الله يكره الخلق غير السوي كالفحش والبذاءة لأنها أخلاق لا تليق بمؤمن يسجد لله ويرجو الله. إذ من لوازم الإيمان التحلي بالأخلاق الكريمة والصفات النبيلة التي يحبها الله.
قال – عليه الصلاة والسلام -: «ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق وأن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة»([20]).
وقال – عليه الصلاة والسلام -: «ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق وإن الله يبغض الفاحش البذيء»([21]).
وقال – عليه الصلاة والسلام -: «إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم»([22]).
(أي قائم الليل في الطاعة وإنما أعطى صاحب الخلق الحسن هذا الفضل لأن الصائم والمصلي في الليل يجاهدان أنفسهما في مخالفة حظهما، وأما من يحسن خلقه مع الناس مع تباين طبائعهم وأخلاقهم فكأنه يجاهد نفوسًا كثيرة فأدرك ما أدركه الصائم القائم فاستويا في الدرجة بل ربما زاد)([23]) وفي الرواية: «إن المؤمن ليدرك بحسن الخلق درجات قائم الليل وصائم النهار»([24]).
وعن ابن عمر: سمعت رسول الله r يقول: «إن المسلم المسدد ليدك درجة الصوام القوام بآيات الله بحسن خلقه وكرم طبيعته»([25]).
بل إن خير ما أعطي الإنسان خلق حسن أدبه يكون التعامل مع الآخرين مما يكون محصلته التفاهم المبني على الود والمحبة بين أبناء جنسه وهذا في حد ذاته يسعد النفس ويفرحها ويبني لها جسرًا من العلاقة الطيبة عند ذلك يتحقق لها تلك الخيرية التي ذكرها الرسول r حين سئل: «ما خير ما أُعطي الإنسان؟ قال خلق حسن»([26]).
وقال عبد الله بن عمر (أربع خلال إذا أعطيتهن فلا يضرك ما عزل عنك من الدنيا حسن خلقه وعفاف طعمه وصدق حديث، وحفظ أمانة)([27]).
بل نجد أن خيرية المرء وكمال إيمانه تكمن في إحسانه إلى الخلق والزوجة.
وإن (من المقاييس التي نبه الرسول r لمعرفة خيار القوم معاملة الرجل لنسائه فمن كانت معاملته للنساء حسنة كان من خير القوم ومن لم تكن معاملته كذلك لم يكن من خيارهم بل إما أن يكون من حشو الناس، وإما أن يكون من شرارهم)([28]).
(إن أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا وألطفهم بأهله)([29]).
عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: «أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا وخياركم خياركم لنسائهم»([30]). وقال: «إن خياركم أحسنكم أخلاقًا»([31]).
وقال حينما سئل عن أي المؤمنين أكمل إيمانًا؟ «قال أحسنهم خلقًا»([32]).
فضل عظيم وطريق مستقيم أن يسعى المرء في استكمال الإيمان وجعله في الذروة بالتعامل الحسن مع الخلق.
وإن من الأمور الجامعة للأخلاق ما جاء في حديث رسول الله r حينما سأله نواس بن سمعان t قال فسألته عن البر والإثم فقال رسول الله r: «البر حسن الخلق والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس»([33]).
(قال العلماء: البر يكون بمعنى الصلة وبمعنى اللطف والمبرة حسن الصحبة والعشرة وبمعنى الطاعة وهذه الأمور هي مجامع حسن الخلق ومعنى حاك في صدرك أي تحرك فيه وتردد ولم ينشرح له الصدر وحصل في القلب منه الشك والخوف كونه ذنبًا) ([34]).
والمؤمن بعيد عن الشر لا يبحث عنه لكرم خلقه وحسن عشرته وطيب سجاياه بعكس الفاجر فهو للشر باحث لا يحسن العشرة ولا يقيل العثرة.
قال r: «المؤمن غر كريم والفاجر خب لئيم»([35]).
(ومعنى هذا الكلام: أن المؤمن المحمود هو من كان طبعه وشيمته الغرارة وقلة الفطنة للشر وترك البحث عنه وإن ذلك ليس منه جهلًا لكنه كرم وحسن خلق، وإن الفاجر من كانت عادته الخب والدهاء والوغول في معرفة الشر وليس ذلك منه عقلًا لكنه خب ولؤم) ([36]). وإن المؤمن لا يستطيع أن يسع الناس بماله مهما بلغ ولكن بسط الوجه والبشاشة والأخلاق الحسنة مقدور عليها لمن وفقه الله: (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق) ([37]).
بل نجد أن الخلق الحسن له مكانة عظيمة إذا عمل به المرء حيث يرفعه إلى مرتبة عظيمة وهي محبة الله له فيا له من شرف عظيم وكرم جزيل يعطيه الله لذلك العبد العامل بتلك السجايا الكريمة.
عن أسامة بن شريك قال: (كنا جلوسًا عند النبي r كأنما على رؤوسنا الطير ما يتكلم منا متكلم إذ جاءه أناس فقالوا من أحب عباد الله إلى الله تعالى؟ قال: «أحسنهم خلقًا»([38]).
بل حتى رسول الهدى r يحبه ويكون قريبًا من مجلسه يوم القيامة يا له من شرف عظيم أن يحبك الرسول الكريم ويقربك من مجلسه.
عن عبد الله بن عمرو: سمعت رسول الله r يقول: «ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة فأعادها مرتين أو ثلاث». قالوا: نعم يا رسول الله. قال: «أحسنكم خلقًا»([39]). وفي المقابل قال – عليه الصلاة والسلام – محذرًا من الخلق السيئ: «وإنما أبغضكم إلي وأبعدكم مني في الآخرة مساويكم أخلاقًا – الثرثارون، المتفيهقون، المتشدقون»([40]).
وإن من موجبات الغفران ودخول الجنان والصعود إلى أعلى الدرجات هناك في الآخرة عند مقابلة الرحمن العمل بالتقوى وتحسين الأخلاق وإن من موجبات الخذلان والدنو في الدرجات البعد عن التقوى وترك تحسين الأخلاق.
عن أبي هريرة t قال سئل رسول الله r عن أكثر ما يدخل الناس الجنة قال: «تقوى الله وحسن الخلق» وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال: «الفم والفرج»([41]).
وعن أنس قال رسول الله r: «إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة وشرف المنازل وإنه لضعيف العبادة، وإنه ليبلغ بسوء خلقه أسفل درجة جهنم»([42]).
بل نجد الرسول r يدلنا على الطريق الذي متى ما سلكناه حصلنا على خير الأخلاق من العفو عن الظالم والعطاء لمن احتاج والوصل لمن قطع (ألا أدلكم على خير أخلاق أهل الدنيا والآخرة من عفا عمن ظلمه وأعطى من حرمه ووصل من قطعه)([43]).
وقال: «ابتغوا الرفعة عند الله» قالوا: وما هي يا رسول الله؟. قال: «تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتحلم عمن جهل عليك»([44]).
وقد اعتنى الإسلام بالأخلاق وحث عليها وجعلها من المعالي وبغض إلى أتباعه سفاسف الأمور لأن المؤمن بإيمانه يعلو ويشمخ وإن من العلو عن السفاسف التخلق بالأخلاق العظيمة التي أمر بها رسول الله r حيث قال: «إن الله كريم يحب الكرم ومعالي الأخلاق ويكره سفاسفها»([45]).
(إن الله تعالى كريم يحب الكرماء جواد يحب الجود ويحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها»([46]).
(السفساف الأمر الحقير والردئ من كل شيء ضد المعالي والمكارم) ([47]).
فليكن المؤمن حريصًا على اكتساب الخلق الحسن مجاهدًا نفسه ومروضًا لها حتى يصبح لها سجية وعليه أن يردد دعاء الرسول الكريم r.
«اللهم اهدني لأحسن الأخلاق فإنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها، لا يصرف عني سيئها إلا أنت»([48]).
وقوله: «اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي»([49]).
وقوله: «اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء»([50]).
* * *

العقيدة وبناء الأخلاق
نجد أن علاقة العقيدة ببناء الأخلاق علاقة قوية وحميمة إذ من المقرر في الإسلام أن كل أموره المشروعة لا تقوم إا على أصل الإيمان بالله فإذا انتفى الإيمان انتفى العمل ومن ذلك الأخلاق فهي لا تقوم إلا على أصل العقيدة أي منبثقة منها فيكون العمل بالأخلاق من أجل الله عند ذلك تكون الأخلاق من مقتضى الإيمان ومكملاته.
لذلك نجد في القرآن الكريم العلاقة واضحة بين العقيدة والأخلاق (فعندما يطالب القرآن أتباعه بالعدل، يذكر قبل الطلب وصف الإيمان للإشارة إلى أن الإيمان يقتضي العدل فيقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: 8].
وعندما يأمر الإسلام بالصدق يقول القرآن: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119]([51]).
وهناك آيات كثيرة توضح هذه العلاقة العظيمة بين الإيمان والأخلاق، فحينما يأمر بالقول السديد يربط بينه وبين الإيمان يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70].
وحين يأمر المؤمن أن يجتنب الظن السيئ والغيبة بينها وبين الإيمان إذ من مقتضى الإيمان ترك تلك الأخلاق السيئة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا} [الحجرات: 12].
ويبين الرسول العظيم في كثير من أحاديثه هذه العلاقة القوية بين العقيدة والأخلاق فحينما يقسم الرسول r إن الإيمان لا يكون في قلب العبد وهو لا يأمن جاره وجاره لا يأمنه فيه دليل واضح في الربط بين العقيدة والأخلاق لأن من كمال الإيمان أن يكون المؤمن على خلق كريم مع جاره يأمنه يتفقده يسأل عنه يزوره ويعوده إذا مرض.
عن سعيد عن أبي شريح أن النبي r قال: «والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن» قيل ومن يا رسول الله. قال: «الذي لا يأمن جاره بوائقه»([52]).
وقال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره»([53]).
وقال – عليه الصلاة والسلام -: «ليس بمؤمن من يشبع وجاره إلى جنبه طاوٍ»([54]).
إن من كمال الإيمان أن يترك العبد الكذب في المزاح ويترك المراء ولو كان صادقًا لأن ذلك ليس من أخلاق المؤمن العامل لله سبحانه وتعالى. قال – عليه الصلاة والسلام -: «لا يؤمن العبد الإيمان كله حتى يترك الكذب من المزاحة ويترك المراء وإن كان صادقًا»([55]).
ومن كمال الإيمان أن يحب المرء لأخيه ما يحب لنفسه من الخير بل للناس، قال – عليه الصلاة والسلام -: «والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير»([56]). وقال: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»([57]). وقال: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب للناس ما يحب لنفسه وحتى يحب المرء لا يحبه إلا لله – عز وجل -»([58]).
وقد ربط الرسول العظيم r بين الإيمان والحياء، إذ من المعلوم أن الحياء خلق عظيم إذا وقر في القلب أنتج سلوكًا قويمًا. «دعه فإن الحياء من الإيمان»([59]). «إن الحياء لا يأتي إلا بخير». «الحياء كله خير»([60]). «الحياء والإيمان قرنًا جميعًا فإذا رُفع أحدهما رفع الآخر»([61]). وقال: «الحياء شعبة من شعب الإيمان ولا إيمان لمن لا حياء له...»([62]).
ومن كمال الإيمان أن يكون المرء المسلم رحيمًا للصغير والكبير عارفًا لكل واحد منهما حقه. إذ الرحمة معهما تدل على خلق عظيم نابع من إيمان صادق «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا»([63]). وقال r: «من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم»([64]).
ومن كمال الإيمان أن يكون المؤمن صابرًا راضيًا بقدر الله فلا يتبرم ولا يتسخط بل يسلم ويرضى هذا التسليم خلق عظيم، منبعه الإيمان بالله مما يدل على ارتباط الإيمان بالأخلاق.
قال – عليه الصلاة والسلام -: «ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية»([65]).
وقال – عليه الصلاة والسلام -: «عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له»([66]).
عن عمرو بن عبسة قال قلت يا رسول الله: ما الإيمان؟. قال: «الصبر والسماحة» قلت: فأي الإيمان أفضل؟. قال: «خلق حسن».
وعن جابر بن عبد الله قال سئل النبي r عن الإيمان قال: «الصبر والسماحة»([67]).
وقد نهى الإسلام أن يكون بين المؤمن وأخيه تشاحن وهجران ذلك لأن العلاقة بينهم علاقة إيمانية فلا يحق لمن كان هذا حالهم أن يتهاجروا، لذلك جعل الرسول الكريم r من مقتضى الإيمان ترك الهجر فوق ثلاثة أيام: «لا يحل للمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام»([68]).
بل حتى الكلام يجب أن يكون ضمن المنظومة الأخلاقية إذ من مقتضى الإيمان بالله أن يكون كلام الشخص طيبًا فلا فحش ولا لغو ولا سب ولا شتم لأن الإيمان يحتم عليه الانضباط ضمن أمر الشرع وحكمه قال – عليه الصلاة والسلام -: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت»([69]).
قال ابن رجب عند هذا الحديث: (فقوله r: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر» فليفعل كذا وكذا ويدل على أن هذه الخصال من خصال الإيمان) ([70]).
وقال: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»([71]).
وسئل – عليه الصلاة والسلام ما الإسلام؟. قال: «طيب الكلام وبذل السلام وإطعام الطعام»([72]).
ومن كمال الإيمان أن لا يجتمع في قلب المؤمن إيمان وحسد وذلك لأن الحسد خلق سيء لا يصلح أن يخالط الإيمان.
قال – عليه الصلاة والسلام -: «لا يجتمع في جوف عبد مؤمن غبار في سبيل الله وقيح جهنم ولا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد»([73]).
ومن كمال الإيمان أن يكون المرء كريمًا سخيًا لأن الإيمان والبخل لا ينبغي أن يجتمعا في قلب مؤمن. قال – عليه الصلاة والسلام -: «لا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد»([74]) وقال – عليه الصلاة والسلام -: «ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه»([75]).
وقد جاء في حديث الرسول r أن العبد لن ينال صريح الإيمان حتى يحقق أخلاقًا من الصلة والعفو والمغفرة والإحسان.
(لن ينال عبد صريح الإيمان حتى يصل من قطعه ويعفو عمن ظلمه ويغفر لمن شتمه ويحسن إلى من أساء إليه)([76]).
وإن من كمال الإيمان أن يبتعد المؤمن عن الأخلاق الدنيئة من زنا وشرب خمر وسرقة ولعن لأنها خصال تنقص الإيمان ولا تصلح للمؤمن. قال – عليه الصلاة والسلام -: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع المؤمنون إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن»([77]).
وإنما أراد – والله أعلم - «وهو مؤمن» مطلق الإيمان لكنه ناقص الإيمان بما ارتكب من الكبيرة وترك من الانزجار عنها ولا يوجب ذلك تكفيرًا بالله – عز وجل([78]).
(إذا زنى العبد خرج منه الإيمان فكان فوق رأسه كالظلة فإذا خرج من ذلك العمل عاد إليه الإيمان([79])).
وإننا نجد أن الأخلاق الحسنة من مكملات عقيدة المؤمن مما يدل على الارتباط الوثيق بينهما.
قال – عليه الصلاة والسلام -: «أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا»([80]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فجعل كمال الإيمان في كمال الخلق)([81]). وقد جعل الرسول r من تمام إسلام المرء ومن واجبات الإيمان وحقوقه وخصاله كف اليد واللسان وأداء الحقوق للآخرين في الدم والمال وهي قيم أخلاقية عظيمة مما يدل على ارتباطها بالإيمان.
قال – عليه الصلاة والسلام -: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه»([82]).
وزاد الترمذي والنسائي: «والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم».
(ولا يتم الإسلام حتى يحب للمسلمين ما يحب لنفسه ولا يتحقق ذلك إلا بسلامهم من شر لسانه وشر يده فإن هذا أصل هذا الفرض الذي عليه للمسلمين فمن لم يسلم المسلمون من لسانه أو يده كيف يكون قائمًا بالغرض الذي عليه لإخوانه المسلمين. فسلامتهم من شره القولي والفعلي عنوان على كمال إسلامه، وفسر المؤمن بأنه الذي يأمنه الناس على دمائهم وأموالهم فإن الإيمان إذا دار في القلب وامتلأ به أوجب لصاحبه القيام بحقوق الإيمان التي هي من أهمها رعاية الأمانات والصدق في المعاملات والورع عن ظلم الناس في دمائهم وأموالهم، ومن كان كذلك عرف الناس هذا منه وأمنوه على دمائهم وأموالهم ووثقوا به لما يعلمون منه من مراعاة الأمانات فإن رعاية الأمانة من أخص واجبات الإيمان)([83]). كما قال r: «لا إيمان لمن لا أمانة له». وقد ورد أن استقامة اللسان من خصال الإيمان. قال – عليه الصلاة والسلام -: «لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه». وقال: «لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يحزن من لسانه»([84]).
وإن من كمال الإيمان وواجباته أن يكون المرء ذا لسان عفيف ومنطق نظيف لا يتكلم بالفحش والبذاءة فلا يلعن لأن إيمانه يوجب عليه أن يجانب هذه الأخلاق السيئة ويتخلق بالأخلاق الحسنة.
قال عليه الصلاة والسلام -: «ليس المؤمن بالطعان ولا باللعان ولا الفاحش ولا البذيء»([85]).
وقال – عليه الصلاة والسلام -: «لا ينبغي للمؤمن أن يكون لعانًا». وفي رواية: «لا يكون المؤمن لعانًا»([86]).
وإن من متممات الإسلام والإيمان التخلق بالأخلاق الحسنة مع المسلمين بترك الأذى لهم أيًا كان وعدم التعرض لهم بلمز أو غمز أو البحث والتقصي لعوراتهم لأن كل ذلك من الأخلاق السيئة التي لا تليق أن تكون في مؤمن.
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال رسول الله r: «يا معشر من قد أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم فإن من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله»([87]).
وقد أدرك سلفنا الصالح رحمهم الله. مدى ارتباط العقيدة بالأخلاق وإن هذا الارتباط بينهما بمثابة الأساس والبناء لذلك عد هذا الجانب الأخلاقي من مكملات العقيدة العظيمة التي بها يتحلون وبها يتميزون عن غيرهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة): (ثم هم مع هذه الأصول يأمرون بالمعروف وينهون المنكر على ما توجبه الشريعة ويرون إقامة الحج والجهاد والجمع والأعياد مع الأمراء أبرارًا كانوا أو فجارًا، ويحافظون على الجماعات ويدينون بالنصيحة للأمة ويعتقدون معنى قوله r: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا»([88]). وشبك بين أصابعه وقوله r: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر» ويأمرون بالصبر عند البلاء والشكر عند الرخاء والرضا بمر القضاء ويدعون إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ويعتقدون معنى قوله r: «أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا»([89])، ويندبون إلى أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك ويأمرون ببر الوالدين وصلة الأرحام وحسن الجوار والإحسان إلى اليتامى والمساكين وابن السبيل والرفق بالمملوك وينهون عن الفخر والخيلاء والبغي والاستطالة على الخلق بحق أو بغير حق ويأمرون بمعالي الأخلاق وينهون عن سفاسفها)([90]).
وقد ذكر أبو عثمان الصابوني أن من عقيدة أهل السنة والجماعة، التخلق بالأخلاق الكريمة والسجايا العظيمة مما يدل على أنها منبثقة من عقيدتهم التي يدينون لله بها ويختلفون بها عن غيرهم من الطوائف المنحرفة. فهم يأمرون (بصلة الأرحام على اختلاف الحالات وإفشاء السلام وإطعام الطعام والرحمة على الفقراء والمساكين والأيتام والاهتمام بأمور المسلمين والتعفف في المأكل والمشرب والملبس والمنكح والمصرف والسعي في الخيرات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والبدار إلى فعل الخيرات أجمع وإتقاء شر عاقبة الطمع ويتواصلون بالحق والصبر)([91]).
وقال ابن القيم رحمه الله: (حسن الخلق هو الدين كله وهو من حقائق الإيمان وشرائع الإسلام... وقال الدين كله خلق ومن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين)([92]).
قال أبو العتاهية:
ليس دنيا بغير دين وليس الدين


إلا مكارم الأخلاق([93])

وقد ذكر ابن هذيل أنواع الآداب فذكر منها أدب الإيمان (وأدب الإيمان ما جاء به الشرع من المحاسن المكملة في الأخلاق والأقوال والأفعال)([94]) انظر كيف جعل تلك الأخلاق والأقوال والأفعال من الإيمان وسماها آدابًا إيمانية مما يدل على ارتباط أخلاقنا بعقيدتنا.
وإننا نجد أن بين العقيدة والأخلاق ترابطًا قويًا لا ينفصل عنها بحال.
قال تعالى: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ *‏ وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [الأنعام: 151-153].
(ذلك هو الميثاق الأخلاقي الشامل الذي يلتزم به المؤمن إتباعًا لصراط الله المستقيم فهو إذن جزء من العقيدة مرتبط بها ارتباطًا أساسيًا لا ينفصل عنه بحال)([95]).
ومما يدل على أن العقيدة والأخلاق بينهما علاقة قوية هو ما أن يستقر الإيمان في القلب حتى يثمر أخلاقًا عظيمة نابعة من ذلك الإيمان فتجد المؤمن للخيرات باذلًا وعلى المخلوقات مشفقًا راحمًا وعن الفواحش والمنكرات مباعدًا فهو للحقوق مؤدٍ يتبرأ قلبه من الأحقاد والأغلال ولسانه من الأقوال المخالفة للشرع.
قال ابن سعدي رحمه الله مبينًا ذلك أحسن بيان:
(ومن ثمرات الإيمان الصادق أن يقوي الرغبة في فعل الخيرات والتزود من الأعمال الصالحات ويدعو إلى الرحمة والشفقة على المخلوقات وذلك بسبب داعي الإيمان وبما يحتسبه العبد عن الله من الثواب الجزيل.
(ومن ثمراته أيضًا أنه ينهى عن الشرور والفواحش كلها ما ظهر منها وما بطن ويحذر من كل خلق رذيل.. فهذه الأخلاق الحميدة هل يتوصل إليها بغير الإيمان وهل يعصم العبد من الانحلال الأخلاق المؤدية إلى الهلاك إلا الإيمان؟
وهل أودت بكثير من الخلق الأمور المادية والشهوات البهيمية والأخلاق السبعية. وهبطت بهم إلى الهلاك إلا حين فقدت روح الإيمان وهل تؤدي الأمانات والحقوق الواجبة بغير وازع الإيمان وهل تثبت القلوب عند المزعجات وتطمئن النفوس عند الكريهات إلا بعدة الإيمان وهل تقنع النفوس برزق الله وتتم لها الراحة والحياة الطيبة في هذه الدار إلا بقوة الإيمان وهل يتحقق العبد بالصدق في أقواله وأفعاله ومعاملاته ويكون أمينًا شريفًا معتبرًا عند الله وعند خلقه إلا بالإيمان فكل أساس تنبني عليه هذه الأمور الجليلة سوى الإيمان فهو منهار وكل رقي مادي لا يصحبه الإيمان فهو هبوط ودمار إلا وإن الإيمان يحمل العبد على الصبر على قضاء الله والشكر لنعم الله والشفقة على عباد الله والتخلق بكل خلق جميل والتخلي عن كل خلق رذيل... والمؤمن يكون متصفًا بصفة التواضع للخلق والحق.. سليم القلب من الغش والغل والحقد صدوق اللسان حسن المعاملة وصفة الحلم والوقار والسكينة والصبر والرحمة والوفاء والثبات... فهذه الخصال الجميلة من عقائد صادقة وأخلاق راقية وآداب سامية هل يمكن أن يتصف بها إلا المؤمن حقًا وهي من أكبر البراهين على أن الدين بعقائده وأخلاقه هو الدين الحق...)([96]).




([1])  جامع العلوم والحكم ج1-1/457-458.
([2])  مدارج السالكين ج2/307.
([3])  مدارج السالكين ج2/294.
([4])  صحيح شعب الإيمان 322.
([5])  أدب الدنيا والدين 237.
([6])  فتح الباري ج1/456.
([7])  مجموع الفتاوى ج5-10/369 طبعة العبيكان.
([8])  الرياض الناضرة 74.
([9])  تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان 1/73.
([10]) الظلال ج4/223.
([11]) تفسير ابن سعدي ج2/182-183.
([12]) عين الأدب السياسة وزين الحسب والرياسة 132-133.
([13]) تفسير الكريم الرحمن ابن سعدي ج1/192.
([14]) ابن سعدي ج4/428.
([15]) ابن سعدي ج4/430.
([16]) مختصر تفسير ج المنار 2/68-69.
([17]) تسير الكريم الرحمن ج5/72-73.
([18]) تفسير ابن كثير ج4/101.
([19]) تفسير ابن كثير ج2/70.
([20]) الترمذي 2003.
([21]) أبو داو 799 والترمذي 2002 وأحمد (60-90).
([22]) أبو داود  4798.
([23]) تحفة الأحوذي ج7-13/107.
([24]) الترمذي الحديث رقم 2002.
([25]) أحمد الحديث رقم 6649.
([26]) ابن حبان الحديث رقم 6061.
([27]) فضل الحمد في توضيح الأدب المفرد 333.
([28]) الأخلاق الإسلامية وأسسها ج(2/65).
([29]) الترمذي الحديث رقم 1162.
([30]) الترمذي الحديث رقم 2612.
([31]) البخاري مع الفتح الحديث رقم 6035.
([32]) سنن الدارمي الحديث رقم 2792.
([33]) شرح مسلم.
([34]) شرح النووي على مسلم ج16/111.
([35]) الترمذي الحديث رقم 1316.
([36]) معالم السنن للخطابي ج4/101.
([37]) م/ إسحاق بن راهويه 536 والمستدرك على الصحيحين 428.
([38]) الطبراني.
([39]) أحمد الحديث رقم 6735.
([40]) أحمد الحديث رقم 17767 وحسنه الألباني 791.
([41]) أحمد الحديث رقم 9085 – م/1050 والمستدرك على الصحيحين الحديث رقم 7919.
([42]) الطبراني.
([43]) الدر المنثور ج3/54 وكنز العمال الحديث رقم 33221.
([44]) كنز العمال الحديث رقم 29311.
([45]) الطبراني في الكبير ج1/174.
([46]) الجامع الكبير ج1/174 والصغير الحديث رقم 1771.
([47]) الآداب الشرعية 2/208.
([48]) مسلم والترمذي.
([49]) أحمد ج6/68.
([50]) الترمذي الحديث رقم 3591.
([51]) أخلاقنا 37.
([52]) البخاري الحديث رقم 6012.
([53]) مسلم كتاب الإيمان 76.
([54]) الأدب المفرد 112.
([55]) م/أحمد ج2/352، ج3/206
([56]) البخاري ج1/14.
([57]) جامع العلوم والحكم 103.
([58]) م/ أحمد الحديث رقم 13902.
([59]) البخاري ج1/13.
([60]) البخاري باب 77 الأدب ومسلم 60-61.
([61]) شعب الإيمان الحديث رقم 7727.
([62]) مسلم الحديث رقم 57-58 وأحمد ج2/414.
([63]) الترمذي الحديث رقم 4843.
([64]) الأدب المفرد 357.
([65]) البخاري مع الفتح ج3/163- الحديث رقم 1294.
([66]) مسلم كتاب الزهد والرقائق الحديث رقم 2999.
([67]) سلسلة الصحيحة الحديث رقم 554.
([68]) مسلم الحديث رقم 2559.
([69]) مسلم الحديث رقم 47.
([70]) جامع العلوم والحكم ج1/333.
([71]) مسلم ج1/63 والبخاري ج2/51.
([72]) أحمد الحديث رقم 16672.
([73]) ابن حبان الحديث رقم 4606.
([74]) ابن جرير في تهذيبه وابن عدي في الكامل.
([75]) البخاري الحديث رقم 6018 ومسلم 75-47.
([76]) مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا 30-22.
([77]) البخاري الحديث رقم 2343 ومسلم الحديث رقم 57.
([78]) صحيح شعب الإيمان 83-84.
([79]) صحيح سنن الترمذي الحديث رقم 2117.
([80]) أبو داود ج5/6-4682، والدارمي الحديث رقم 2792، وأحمد ج2/250.
([81]) الفتاوى ج5-10/370.
([82]) الترمذي الحديث رقم 2627.
([83]) بهجة قلوب الأبرار 18، والحديث في الشعب الحديث رقم 4354، وأحمد 3/154.
([84]) جامع العلوم والحكم ج334.
([85]) سلسلة الأحاديث الصحيحة الحديث رقم 235 – الترمذي 2019 – أحمد الحديث رقم 2/366.
([86]) الترمذي الحديث رقم 2019.
([87]) الترمذي الحديث رقم 2032.
([88]) البخاري الحديث رقم 88 ومسلم الحديث رقم 17 في البر والصلة.
([89]) أبو داود كتاب السنة (16-4682) 5/60.
([90]) العقيدة الواسطية 30.
([91]) عقيدة السلف وأصحاب الحديث 86.
([92]) مدارج السالكين ج2/306-307.
([93]) بهجة المجالس ج2/600.
([94]) عين الأدب والسياسة 120.
([95]) دراسات قرآنية 139.
([96]) الرياض الناضرة، 4-5-6-8-9 بتصرف. 

تحميل الكتاب كاملا برابط ميديا فير بي دي اف من الرابط اسفل المقال 


تحميل كتاب بناء الأخلاق PDF رابط ميديا فير من هنا 

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

download pdf books تحميل كتاب pdf

2016